ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 27/07/2012 Issue 14547 14547 الجمعة 08 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

      

كـان الـسلـف الـصالح يتهيؤون في الاستعداد لشهر رمضان المبارك بالأشهر التي تسبقه بالابتهال إلى الله -عزَّ وجلَّ- أن يبلغهم شهر رمضان ومن دعائهم “اللَّهمَّ بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان” وكانوا يجلّون هذا الشهر ويعظمونه، وكان المشايخ وطلبة العلم يوقفون دروسهم وحلق العلم في هذا الشهر للتفرغ للذكر وقراءة القرآن، ومنهم من يعتكف في بيوت الله حتَّى ينقطع لهذا الأمر، ولا يشغله شاغل من أمور الدنيا، وقد أدركت في سنين ماضية رغم قلة ذات اليد عددًا من كبار السن ممن كانوا يذهبون إلى مكة المكرمة في أواخر شهر شعبان ولا يعودون إلا بعد صيام الست من شهر شوال، وكأنهم تزوّدوا بجرعات إيمانية فتجد من التأثير على أحوالهم وسلوكهم وأعمالهم الشيء الكثير وأعرف من رجال الأعمال الذي يحتاج عمله إلى الثانية والدقيقة لمتابعة أعماله وتجارته ولكن حين يأتي شهر رمضان يستودعها الله ثمَّ للعاملين من أبناء أو موظفين، وفي كتب الأثر والسير والتراجم من أحوال السلف وانقطاعهم للعبادة والأعمال الصالحة في شهر رمضان الشيء الكثير والكثير، فماذا عن أحوالنا نحن مع هذا الشهر المبارك؟ تستنفر القنوات الفضائية قواها وتحشد طاقاتها بالإعلانات عن البرامج التلفازية والمسلسلات والمسابقات التي ستعرضها ولا تكتفي بحدود الإعلانات التي تروّج لبرامجها عن قناتها فقط، بل نقلت ذلك للصحف وأعظم من ذلك حتَّى في الشوارع، فهناك إعلانات في الطرقات تملأها القنوات الفضائية وكأنها تريد ملاحقتنا في كلِّ مكان وليس من الحكمة السؤال عن ماذا سيعرض في هذا القنوات فالإجابة معلومة؟! ولا يقف الأمر عند حدود القنوات الفضائية، بل نحن الأساس شببًا وشبابًا نساءً ورجالاً نرى كلاً ينصرف إلى شهواته وملذاته في هذا الشهر، فأهل “البلوت” لهم اجتماعاتهم ودورياتهم ومنها ما يُقام في المساء ومنها ما يُقام بعد صلاة الفجر وحتى الضحى، ومنهم من يشغله بالألعاب الرياضية والمنافسات، وهناك من يتابع المسلسلات حتَّى أضحى هذا الشهر سوقًا جيدة للعمالة المختصة بتركيب الصحون اللاقطة للفضائيات؛ لأنَّ هناك من يستعد لهذا الشهر بتثبيت وبرمجة القنوات و”التشييك” على الصحون اللاقطة وأجهزة الاستقبال، بل وربما تحديث أجهزة العرض المناسبة حجمًا ونوعًا، ومن النساء من تقضيه إلى جانب ذلك بالأسواق، وجلَّ هؤلاء يسهرون ليلاً إلى طلوع الشمس، ولربما حان موعد الإفطار وهم نائمون، فلا صلاة، ولا ذر، وتفويت لصلوات عديدة، وكأنهم غفلوا عن الحكمة من شهر الصوم كما قال تعالي: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} وهناك من يعزم في أول الشهر على تلاوة كتاب الله ويبدأ بالحماس، ثمَّ يفتر حتَّى إذا انقضت العشر الأول وجدت المصحف مركونًا في الرف حتَّى العام القادم، والعياذ بالله! كانت بعض المؤسسات تقوم بطباعة تقويم شهر رمضان يحدد فيه مواعيد الإمساك، وصلاة الفجر ومواعيد الإفطار، وبقية مواقيت الصلاة، ولكننا أصبحنا نرى قنوات فضائية تطبع وترسل مع الصحف دليلاً لبرامجها الرمضانية ومواعيد بثها، ولا يقف الأمر عند أصحاب هذه القنوات الفضائية أنفسهم، بل إن هناك مؤسسات أدركت رغبة هؤلاء المفرطين والمضيعين لروحانية رمضان، وقامت بطباعة أوراق خاصة بتسجيل (لعبة البلوت) وكتب عليها كلمة “رمضان مبارك” وهناك من تكفل بطباعة جدول الدوري الأوروبي والقنوات الفضائية وبرامجها، وأما الوكالات التجارية للمأكولات والمشروبات فهي الأخرى تنشط في هذا الشهر بصورة لافتة وتبدأ حملاتها المزعجة في كلِّ مكان وفي كلِّ حيز وكأن هذا الشهر شهر “تسمين” لا شهر العبادة والتقوى. إنني لست متشائمًا، ولكنني أرى أحوال الناس في هذا الشهر تزداد بعدًا عن الروحانية على خلاف ما كنا نراه في السنوات الماضية، فحتى أصحاب المعاصي كنا نرى عندهم تعظيمًا لهذا الشهر تتبدَّل أحوالهم في شهر رمضان، وتجدهم في حال مخالفة لأحوالهم السابقة في حين نرى من الناس الصالحين، وقد مرّ عليه شهر رمضان، وهو غافل عن إدراك مغانم هذا الشهر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

خاتمة:

من المظاهر الحسنة في الشهر قيام بعض الآباء بتكوين حلقة قرآنية في منزله لأفراد أسرته يقرأ فيه الابن والابنة والزَّوجة وجهًا واحدًا من صفحات القرآن الكريم، ويقوّم الأب تلاوة أفراد الأسرة، وفي هذه الطريقة فوائد عظيمة تتحقق في أجر تلاوة كتاب الله والاجتماع عليه، وتعويد الأبناء على تعظيم هذا الشهر، وتصحيح التلاوة فهنيئًا لهؤلاء.

alomari1420@yahoo.com
 

رياض الفكر
أحوالهم وأحوالنا في رمضان!
سلمان بن محمد العُمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة