ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 29/07/2012 Issue 14549 14549 الأحد 10 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

رجل من دير الزور تحدثتْ إليَّ دموعه وآهاته قبل أن يتحدث لسانه. قال: إنَّ الذي صنعه بشار وزمرته في سوريا لشيء يفوق الخيال، خُذ جزءاً من الصورة يصوِّر لك الصورة بكاملها: أنا رجل من دير الزور تغربت عن أهلي منذ سنوات لأوفر ما يمكن أن نبني به مسكناً متواضعاً لنا وقد تمَّ لي ذلك من خلال عملي في هذا البلد المبارك مكة المكرمة، بنينا منزلاً يُعد جميلاً برغم تواضعه، وشعرت كأنني ملكت الدنيا كلها حينما زرت أهلي قبل الثورة بشهور وقد رأيت وجوههم تتلألأ بالفرحة، وكان والدي أكثرهم فرحاً وسعادة، مع أن الدولة لم توفر لنا من لوازم الحياة المعاصرة إلا أقل القليل، فالكهرباء كانت دائمة الانقطاع، والحصول على بعض ضروريات الحياة مشكلة، أما التهديد الأمني المستمر من قبل أزلام الحكومة فحدِّث ولا حرج، وما زال أهل حيّنا يتداولون قصة عددٍ من أفراد الحي أخذتهم الحكومة ولم يعودوا إلى الآن، إلا واحداً منهم، وجده الناس جثة هامدة عند متجر، يؤكد أصحاب الخبرة من كبار السن أنه رسالة من الحكومة تؤكد أن الآخرين قد قتلوا أيضاً.

أقول: كدت أطير من الفرح لما رأيت سرور أهلي بالمنزل الذي بنيناه بالجهد وعرق الجبين، لقد أصبح ذلك المنزل الآن ركاماً كغيره من المنازل في حيِّنا الحزين، وصفه لي أحد الأقارب قائلا: والله يا أخي إن هؤلاء مجرمون مجانين، لقد ترك الناس بيوتهم هاربين فلما وصلت دباباتهم، قامت بأبشع عملية تخريب وهدم، فهم لا يهدمون البيت فقط، ولكنهم يخرِّبونه بحقد وهمجية ويدكونه دكاً، ولا يتركون فيه شيئاً يمكن أن يستفاد منه، وهنالك بيوت هُدمت على أهلها صغاراً وكباراً، والهدَّامون يفعلون ما يفعلون من الجرائم وهم يضحكون، نعم، يضحكون، يحلف الله ابن عمي أنه رأى «الشبيح الخبيث» يمطر أشخاصًا بالرصاص وهو يضحك ويبدأ بالسب والشتم بأسوأ الألفاظ وأقبحها، ثم يبصق على القتلى، ويضرب من استطاع منهم بحذائه ثم يذهب متبختراً.

لقد فوجئ الشعب السوري بأضعاف ما كان يتوقعه من هؤلاء الوحوش الذين لا قلوب لهم، إن كل مواطن سوري يعرف معرفة تامة سوء الرئيس السوري وعصابته منذ تولت هذه الطائفة الحكم في سوريا، ولكنه لم يكن يتوقع أن يكون السوء إلى هذه الدرجة.

ثم تابع قائلا: ولكنني أُبشرك بشيء مهم، قلت له: افعل بشرك الله بالخير، قال: إن فيما يجري في سوريا من الخير ما لم نكن نتوقع، فقد ظهر تكاتف الناس وعاد منهم من كان بعيداً عن الدين إلى دينه يقيناً وتطبيقاً، وزالت تماماً عقدة الخوف من النظام، وأظهر الناس من الصمود والصبر ما لا يكاد يصدِّقه عقل. ثم قال باكياً: ولكن سوريا الحبيبة تحوَّلت إلى أشباح مدنٍ وقُرى ومزارع، وربما كان هذا عقاباً على سكوتنا عن طغاة مجرمين لا يعرفون رحمة، ولا يخافون رباً، ولا يقيمون من أمور الدين شيئا، على مدى سنوات طوال.

قلت له: إن لديك من اليقين ما يهوِّن عليك مصائب الدنيا - كما أحسبك- وإنَّ الفرج لقادم بإذن الله، وإنما نسأل الله ونحن لفي شهر رمضان أن يكفي الشعب السوري شرّ لصوص الثورات من الذين يطوِّعون القوانين الدولية لمصالحهم غير آبهين بمصائر الشعوب - آمين.

إشارة :

{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

 

دفق قلم
أشباحُ مدن
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة