ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 05/08/2012 Issue 14556 14556 الأحد 17 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

القوة الناعمة التركية والعرب

رجوع

 

سونير كاجابتاي

هل يمكن لتركيا أن تلعب دورًا في الربيع العربي؟ الإجابة هي: نعم ولا في الوقت ذاته! نعم لأن تركيا استطاعت أن تحقق قوة ناعمة جديدة في الشرق الأوسط، فخلال العقد الماضي استطاعت تركيا بعناية أن تبني نفوذها في المنطقة عن طريق بناء شبكات تجارية وإنشاء مدارس على أحدث طراز لتعليم النخبة العربية المستقبلية. ففي استطلاع أخير أجرته مؤسسة بحثية مقرها أسطنبول، كان يهدف إلى قياس صورة تركيا في الشرق الأوسط، وجد أن تركيا هي الدولة الأكبر شعبية في المنطقة.

وكما صرح لي أحد أصدقائي العرب أن «معظم الناس في الشرق الأوسط يرون إنجازات تركيا على أنها يمكن تكرارها في المنطقة، فتركيا في السابق كانت مثلنا، ولهذا نحن نحب هذه التجربة، لأنها تقدم لنا طريقًا للأمام». فالمنتجات التركية أصبحت تهيمن على المحال التجارية عبر المنطقة، كما جسدت المسلسلات التركية أيضًا المرأة التركية المتعلمة في مجتمع فاعل وعصري؛ فتركيا تبدو أنها تقدم نموذجًا جاذبًا يمكن الوصول إليه، كما يقدم الربيع العربي لتركيا فرصة لنشر نفوذها بصورة أكبر.

مع انتشار قوتها الناعمة عبر المنطقة، أظهرت الحكومة التركية تعاطفها مع قضايا المسلمين وقامت ببناء وشائج بين تركيا وبين بعض العرب لم نشهدها من قبل حتى أثناء الحقبة الأتاتوركية ذات الصبغة الغربية في تركيا.

في البداية كان زيادة النفوذ التركي في المنطقة ربما ارتبط بمحاولة تركيا أن تنأى بسياستها الخارجية عن تلك الخاصة بالولايات المتحدة، ولكن في خضم صراعات الربيع العربي، سرعان ما أدركت تركيا قيمة روابطها القوية مع الغرب، لذا إذا ما أرادت أنقرة أن تحافظ على نفوذها في البلدان العربية، يجب عليها أن تثبت أنها أكثر من مجرد دولة غنية مزدهرة بدون أن يكون لها أي قيمة مضافة حقيقية لأمن المنطقة.

كما أدركت تركيا أن قيمتها الاستراتيجية للشرق الأوسط ليس بسبب أنها قوة مسلمة، فالمنطقة بها العديد من مثل تلك الدول، ولكن لأنها قوة مسلمة بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة ولديها قدرة على الوصول إلى حلف شمال الأطلسي «النيتو»، وهذا الإدراك كان حافزًا لإحداث تحول في سياسة أنقرة الخارجية.

وإحدى الأمثلة على ذلك التحول هو القرار الاستراتيجي التركي للانضمام إلى مشروع الدرع الصاروخي الخاص بالنيتو في سبتمبر 2011، وبالمثل فإن ما يهتم به العرب ليس تركيا الدولة المسلمة بل تركيا ديموقراطية. طبقًا لأحدث استطلاع رأي عام عربي، والذي أجراه معهد بروكنجز، ظهرت تركيا الفائز الأكبر من الربيع العربي واختارها العرب لتكون الدولة التي لعبت الدور «البنّاء الأكبر» في المنطقة كدولة ديموقراطية.

ولكن لا تزال هناك الكثير من التحديات للدور المحتمل لتركيا في المنطقة في ظل الربيع العربي، فأولاً تواجه تركيا إغراء العودة للامبراطورية العثمانية؛ فمع النمو الاقتصادي الكبير الذي حققته الدولة التركية في العقود الماضية فإن ذلك جعل الأتراك يشعرون أن تركيا عادت دولة إمبريالية من جديد؛ وبالتبعية، فإن (العثمانية الجديدة) أصبحت العدسة السياسية التي يرى الكثير من الأتراك السياسات الدولية من خلالها. فمن أهم الأفلام التي أنتجتها السينما التركية مؤخرًا، وهو فيلم «غزو 1453»، والذي يمجد العثمانيين على أنهم حكام راشدون، وذلك أدى إلى تضخم الشعور التركي بالقدرة على تحقيق حلم الماضي العثماني.

الرؤية الحميدة من الأتراك لحكمهم العثماني في الشرق الأوسط لا تكاد تماثل ما يتذكره العرب عن الإمبراطورية العثمانية. بالنسبة للعرب فإن العثمانيين كانوا أوصياء عليهم، ولا أحد يريدهم أن يعودوا مرة ثانية ليلعبوا ذلك الدور من جديد. فإذا ما بدأ العرب يرون تركيا على أنها عادت لتشكل كيانًا عثمانيًا جديدًا، فإن أنقرة ستتعرض حينئذ إلى انتكاسة كبرى في طريق سعيها لمحاولة قيادة التطورات السياسية في المنطقة.

(حرييت) التركية

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة