ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 08/08/2012 Issue 14559 14559 الاربعاء 20 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تثور بين الحين والآخر دعوات تطالب بإعادة النظر في إغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة، ويمتد نطاق هذه الدعوات من المطالبة بفتح المحلات عموماً (ما عدا وقت صلاة الجمعة) بدعوى أن ذلك لا يخالف السنة وأنه.....

..... ليس للإغلاق سند شرعي، إلى المطالبة بقصر ذلك على المحلات التي تستدعي الضرورة إتاحتها لكل محتاج في أي وقت مثل الصيدليات ومحلات الوقود أو بقصر الفتح على وقت صلاة العشاء لإمكان تأخيرها، أو بتقصير مدة الإغلاق إلى أقل حد ممكن- وهذه أخف المطالبات. وعلى الرغم من اشتمال بعض الدعوات على آراء منطقية مثل اقتراح الشيخ محمد الجذلاني في حديث إلى قناة (العربية) أن يسمح بفتح محطات البنزين والصيدليات وقت الصلاة لمبررات ذكرها في حديثه، إلا أن التعقيبات المعارضة التي اطلعت عليها في أحد مواقع الإنترنت - وهي عموماً تحت أسماء ورموز تنكرية - تميزت بألفاظ غير لائقة ولا تخدم غرض المعقبين، بل عندما يقارن المطلع بين سطحيتها ومنطق الشيخ فإنه ينجذب عفوياً إلى هذا المنطق.

ومع أن المطالبات بإعادة النظر تختلف في المدى الذي تذهب إليه، إلا أن موقف الهيئات الدينية الرسمية في المملكة ينطلق من رؤية محددة واحدة، وهي التشدد في أمر غلق المحلات التجارية حرصاً على صلاة الجماعة وعدم الاستهانة بها. وهنا أسمح لنفسي بالقول إن هذا منطلقي أيضاً، إلا أنني أجد من غير العدل إصدار حكم عام على جميع المطالبات يفهم منه أن فيها استهانة بصلاة الجماعة أو مخالفة لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام في الأمر بها، لاسيما ما يتعلق بأخف تلك المطالبات وأكثرها واقعية. وأجد كذلك أن التشدد المطلق الذي يغلق باب التيسير قد لا يحقق -في بعض الأمور- نتائج أفضل من النتائج التي يحققها التيسير على الناس، مع ما في التيسير في حد ذاته من فضل. ويبدو -كما أظن- أن أيسر تلك المطالبات يتمثل في تقصير مدة إغلاق المحلات إلى عشر دقائق تبدأ قبل وقت إقامة الصلاة بخمس دقائق، وكذلك في السماح للمحلات بأن تظل مفتوحة بعد صلاة المغرب مدة لا تقل عن ساعتين حسب فصل السنة.. هل في هذا استهانة بصلاة الجماعة؟ لعل المبررات التالية تحمل الإجابة:

1- أن المسافات الطويلة والاكتظاظ المروري في المدن الكبرى تجعل من ذلك مطلباً ملحاً.

2- أن الدعوة إلى تقصير مدة الإغلاق بحيث تبدأ قريباً من وقت الإقامة لا تخالف السنة كما أفهم من البحث المنشور في موقع فضيلة الشيخ عبدالعزيز الطريفي على الإنترنت، حيث جاء فيه في رواية عن سالم عن ابن عمر (أم أن الاسم الصحيح هو سالم بن عبدالله بن عمر؟) أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ثم دخلوا المسجد... الخ.

ولعل ذلك يعني أنهم أغلقوا حوانيتهم عند سماع الإقامة ثم دخلوا المسجد للصلاة -وهي لا تأخذ إلا دقائق معدودة (كما جاء في آخر البحث المشار إليه).

3- أنه لا يمس أداء صلاة الجماعة بسوء -وهي الغاية الكبرى- وعلامة ذلك ما نراه مطبقاً في كثير من -إن لم يكن في جميع- المجمعات التجارية والمكتبية والدوائر الحكومية من أداء مجموعات من العاملين والمراجعين والزبائن لصلاة الجماعة في الأروقة أو الممرات أو الصالات.

4- أنه ميسور التطبيق في كل حي بالمدينة لتعدد المساجد وسهولة الوصول إليها، وفي الوقت نفسه لا يعيق أي أحد من الذهاب للمسجد تلبية للأذان في الوقت الذي اعتاد عليه.

5- أن التشدد المطلوب تخفيفه يتعلق بالمغالاة في طول مدة إغلاق المحلات وليس الإغلاق في حد ذاته - لما تسببه هذه المغالاة من تضييق على قاصدي تلك المحلات من جهة، وإضرار بأصحابها من جهة أخرى.

6- بسبب المغالاة في مدة الإغلاق يقصر الوقت المتاح أمام قاصدي المحلات لقضاء حوائجهم -خاصة أن جزءاً كبيراً من هذا الوقت يضيع سدى بسبب الازدحام المروري الناشئ عن توجههم في وقت واحد بعد الصلاة لقضاء حوائجهم ثم رجوعهم في وقت واحد قبيل أو عند أذان الصلاة التالية، إنهم مضطرون لذلك لأن الواحد منهم (خاصة إن كان مصحوباً بعائلته) لا يرى معنى لأن تأخذ الصلاة المفروضة خمس أو عشر دقائق على الأكثر بينما يهدر أكثر من نصف ساعة أمام محل مغلق.

7- أما الإضرار بأصحاب المحلات -بسبب المغالاة في مدة الإغلاق- فيتضح من حساب مدد الإغلاق في وقت الدوام بعد استخراج عشر دقائق لكل صلاة، إذ لا يخسرون الزبائن فحسب، بل الأجرة التي يدفعونها لموظفيهم بدون مقابل من عمل، ومثل هذه الجزئية تبدو حقيرة ولا يلتفت إليها عند الحديث عن مسألة لها علاقة بأمر عظيم كصلاة الجماعة مع أن الحديث لا يتناول الصلاة نفسها بل مدة الإغلاق التي تسبقها.

8- أنه بإعادة النظر في مدة الإغلاق والسماح بفتح المحلات وقت صلاة العشاء ينتفي المسوغ لإطالة الدوام المسائي في المحلات التجارية ونحوها، مما يسمح للعاملين -لاسيما السعوديين- بالعودة المبكرة إلى منازلهم.

9- أن الأمر بإجابة الأذان -في قصة عبدالله بن أم مكتوم المشهورة- كان رداً على طلبه الإعفاء من الحضور للمسجد للصلاة مع الجماعة لكونه أعمى والطريق غير آمن، ولم يكن أمراً بالذهاب للمسجد في لحظة سماع الأذان، حيث إن الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة للاستعداد لأدائها بالوضوء مثلاً، وهو متيسر في المحل أو بجوار المسجد القريب.. والرأي الأصوب على أي حال هو لأهل العلم.

لكن لا شك أن هناك مشكلة ما في طول مدة الإغلاق وقت الصلاة، والمطلوب حقاً هو استقصاء أبعاد هذه المشكلة ومن ثم معالجتها بالحل العملي الذي ليس فيه انتقاص أو استهانة بصلاة الجماعة.. وهذا هو ما أردت التأكيد عليه في هذا المقال.

 

إرخاء قبضة التشدد في غلق المحلات وقت الصلاة
عثمان عبدالعزيز الربيعة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة