ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 23/08/2012 Issue 14574 14574 الخميس 05 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

يمثِّل هذا الكتاب أحد كتب أبي حيان الباقية من كتبه بعد أن أحرق معظمها كما تقول الروايات، بل إن بعضهم يعدّه أهم كتبه على الإطلاق، والكتاب كما يبدو في المقدمة مكتوب على أثر طلب أحد الوجهاء وهو المسمى أبو الوفاء، الدالة على أبي حيان في وصله بالوزير الذي يبدو أنه سمع بأبي حيان كثيرًا قبل أن يلتقيه كما في الإمتاع والمؤانسة، وتسقط أخباره، كما يبدو أن هذا الوزير معني بالأدب والعلم، وله دراية بهما.

وهذا الكتاب هو خلاصة ما قاله التوحيدي للوزير في خلواته تلك إلى كان يمتعه بها.

والأمر اللافت للانتباه، أن هذا الكتاب بني في بنيته الخارجيّة على نظام الليالي، وهو النظام عينه الذي بنيت عليه ليالي ألف ليلة وليلة، بيد أن هذه الليالي لم تتجاوز أربعين ليلة في حين بلغت ألفًا في الكتاب الآخر، كما أن هذا الكتاب يسعى فيه أحد العلماء الكتاب إلى مؤانسة الوزير - السلطان بمعنى من الأسفل إلى الأعلى كما أن الكتاب الآخر تؤانس به امرأة زوجها، وهي ابنة وزير إلى السلطان، فهو أيضًا من الأسفل إلى الأعلى، وإذا كان سبب ليالي ألف ليلة هو محاولة إشغال السلطان عن قتل بنات جنسها، فإن ما كتبه أبو حيان التوحيدي هو محاولة دفع أبي الوفاء من الوقوع بينه وبين ابن سعدان.

هذا التشابه في بنية الكتابين يجعلنا لا نستبعد الجانب الفني في بناء الكتاب وتقسيمه تقسيمًا أدبيًّا فنيًّا سرديًّا، خاصة وأنه ليس من الممكن على وجه الحقيقة أن تدور أحاديث المجلس في ليلة واحدة على موضوع واحد فيما يتصل بالمؤانسة على وجه الخصوص ولا شكَّ أن الاستطراد والأحاديث يجر بعضها بعضًا وقد يخرج من موضوع إلى آخر ما دام السمر مستمرًا إلا أن الكتاب قد بني بنظام دقيق، إذ جاءت كل ليلة خاصة في موضوع بعينه، ثمَّ إن أبا حيان لم يلتزم بالكتاب بما جاء في المجلس، فقد زاد فيه وحذف منه ونمق، مما أشار هو عينه إلى ذلك حين قال: و»لم يجر الحديث في المجلس على هذا النحو» مما يعني أن أبا حيان قد بنى الكتاب بنية فنية مغايرة عمّا كانت عليه في الحقِّيقة. هذا التغيير والتبديل جعله يطلب من أبي الوفاء المهندس أن يكتم خبر الكتاب، وكأنه لا يريد أن يعلم الوزير أنه استفاد من المادَّة الأصلية لمجلسه فصنع منها مادة أدبية جديدة، وكأنه يستغل تلك المادَّة أو يستقل شأنها حين لم يكتبها على وجهها، كما أنه لا يرغب أن يبدو وكأنه غير مؤتمن على ما يقال في مجلس الوزير من أسرار وليس موضعًا للثقة، وهو ما ربَّما اعتبره أحمد أمين نوعًا من عدم الأمانة دون النظر في الغرض الفني لهذه الزيادة وتلك والاعتماد على الجانب النفعي الذي نصَّ عليه أبو حيان في الكتاب.

وإذا صح أن أبا الوفاء هو صديق أبي حيان الذي تتحدث عنه الكتب، فهل يصح أن يمَّن عليه بهذه العبارة، وبتلك الطريقة، أو أن يساومه على صنع الكتاب بهذه الطريقة، وإذا كان ذلك كذلك من لدن أبي الوفاء الذي لا يبدو أن له من اسمه نصيبًا، فهل سيلزم أبا حيان أن يحبر تلك الأسمار، وأن يزيد فيها، وينقح حتَّى يصنع منها ثلاثة أجزاء تامة تامة، وقد استوت كاملة وذكرت فيها الأحاديث كأحسن مما قيلت، بل إن أبا حيان قد عاد إلى بعض المراجع ونقل منها بعض المعارف توثيقًا للمنقول. إن هذا يدل على أن طلب أبي الوفاء إن صح إنما قد وافق شيئًا في نفس أبي حيان، وقد أخبر به.

 

الإمتاع والمؤانسة«علاقة المثقف بالسلطة» 3-4
إبراهيم بن محمد الشتوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة