ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 09/09/2012 Issue 14591 14591 الأحد 22 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بعد هفوة (!!) محاولة إهانة شيخ الأزهر العالم الإسلامي الوسطي الجليل (الدكتور أحمد الطيب).. أثناء إلقاء الرئيس الدكتور محمد مرسي.. خطابه السياسي الأول في جامعة القاهرة، بإجلاسه في (الصف السادس) من القاعة بينما تربع رؤساء (جماعة الإخوان المسلمين) في الصف الأول، والتي سرعان ما اعتذر عنها هاتفياً للدكتور الطيب..

بأنها خطأ (بروتوكولي) ارتكبته إدارة مراسم قصر الاتحادية - أو العروبة - دون أن يعلم.. بدأت تتلاحق هفوات الرئيس مرسي (المخضوض) وغير المصدق بأنه أصبح رئيساً للجمهورية، يجلس على ذات الكرسي الذي جلس عليه من قبل محمد علي باشا والخديوي إسماعيل والملك فؤاد واللواء نجيب والرئيس عبدالناصر والسادات.. عندما اختصر نضال الشعب المصري الطويل والمعروف ضد الاحتلال والقصر في خطابه بـ(ميدان التحرير) بأنه بدأ في العشرينات من القرن الماضي أي مع (تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928)!! متناسياً ثورات عام 1882م، وعام 1919م، وعام 1952م ومعرضاً بالنقد المبطن لستينات القرن الماضي.. عندما قال (وما أدراك ما الستينات)!! وهو ما أهاج عليه ثوار 25 يناير، وجعل الأستاذ السلماوي رئيس اتحاد الأدباء العرب ينبري للرد عليه في كبريات الصحف القومية (الأهرام) قائلاً: (إن فترة الستينات عند الشعب المصري أيها الرئيس.. ليست مجرد السنوات التي اعتقل فيها - يقصد الإخوان - وإنما هي أهم وأشمل من ذلك بكثير، فهي فترة المد القومي الأكبر حين انطلقت من مصر حركة الاستقلال في العالم الثالث كله.. والفترة التي شهدت قيادة مصر للوطن العربي ولحركة عدم الانحياز العالمية، وهي فترة النهضة الثقافية والفكرية والفنية التي مازلنا نتغنى بها حتى الآن)، ليختتم الأستاذ السلماوي.. تعليقه قائلاً: (لكن الدكتور مرسي على ما يبدو لم يخرج بعد من عباءة الإخوان، ليعرف كيف يعتز بها الشعب الذي قام بثورة يناير رافعاً صور بطلها الراحل في ميدان التحرير)، وليعبر ثانية رسام الكاريكاتير المصري المخضرم الأستاذ جمعة فرحات بـ(لغته) وهو يرسم في صحيفة (الفجر) تحت عنوان: (الرئيس من بيئة ريفية فقيرة).. ومواطنان في ميدان التحرير يقول أحدهما للآخر: (وهوّه الرئيس كان ممكن يتعلم ويدخل جامعة ويسافر وياخد دكتوراه لو ماكانش مجانية تعليم الستينات وما أدراك ما الستينات)!!، على أن الإعلام المصري بـ”قنواته” التليفزيونية والفضائية، وصحافته القومية والحزبية والخاصة المستفز أساساً من اضطراره للتصويت للدكتور مرسي حتى يُخرج مرشح الفلول (الفريق أحمد شفيق) من الوصول إلى رئاسة مصر.. ما كان بحاجة إلى مزيد من استفزازه بمحاولة إهانة الدكتور الطيب بروتوكولياً أو بهذا الابتسار والتشويه لتاريخ مصر النضالي، فقد لاحقه الإعلام بصحفه وقنواته (باستثناء الصحف والقنوات الفضائية الإخوانية) منذأن امتثل لحلف اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية.. بل وبسخرياته عندما كتب شاعر الزجل الوريث لـ (بيرم وحداد) الأستاذ بخيت بيومي.. ناصحاً:

(إلى الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية

قبل ما تدخل القصر الجمهوري.. وتنور

ادخل برجلك اليمين والمجلس العسكري تشكرو والقصر تبخرو)!!

ليضيف الأستاذ حمدي رزق رئيس تحرير مجلة المصور.. بعد أن نبَّش وعلم بأن ولدي الرئيس مرسي مازالا يحتفظان بجنسيتهما (الأمريكية).. قائلاً في مقدمته وقد شم رائحة (المسك) المنبعثة من البخور داخل القصر الجمهوري: (حتماً ولابد أن يتنازل ولدا الدكتور محمد مرسي عن جنسيتهما الأمريكية.. بإرادتهما الحرة، أو بطلب الوالد أو حتى بطلب المرشد (المقصود.. لجماعة الإخوان المسلمين)، ومضيفاً: (عجباً!! أمريكان في مقر الاتحادية.. تلك مصيبة. كيف يؤتمنان على أسرار الدولة العليا، ووالدهما هو القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية)..!؟

***

لقد كان ذلك كله - وربما كثير غيره - مما حدث ولم تلتقطه عدسات الأستاذ كروم حسنين في صفحته “مصر اليوم” من تلك الصحيفة التي اخترتها، وأسعدتني ببانوراما تغطياتها لما يحدث في بلد ربيع الحرية (الثاني.. توقيتاً، والأهم عربياً واستراتيجياً): مصر.. في العشرة أيام الأولى.. من دخول الرئيس مرسي إلى قصر الاتحادية أو “العروبة”؟!

أما ما حدث بعد تلك الأيام العشرة، وروته (الصفحة).. فقد كان شيئاً أقرب إلى الزلزال، وبدرجة 5,8 بمقياس مرسي (!!) كما قال أحد محرري صحيفة حزب الرئيس (العدالة والحرية).. وإن كان من باب التأييد له!! وقد بدا من خلاله وكأن الرئيس الدكتور محمد مرسي.. استرد أنفاسه بعد تلك الفترة القصيرة وتجاوز (خضته) و(ربشته)، وأصدر قراره الجمهوري الأول بـ(عودة مجلس الشعب الذي أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بحله)، وهو ما يعني رفضه حكم (المحكمة الدستورية العليا).. ليستقبله الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل وأعضاؤه من (حزب العدالة والحرية).. مهللين مرحبين، مع استلامهم لدعوة عاجلة من الدكتور الكتاتني.. لحضور أعضاء المجلس جميعاً لجلسته الأولى في اليوم التالي، ولتثور في المقابل ثائرة قضاة مصر ومحاموها.. لهذا التعدي الصارخ من قبل رئيس الجمهورية على حكم المحكمة الدستورية العليا،وهو الذي حلف اليمين قبل عشرة أيام أمام جمعيتها.. باحترام “الدستور” و”القانون” و”النظام الجمهوري” إلى آخر ما في اليمين الدستوري، الذي على الرئيس أن يحلفه قبل أن يتسلم مقاليد منصبه، ليتولى رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند.. باسم القضاة والمحامين جميعاً التصدي لقرار رئيس الجمهورية الدكتور مرسي بـ(إمهاله ستاً وثلاثين ساعة.. أي يوم ونصف يوم للتراجع عن قراره، الذي وصفه بأنه أسوأ من هزيمة يونيو 1967م)، ولترفع فور ذلك (دعاوى قضائية تطالب بعزل وحبس الرئيس لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي)!!

ومع أن الرئيس مرسي.. تراجع قبل مضي الستة والثلاثين ساعة.. إلا أن أنصاره من جماعة الإخوان المسلمين، وبتوجيه من “مكتب الإرشاد الإخواني” (اتخذوا قراراً بالتظاهر والاعتصام بكل ميادين محافظات الجمهورية كنوع من الضغط لدعم قرار الرئيس محمد مرسي بعودة البرلمان للانعقاد، وللمطالبة بإسقاط الإعلان الدستوري المكمل).. لكن هذه الضوضاء الإخوانية لم تجد قبولاً حتى عند الرئيس مرسي نفسه.. الذي أكد تراجعه عن قراره الجمهوري والامتثال لحكم المحكمة الدستورية العليا الملزم لجميع السلطات و(لم التعابين.. من الشارع) كما يقول الأشقاء المصريين، خاصة وأن الإخوان وجماعاتهم وأنصارهم من حزب النور.. قد أخذوا منذ أن استقر الرئيس مرسي في قصر الاتحادية.. يسممون الشارع ضد أنفسهم من خلال تلك الحوادث الغريبة على المجتمع المصري وحياته وتقاليده.. كحادثة قتل طالب الهندسة أحمد حسين (لأنه كان يمشي مع خطيبته في الشارع من غير محرم)!! أو كحادثة (قتل الشابين الموسيقيين في أبو كبير)!! أو كحادثة (قطع أذن مواطن قبطي في الصعيد على يد مشايخ).. ليفتي أحدهم بـ(إن الصلح خير) بدلاً من المطالبة بسرعة محاكمة الجناة، وليعلق محرر روزاليوسف الأستاذ محمد الرفاعي ساخراً (ويا بخت من نام مقطوعة ودانه.. ولا بات غالباً)!!

لقد تعجل الرئيس الدكتور مرسي.. في إشباع شهيته أو شهية (الإخوان) في حكم مصر على وجه الدقة.. خلال تلك العشرة أيام الأولى من أيام حكمه، بـ (موقفه) - أو موقف إدارة مراسمه غير المحسوب - من شيخ الأزهر.. و(قراره) بعودة البرلمان المنحل دستورياً للانعقاد، وإذا كان قد دُفع ثمنهما فوراً، بضغوط الإعلاميين والقضاة والمحامين وجماهير المصريين المتشككة في حكم الإخوان.. (اعتذاراً) لشيخ الأزهر، و(تراجعاً) أمام قضاة مصر ومحاموها..!! فإن ما حدث خلال تلك الأيام القلائل.. كان كافياً للمصريين.. لمعرفة ترتيب ولاءات رئيسهم بين (الوطن) و(الجماعة)..!!

***

لكن الرئيس الدكتور مرسي لم يستسلم لما حدث له في شهر يوليه.. ليقوم في الثاني عشر من الشهر الذي يليه - أغسطس الماضي - بإصدار سلسلة من المراسم أو القرارات الجمهورية الإيجابية والمتحفظ عليها.. كـ (إلغاء المجلس العسكري الأعلى وإحالة زعيميه: المشير طنطاوي والفريق عنان إلى التقاعد)، وإلغاء (الإعلان الدستوري المكمل) بما يضمن له عودة سلطة التشريع إلى قبضته في غياب البرلمان المنحل، وهو ما مكنه من تعيين وزير بديل للحربية.. بل ورئيس للوزراء ونائب وحيد له بدلاً من الثلاثة الذين كان يتحدث عنهم أيام معمعان انتخابات الإعادة بينه وبين (شفيق): مسلم وقبطي وامرأة.. على أمل أن يأتي الدستور الجديد - الذي مايزال في علم الغيب - بـ(نظام رئاسي) يدعم تلك القرارات، أو أن تأتيه الانتخابات البرلمانية الجديدة بمجلس نيابي كذلك الذي تم حله دستورياً بما يمكنه.. من (قوننة) تلك المراسم الجمهورية.. والمضي قدماً، إلا أن الأحزاب والجماعات والنقابات المهنية والعمالية.. أدركت وهي تتأمل اختيارات الرئيس مرسي الشخصية بأنها لم تخرج عن دائرة (جماعة الإخوان) قرباً وبعداً.. وهو ما جعل الصحافة والقنوات الفضائية الخاصة (باستثناء الإسلامية منها) تطلق شعارات التحذير من (أخونة الدولة وسلفنتها ووضع العمة والسيف على مداخل الوطن)، وهو ما سيحشد جموع المصريين في مواجهته.. عند الاستفتاء على الدستور الجديد - إن كُتب بهذه الجمعية التي لما يُفصل بعد في دستوريتها - وعند انتخاباتهم للبرلمان الجديد..!! لتبقى محاولة معرفة مصر (الجديدة).. وتوجهاتها محلياً وعربياً ودولياً، بعد هذا الصيف الذي ولى.. ضرباً من ضروب (الكهانة).. لا يقوى عليه إلا (المنجمون) والعرَّافون..؟!

dar.almarsaa@hotmail.com
 

يوميات صيف مضى!! 2 ـ 2
د.عبدالله مناع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة