تكتنف المشاريع الوطنية الجديدة تحديات وصعوبات جمّة، ومن أشد ما يواجهها بعض الأفكار الصلدة الرافضة للتجديد! ولو عدنا لبداية أيّ منجز وطني أو فكري أو إصلاحي، لوجدنا ثلّة من الناس ترفضه وتقاوم التغيير إما بدافع الخوف أو الجهل أو كليهما. ولنا في بداية الدعوة الإسلامية خير دليل حين رفض صناديد قريش الاعتراف بها!

ولعلّ ما تواجهه جامعة الأميرة نورة من هجمة شرسة من لدن البعض، يؤكد حالة الخوف والجهل التي تسيطر على بعض العقول فيفقدها الموضوعية والتثبُّت، وبالتالي الانسياق وراء مقولات محتقنة هدفها الإثارة والتلبيس على الناس!

ومثيرو الفتن هم أولئك الذين يريدون أن تسير الجامعة على نسق كليات البنات القديم، من حيث التقليدية في القبول والنمطية بأسلوب التعليم التلقيني غير المعرفي، فضلاً عن العلاقة الضبابية بين الطالبة الجامعية وأستاذتها التي تدرِّس طالباتها، فلا تريهن إلاّ ما ترى دون مناقشة أو حوار بنّاء! لتتخرج الطالبة معلمة فقط تعيد نفس النسق مع تلميذاتها في التعليم العام! بينما جامعة الأميرة نورة الحديثة تفتح من خلال كلياتها العلمية والنظرية آفاقاً من التعليم الجامعي النوعي، لتتحوّل الطالبة إلى شريك أساسي بعملية التعليم واتخاذ القرار، سواء من خلال مجالس الطالبات أو عبر اللقاءات الحوارية مع عميدات الكليات أو مديرة الجامعة ذاتها.

إنّ المتتبع لخطوات إدارة الجامعة يشعر بالطمأنينة على مصير جيل مقبل من الطالبات، بعيداً عن القمع الذي مارسه التعليم العالي في بعض جامعاته وكلياته ردحاً من الزمن، فضلاً عما تزرعه الجامعة في طالباتها من انتماء للوطن بالانخراط بالعمل التطوعي والشراكة والمسؤولية الاجتماعية.

ومَنْ منَّ الله عليه بقبول بناته أو إحداهن في هذه الجامعة وانضمامهن إلى طالباتها، يحمد الله على ما تحظى به أولئك الفراشات من عناية منذ دخولهن بوابتها وحتى وصولهن لقاعات الدراسة المتطوّرة المعتمدة على التقنية، ومنها الإضاءة والتكييف التلقائي حين الدخول والخروج والتحكُّم في مساحات القاعات، عدا عن الوسائل الحديثة في التعليم وبأرقى مستوى. وخارج القاعات تستمتع الطالبات بترفيه منقطع النظير في الأماكن المخصصة لتناول الوجبات على مساحات متسعة ومريحة، عدا عن ممارسة أنواع الرياضات المختلفة من سباحة ولعب كرة السلة في صالات مغلقة ملحق بها جبل التسلق وألعاب إلكترونية تناسب أذواق الطالبات. وعند التنقل بين الكليات تستخدم الطالبة القطارات المجدولة التي تشكِّل عقداً على جيد الجامعة فلا تشكو الطالبات تعباً ولا وصباً، فضلاً عن اختصار وقتهن الثمين!

أما عن التعليم - هاجس الجامعة وهدفها - فإنها تسعى جاهدة لاختيار الكفاءات التعليمية، وتحرص على استقطاب الكوادر البشرية والتدقيق فيها، وإعادة تقييمها كل فترة، لضمان مخرجات قوية وكفاءة عالية، بما يرضي طموحات الطالبة الجادّة وأُسرتها، ويحقق تطلُّعات الوطن وقيادته الحكيمة التي زرعت هذه الجامعة في قلب الرياض، فكان نابضاً بأنفاس الفتيات صباحاً، مترعاً بآمالهن مساء حين يغادرن جامعتهن، ليعدن لأُسرهن يحملن كل يوم خبراً جديداً عن منجز حديث يسرّ النفس ويشعرها بقدوم الخير، واستمرار النماء لبلد يستحق أن يكون حضارياً؛ بتكريمه المرأة ورفع قدرها ومنحها الفرصة؛ لتشارك في بناء هذا الوطن الحبيب في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله رفع الله قدره، كما رفع من مكانة المرأة وأعلى قدرها وأرسى لها جامعة هي طالع السعد في جبين مدينة الرياض والمملكة بأسرها.