ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 16/09/2012 Issue 14598 14598 الأحد 29 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هم خير أمم الأرض وأصحاب القرون المفضلة، وفي مقدمتهم الصديق أبي بكر رضي الله عنه، فهو عند المسلمين السنة - وهم أغلبية الأمة - أفضل الصحابة وصاحب الغار والخليفة الأول،

في المقابل نجد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عند المسلمين الشيعة هو أفضلهم والوصي على ميراث النبوة. وبين الخليفتين الراشدين تتجلى شخصية الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه متميزة بذاتها، ومتفردة بين الصحابة الكرام، ولها النصيب الأوفر من حديث التاريخ الراشدي واستشهاد الواقع الإسلامي بسير ومواقف ذلك الطراز الفريد بين البشر، الذي نقل الدين إلينا وحمل مشاعل الهداية إلى العالم وأسس حضارة إنسانية عريقة.

فلماذا تبدو (الشخصية العُمرية) نموذجاً بين الناس واستثناء ًعبر التاريخ؟ رغم أن الفاروق بجلالة قدره وعظمة فضله يُقر بأسبقية أبي بكر وأفضليته عليه فكان ظله ووزير خلافته، كما يعرف لعلي بن أبي طالب مكانته في الإسلام وعلو منزلته على الصحابة، ما جعله وزيره الخاص الذي يُدير معه شؤون دولة الخلافة ومصالح الأمة.

لماذا سيرة عمر لها رونق خاص عند المتأمل، وطابع مختلف عند الراوي، وحديث شجي عند السامع؟ لماذا اسم عمر ُيبهج نفوس محبيه، ويزين أغلب حامليه، ويُغيظ كل مبغضيه، ويحطم نفوس معاديه؟ لماذا شخصية عمر هي عنوان الحكم الإسلامي، ومثال الحاكم العادل؟ لماذا شخصية عمر واردة في مصادر المعرفة العالمية، وحاضرة في وجدان الحضارة الإنسانية؟ لماذا ذِكر عمر يعُطر أحاديث الناس، ويستدر عواطفهم ويأسر عقولهم؟ لماذا شخصية عمر تحمل المشاعر المتباينة بين الهيبة منه والفخر به والشوق إليه؟ لماذا آراء عمر هي نماذج الفكر الواعي، ومواقفه شواهد التعامل الراقي؟ لماذا عمر صار فاروق الإسلام وأبرز الأئمة الأعلام؟

كل هذه الأسئلة وغيرها مما يجول في أذهان قراء التاريخ ومحبي السير وعامة الناس تختصرها إجابة واحدة جاءت في مقولة خالدة هي: (لأن إسلام عمر كان فتحاً، وهجرته كانت نصراً، وخلافته كانت رحمة)، ولو دققّت في ثنايا هذه المقولة بين ثنائيات الدين والدنيا، بين الإسلام والفتح، والهجرة والنصر، والخلافة والرحمة، لوجدت أنها كلها تنتظم بسيرة الفاروق رضي الله عنه. فعندما أسلم عمر ظهر الإسلام علناً في موكب عظيم يقوده الرسول صلى الله عليه وسلم أمام مرأى من صناديد الكفر في مكة، وعندما هاجر عمر إلى المدينة كان إعلان التحدي بين معقل الكفر ودولة الإسلام الناشئة، وعندما صار عمر خليفة بدأت أمم الأرض تنهل من نبع رحمة الله الصافي، فدخلت في الإسلام أفواجا مع سقوط دولتي الكفر والطاغوت (الروم والفرس) على يدي جيوش عمر المظفرة، فكان عمر الراعي العملي لنشر القيم النبوية السامية والمبادئ الإسلامية العظيمة التي تجسّد تلك الرحمة.

فلا غرابة إن كان التاريخ قد جعل من شخصية عمر استثناءً، ومن سيرته بياناً، ومن عمله إنجازاً، فعمر تخرّج في مدرسة محمد النورانية (عليه الصلاة والسلام)، ونهل من معينها النقي الطاهر، فتربت نفسه على أعظم الخصال وأجمل الأخلاق وأطيب الأنفس وأصدق الأعمال، فهذا التلميذ المميز من معلمه الفريد في كل شيء، خاصةً أصحابه الكرام عليهم رضوان الله، وهم كالنجوم بأيهم اقتدينا أهتدينا.

moh.alkanaan555@gmail.com
تويتر @moh_alkanaan
 

الشخصية العُمرية واستثناء التاريخ!
محمد بن عيسى الكنعان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة