ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 17/09/2012 Issue 14599 14599 الأثنين 01 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

السعوديون هم الأكثر نشاطا في تويتر بالعالم العربي، وتغريداتهم تشكل حوالي الثلث (كلية دبي للإدارة الحكومية). ويتفنن المشاهير بأساليب جذب المتابعين، كالإثارة والتشويق وتقديم خطاب عاطفي بسيط يدغدغ المشاعر، أو التعليق على غرائب وأخبار جذابة..الخ.

إنما ثمة أسلوب مختلف للجذب انتشر هذه السنة..

إنه شراء أسماء وهمية، تزيد من قيمة الحساب لهذا المشهور مما يحفز أسماء حقيقية للتسجيل فيه. هذه الحالة ليست فقط سعودية ولا حتى عربية، بل عالمية؛ وتحولت إلى ظاهرة مربكة في فضاء الإنترنت. فقد كشفت دراسة بحثية لمركز Barracuda Labs أنه مع بداية هذه السنة ظهر بعض مستخدمي تويتر يبحثون عن التابعين عبر شراء حسابات وهمية. وهذا الاتجاه يتزايد بشكل ملحوظ، مما أدى لظهور تجارة خفية تزدهر على تويتر، وتنمو بسرعة كبيرة لتشكيل سلسلة من الأسواق السرية. ووجدت الدراسة أن سعر الألف تابع يتفاوت حسب المواصفات، والمعدل هو 18 دولاراً، وأن البائع يمكن أن يجني 800 دولار يومياً. وهناك جهات عديدة انخدعت بزيادة أعداد التابعين في الحساب وقامت بعمليات تجارية معه كالشراء من بضاعته أو وضع إعلانات بناء على ضخامة العدد الوهمي. بينما آخرون يشترون التابعين للتباهي وكأنهم أكثر شعبية مما هم عليه.

ومن أطرف ما وجدته هذه الدراسة أنه خلال فحص حساب المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية ميت رومني أكتشف مؤخراً زيادة مفاجئة في أتباعه الجدد، وبفحصها تبين أنه تم شراء هؤلاء الأتباع. وتقول الدراسة أنه من الممكن أن الشراء تم بواسطته أو مساعديه أو من قبل معارضيه لإظهاره بأنه يزيف الحقائق، لأن شراء الأسماء الوهمية يمكن أن يقوم به أي صاحب حساب لوضعه في أي حساب آخر.

الحسابات في تويتر ثلاثة: وهمي ليس لأحد، وخامل غير مستخدم وقد يكون لأناس فعلاً لكنهم هجروه، وحقيقي لأناس حقيقيين. الحساب الوهمي يمكن كشفه بعدة طرق كالاسم المزيف غير المشارك وبلا صورة ولا يتبعه أحد، أو الزيادة المفاجئة في التابعين.. الخ. إنما بائعو هذه البضاعة يستخدمون أساليب عديدة لكي لا يكتشف غش زبائنهم.. مثل التدرج في ضخ الأسماء المزيفة لكي لا تكون مفاجئة تلفت الأنظار، وعمل إعادة التغريد، أو أرسال تغريدات منتزعة.. إضافة لأسلوب تقني جديد يمنع كشف هذه الحسابات.. لكن “كله بسعره!”. لذا يتدرج سعر شراء ألف تابع من دولارين إلى خمس وخمسين دولارا.. كلما ارتفع السعر كلما بدا الحساب وكأنه حقيقي!

أكبر عدد تابعين في تويتر في العالم هو للمغنية الأمريكية الليدي جاجا بنحو ثلاثين مليون تابع. ويأتي بعدها مجموعة من النجوم الفنية في أمريكا، فيما يحتل الرئيس الأمريكي المرتبة الثامنة بنحو عشرين مليون غير مزيفة. وقبل أن ننخدع بالعدد الضخم للسيدة جاجا، أوضحت دراسة من شركة Status People أن حوالي ثلاثة أرباع هذه العدد أما أنه لحسابات خاملة غير مستخدمة أو وهمية تم شراؤها!

أما على مستوى العالم العربي، فالشراء مزدهر والسوق الخفية رائجة، ففي تصريح نشرته “سبق” لمدير شركة تسويق متخصصة في بيع حزم “فيسبوك وتويتر والريتويت” وقناة “يوتيوب”، قال: إن شركته تبيع المتابعين والمعجبين لكل من الرياضيين ورجال الأعمال والشعراء والمشايخ وبعض الوجهاء وأصحاب الشركات والمجلات الإلكترونية، وهم يفضلون عدم الإفصاح عن أسمائهم.

كما كشفت بعض التقارير الصحفية (صحيفة الاقتصادية، مشعل الحميدان) عن أعداد ضخمة لتابعين وهميين لأشهر المشايخ والدعاة السعوديين، وذكرتهم بالأسماء. ومن يفحص حسابات بعض هؤلاء الدعاة سيجد قفزات مفاجئة في عدد التابعين غير منطقية ولا مبررة واقعياً. وكان رجل الأعمال السعودي عبد الرحمن الخراشي أثار هذه القضية كاشفاً لعبة الأرقام الضخمة لبعض الشخصيات المشهورة حين حصل في وقت قصير على عشرات الآلاف من المتابعين الوهميين، مبيناً أن المسألة هي مجرد شراء التابعين.

وإذا كان هذا حال الدعاة فكيف الحال عند الفنانين؟ التقارير تشير إلى أن فنانين يشترون حسابات وهمية، مثل ثامر حسني، هيفاء وهبي، إليسا، نانسي عجرم. وما يغذي هذا الزعم وصول عدد المتابعين إلى الملايين في زمن قصير، أيضاً العديد من المشتركين ينتمون إلى دول مثل الصين والهند، أي ليس لهم أية علاقة بفن هؤلاء أو بالعالم العربي، كما أن بعضهم ليس نشيطاً على الموقع ليصل عدد متابعيه إلى هذا الرقم المبالغ فيه (أم بي سي آكشن).

الأسباب النفعية وراء شراء الأسماء الوهمية واضحة فهي إما تجارية أو دعائية أو للسباق مع المنافسين، أما الأسباب النفسية فهي حسب طلال الثقفي (أخصائي نفسي)، مرض نفسي لشخص مضطرب غير قادر على تحقيق ذاته إلا من خلال هذا السلوك.. شخص يعاني شعوراً بالعجز الداخلي وبالدونية والنقص.. (موقع سبق).

بقي أن نسأل عن مدى إمكانية وجود قانون يعاقب من يضع حسابات مزيفة، خاصة أن هذه الخديعة قد تنطلي على جهات تجارية وتستثمر فيها، مما يعتبر نوع من الغش التجاري؟ حتى الآن لا يوجد مثل ذلك، فإصدار قانون يستلزم وقتاً بينما هذه حالات تتغير بسرعة في النت. ومن الناحية الدينية فقد وصفها عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق قائلاً: “هذا كذب وبهتان مبين، ولا يجوز”، وفقاً لموقع “سبق”.

لاحظ من كل ذلك قدرة الإعلام الجديد في تحويل الوهم إلى حقيقة! فالناس يتوجهون إلى الحساب الأعلى متابعة بأرقامه المزيفة، ليتضخم في النهاية عدد التابعين الحقيقي.. فالحقيقي هنا ينشأ من المزيف! إنما قد يقوم المجتمع الواعي بمعاقبة هؤلاء الذين يزيفون الحقيقة، وقد تفقد تويتر مصداقيتها. ولكي لا نظلم تويتر، فإنشاء حسابات وهمية هو ضد شروط الخدمة فيها. وتويتر لا تكف عن كشف حسابات وهمية، وتعلقها. ومع ذلك، إذا لم تتحرك بشكل أسرع وأكثر ذكاء من بائعي الأوهام، فإن هذه الحسابات الوهمية ستزداد باستمرار مختلطة مع الحسابات الحقيقية، مما يضعف تدريجياً القيمة الإجمالية لهذه الشبكة الاجتماعية، كما أوضحت دراسة دنج.. وهو مما سيكون لها أثراً مدمراً، فعملية شراء التابعين ستزيد من حجم تويتر، لكنها زيادة قد تقضي عليها.. فهل تقضي تويتر على نفسها بأتباعها ومتبوعيها!

alhebib@yahoo.com
 

قصة شراء التابعين في تويتر
د.عبد الرحمن الحبيب

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة