ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 10/10/2012 Issue 14622 14622 الاربعاء 24 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

مع اكتشاف النفط في المملكة.. بدأت طلائع الوافدين تتوالى إلى أرضنا للعمل في مجالات الحفر والتنقيب والإنشاء.. وكان الضيوف الأوائل من الغرب نظراً لخبراتهم الجاهزة في هذا المجال.. ثم ما لبثت جحافل العرب والآسيويين أن توافدت.. واختلط الدم بالدم والعَرَق بالعرق جنباً إلى جنب مع أبناء الوطن.. فأثمر الجهد وتوهجت مشاعل الخير في أرض الوطن لتضيء سماء الجزيرة العربية كلها.. فنهضت الصروح الاقتصادية الشامخة.. وتطوّرت المرافق.. وتكاثرت المنشآت.. وتطاول البنيان.. ولم يكن ليحدث هذا لولا الأيادي الصديقة والشقيقة التي عاضدتنا.. وعملت معنا.. وجنينا جميعاً ثمار الازدهار.. وتقاسمنا وليمة الطفرة سواء بسواء.

وللأسف لم تدم ليالي العسل طويلاً.. فبعد هدوء الطفرة تم إطلاق التصريحات النارية في وجوه المقيمين وساهمت بعض وسائل الإعلام في تعميق المشكلة بتمريرها لبعض الآراء المتطرفة.. وأصبحت صورة المقيم في إطار المتسوّل.. وتحوّل الأشقّاء والأصدقاء من المقيمين إلى خصوم.. وأضحت جنسية المقيم سُبَّة.. وعُلّقت على مشجبه كل أسباب المشاكل الاجتماعية والبطالة والجريمة والإرهاب والانحلال الأخلاقي.

صار بسببها المقيم عابر سبيل.. يمر بمحطته التي هو فيها ويقف بها إلى أن يحين انتقاله إلى محطته الأخرى.. فهو في حالة انتظار لا يفعل شيئاً.. فزمان العابرين زمان عابر.. وحينما يكون الفرد عابراً لا يلتفت ولا يتوقف ولا يدقق ولا يكترث.. وبالتالي فهو لا يتعلّم ولا يتصل ولا يتعرّف ولا يتدخّل.. وإذا زدنا عليها أن عبوره سيكون عبور المترقب الوجل المنتقَص المهدّد.. فهذا يزيد من تركيزه على ما هو فيه ويقمع أي محاولة تَطَلُّع أو رغبة في إبداء أي ملاحظة أو رأي أو طموح.. فتزيد بذلك عزلته ويعيش محاطاً بأسوار عالية هو وعائلته ينفقون من أعمارهم يوماً بيوم.

إن تضييق الفجوة في الحقوق والواجبات بين المواطن والمقيم متطلب أساسي لأي تنمية متوازنة مستدامة.. فالمقيمون يمثّلون ثلث التعداد السكاني في المملكة ويمثّلون ثلثي القوة العاملة.. جعلناهم جزراً بشرية مستقلة وسط مجتمع واحد.. وهذه الجزر للأسف لا تنظر إلى بعضها ولا إلى الوطن الذي احتضنها بالود والاطمئنان، بل بالحذر والتوجس المستمر.

 

أنت
عابرون في بلادنا
م .عبد المحسن بن عبد الله الماضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة