ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 11/10/2012 Issue 14623 14623 الخميس 25 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عذرا هذا اليوم سأكتب من وجهة نظر شخصية ودافع ذاتي واحترام عربي وتقدير إنساني لفخامة الرئيس محمد حسني مبارك بطل أكتوبر الذي أكلته الثورة تصديقًا لقول العقلاء الثورات تأكل أبناءها..

لم يكن يتوقع قائد سلاح الجو المصري وهو واقف بشموخه

أمام قياداته في غرفة يدير عمليات أكتوبر وقد ارتدى الكاب والقميص ذا اللون الأزرق، والموسوم بشرائط النصر والأوسمة والنياشين، ذلك اللون الذي يوحي بانتسابه للقوات الجوية أن ينتهي به العمر بارتداء ذلك اللون ولكن هذه المرة يوحي بانتسابه إلى سجن طرة في مصر بعد تسعة وثلاثين عامًا.

في هذه اللحظات التي يحتفل بها المصريون في حروب أكتوبر المجيدة ويضعون الزهور على قبور محاربيها اكتسح ذاكرتي أكثر مشاهدها إيلاما قتل الرئيس أنور السادات الذي أعلنها ويُنسِب انتصارها إليه أثناء عرض عسكري للاحتفال بها وبالجيش الذي أنجزها، وسجن الرئيس محمد حسني مبارك الذي كان قائدا للقوات الجوية أثناء وقوعها وتتم محاكمته على سرير مريض، وربما كان الطيف الجميل الذي أبى إلا أن يحضر في هذا المشهد الحزين موقف الرئيس مرسي بجانب جيهان السادات ربما كان اعتذارًا من التاريخ الذي يجبرنا أن نستحضر نبل الفرسان المتمثل في إعفاء أمة مصر عن بطل حروب أكتوبر ذي البدلة الزرقاء وسيأتي اليوم الذي تقف فيه قيادات مصر مع أحفاد سوزان ومبارك الذي دوخ أرض وسماء إسرائيل في مواجهات أكتوبر من أجل كرامة مصر والأمة العربية، من ينسى سهره ثلاث ليالي أكتوبر فلم ينم ومصر كلها غارقة في سبات وكأنه حارسها على سريرها المتشكل على خارطة الوطن، وبكل أسف لم تسمح له في نهاية عمره أن يتمدد على سرير صغير ليموت هذا البطل بهدوء..

تأتي الذكرى التاسعة والثلاثون لحرب أكتوبر العظيمة وبطلها ذو البدلة الزرقاء محبوس فى سجن طرة بعد أن ثُاروا عليه وحاكموه وحكموا عليه بالسجن المؤبد ولم يدركوا أنه كان شريفًا قائدًا عظيمًا وهو يترجل أمام رغبة جماهير ميدان التحرير ولم يأمر سلاح الجو بتدمير مصر ولم يوجه الجيش لتفجير مولدات الكهرباء ولا تخريب الجسور ولم يحول بلده إلى ساحات معارك خاسرة، لم يغادر مصر وفي جعبته أطنان الذهب، وكانت كل الأبواب مفتوحة له.

كل ذلك يسأل أين فروسية أهل مصر ونبلائهم والأولى أن يعامل هذا الرئيس الجريح - وهو آخر قائد حي يحمل في طياته احتفالات المصريين في أكتوبر- بفروسية ونبل الفرسان الذي ودعت به فاروقها المخلوع بتكريم مشرف وحرس سلاح وإحدى وعشرين طلقة تحية لتوديعه، فلماذا لاتمن على بطلها بأن ينام هادئًا، لأن الفرسان لاينتقمون من خصومهم فما بالك بأبطالهم ذات يوم، والفارس النبيل الأصيل هو ما يرقى فوق الغضب والانتقام ويؤكد قيم العدالة قبل أحكامها.

إن ما تم إدانة الرئيس مبارك فيه مدة ثلاثين سنة لم تكن عنه بمنأى النخب الإسلاموية التي وصلت إلى السلطة في بلاد الربيع العربي في أيامها الأولى، مما يؤكد أن الواقع يقتضي دبلوماسية تفرق بين منطق المعارضة ومنطق السلطة، فما زالت النخب الإسلاموية تعمل بقانون الطوارئ وتؤكد التزامها باتفاقيات كامب ديفيد والتنسيق مع عدو الأمس في أدبياتها ومازالت معابر غزة مقفلة أمام من تباكوا على مصيرهم بالأمس فاتهموا نظام حسني بالخيانة والخذلان كما أن الفن لم يعد عفنًا كما كانوا يصرخون بل حضارة وتمدنًا ولابد من إكمال مسيرة الفنانين التي لم تكن ترُق لأولئك بالأمس وأصبحوا يفكرون بالاعتذار ممن تمت الإساءة إليه، بل إن الطريقة التي عالجوا بها الإساءة إلى سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم تقتضي الحكمة والروية والتطمين وحماية السفارات الأجنبية والدعوة إلى ضبط النفس وكانوا بالأمس يلهبون الشعوب في الشوارع بشعارات وإعلانات مقاطعة للسلع والتنديد بسحب السفارات والتعدي على السفراء والسفارات والأدهى من ذلك سيطرة كلمات ذات دلالة على خطاباتهم الرسمية لشعوبهم في المناسبات تركز على حفظ الأمن، واحترام التزامات الدولة وعدم المساس بها، وحماية علاقات الدولة الخارجية بغيرها من الدول، ألم تكن هذه سياسة الحكومات السابقة ألم يكن هذا منطقها، وما الذي تغير باختصار؟ والمؤكد أن خطاب الأمس واليوم لم يتغيرا في دلالتهما وأدواتهما وملامحهما مما يؤكد أن الهدف من المعارضة هو الوصول إلى الكرسي وبمجرد الوصول سيتغير الخطاب وينحو إلى جهة العقلانية التي لاتختلف عما كانت عليه والذي يصعب استساغته مسألة قبول المنكرات التي هيجوا الشعوب بسببها وكفروا بها أنظمة الأمس والتجاوز على الحريات العامة وحقوق الإنسان، أو العلاقة مع الآخر التي يرون هيئاتها كفرية وأروقتها زندقة فأصبحوا يتسابقون إليها ليقنعوا الغرب والدول العظمى أنهم سياسيون ولايصلح للسياسة إلا هم والكارثة أن ملايين الناس الذين امتطوهم لبلوغ مآربهم وطموحاتهم ممن نزلوا إلى الشوارع، والميادين والساحات، قبل عشرين شهراً، لم يدركوا أنهم كانوا مخدوعين من حيث لايشعرون بعد اختطاف ثورتهم ليكتشفوا أنهم أمام من يبحث عن صلاحيات أكثر ومسوغات أكبر وشعارات مزيفة. والحقيقة التي لاتقبل شكًا أن مدنية الدولة والدولة المؤسساتية طارت في ليلة القبض على مبارك أكتوبر، الذي اغتالوا أبطاله وسجنوهم وطاردوهمالكارثة أن الأبطال من نشوة النصر نسوا ثغرة الدفرسوار التي مازالوا محاصرين فيها وسيدفعون ثمن ذلك الانتصار ولو بعد حين..

والله من وراء القصد.

abnthani@hotmail.com
 

مَاذا فَعَلْتِ بِبَطَلِ أكْتُوبر (مُحَمَّد حُسْني مُبَارك ) يَاثَوْرَةَ يَنَايِرْ؟
د. عبدالله بن ثاني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة