تحدثنا في هذه الزاوية قبل عدة أسابيع عن التحدِّي الذي تواجهه لجنة المساهمات العقاريَّة في وزارة التجارة حول آلية الوصول إلى السعر العادل لتلك المساهمات المُتعثِّرة منذ سنوات طويلة، وتحدثنا عن الإرادة الحقيقية لدى الوزارة في تصفية أكثر من 200 مساهمة تصل قيمتها إلى أكثر من 40 مليار ريال، وتحديدًا تحدي «اللوبي» غير المعلن لبعض المستفيدين من عدم تصفية تلك المساهمات أو من يرون في تصفيتها ضررًا على نشاطهم العقاري وما يتبع لك من تبعات على قوانين العرض والطلب في السوق وهوامش الربحيَّة لدى صناع السوق العقاري في المملكة.

وبالأمس، أثبتت الوزارة مرة أخرى قدرتها على تجاوز جميع التحدِّيات من خلال دخول لاعبين جدد في شراء تلك المساهمات، وبقوة المال والدَّوْلة وبعيدًا عن المصالح الشخصيَّة، حيث أعلنت لجنة المساهمات العقاريَّة في وزارة التجارة والصناعة بيع أرض مساهمة جوهرة الشرق من خلال المزاد المباشر بين المؤسسات الحكوميَّة المستثمرة وثلاث من الشركات الاستثماريَّة لصالح المؤسسة العامَّة للتقاعد مناصفة مع المؤسسة العامَّة للتأمينات الاجتماعيَّة، ليس هذا فحسب، بل إن سعر الشراء كان بزيادة بلغت 27 في المئة عن السعر في المزايدة السابقة.

إن دخول لاعبين بحجم المؤسسة العامَّة للتقاعد والمؤسسة العامَّة للتأمينات الاجتماعيَّة يعطي ثقة لدى الجميع بأن توجه الوزارة في التصفيَّة حقيقي وذكي جدًا، وكذلك يعطي رسالة إلى السوق العقاري أن زمن احتكار القلة والضغط على الأسعار قد ولى، وأن قواعد اللعبة قد تغيَّرت، وعليه فإنّ المساهمات العقاريَّة المتبقيَّة ستشهد تحوّلاً جديدًا من ناحيَّة وضع الأسعار العادلة لحق المساهمين الأصليين.

وأرى وأتمنَّى أن تكون أبعاد هذا الدخول أكثر من التسعير لتلك المساهمات، وأن يصل مداها إلى أسعار القطاع العقاري ككل من ناحيَّة الوفرة في العرض وتخفيض تضخَّم الأسعار المتعمد، بحيث دخول تلك المساحات الجديدة للسوق ستزيد من العرض بِشَكلٍّ يسهم في كبح جماح ارتفاع الأسعار الممنهج، ويعطي السوق بعض الاستقرار، خصوصًا أن توجه المؤسسة العامَّة للتقاعد والمؤسسة العامَّة للتأمينات الاجتماعيَّة من تلك الصفقة بالتحدِّيد هو التطوير العقاري ضمن خططهم الاستثماريَّة، بمعنى أن الموضوع لن يقف فقط عند مساهمة جوهرة الشرق، بل سيصل إلى مناطق جغرافيَّة أخرى في المملكة، وكذلك إلى مساحات أخرى قد تكون المساهمات المُتعثِّرة أحد أهم الأولويات.