ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 18/10/2012 Issue 14630 14630 الخميس 02 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قال أبو عبدالرحمن: بيَّنتُ كثيراً أن امتداد الأقاليم يكون بأربعة أشياء يتَّسع بموجبها الإقليم أو يضيق، وهي كما يلي: الامتداد الأول: وهو امتداد بمعالم طبيعية تحدُّه، أو بظواهر طبيعية في الإقليم؛ فالسر والتسرير معروفان بحدودهما الطبيعية، والوشوم قديماً معروفة بظواهر

طبيعية على الأرض من غُبْرتها واكتنافها بألوان كُميتية.

والامتداد الثاني: وهو امتداد مناخي، ولا اعتداد به مثل كون أقصى شمال المملكة مناخاً شامِيّْاً.

والامتداد الثالث: امتداد قَبلي تحده مساكن القبيلة؛ وبهذا اتَّسع امتداد الوشم؛ فَشَمِل أقاليم كثيرة.

والامتداد الرابع: امتداد إداري كتولية الخليفة عاملاً له على اليمامة مثلاً - وهي معروفة الحدود -، وَيُلْحِقُ بها بلداناً وأقاليم خارج نطاق الإقليم بسعة القرار الإداري.. والامتدادات الأول والثالث والرابع ينبغي مراعاتها عند البلدانيين إذا التبس عليهم تحديد الموقع الذي أصبح اسمه مهجوراً، وأضرب المثال بقول ياقوت في معجم البلدان: رَوْضَةُ ساجِرٍ بالجيم وهو ماء، وقيل موضع.. قال أعشى باهلة، وقيل شقيق بن جزء الباهلي:

أقرَّ العين ما لاقوا بِسِلَّى

وروضة ساجِر ذات العَرارِ

وقال أبو الندى: سِلَّى وساجر روضتان باليمامة لبني عكل؛ وإيَّاهما عنى سُويدُ بن كُراع:

أشَتَّ فؤادي مَن هواهُ بساجر

وآخرُ كوفيٌّ هوىً متباعِدُ

وقال: ((ساجِرٌ: بعد الألف جيم مكسورة ثم راء مهملة.. قال الليث: الساجر السيل الذي يملأ كل شيئ.. وقال غيره: يقال: وردنا ماءً ساجراً.. إذا ملأه السيل.. قال الشمَّاخ:

وأحمى عليها ابنا يزيد بن مُسهر

ببطن المَراض كلَّ حِسْيٍ وساجِر

وهو ماء باليمامة بوادي السِّرِ، وقيل: ماء في بلاد بني ضبَّة وعُكل وهما متجاوران.. قال عمارة بن عُقيل بن بلال بن جرير:

فإني لعلك ضامنٌ غير مخفر

ولا مكذب أن يقرَعوا سنَّ نادم

وأن لا يَحُلُّوا السِّرَّ ما دام منهم

شريد ولا الخثْماء ذات المخارم

ولا ساجراً أو يطرحوا القوس والعصا

لأعدلهم أو يُوطَأوا بالمناسم

وقال سلمة بن الخرْشُب:

وأمسَوا حِلالاً ما يفرِّق بينهم

على كلِّ ماء بينَ فيد وساجر

وقال السَّمْهَريُّ اللِّصُّ:

تمنَّتْ سُلَيْمَى أن أُقيمَ بأرضها

وإنِّي وسَلْمَى وَيْبَها ما تمنَّت

ألا ليت شعري هل أزُورَنَّ ساجراً

وقد رَوِيتْ ماء الغوادي وعلَّتْ؟

وعلَّق الشيخ سعد ابن جنيدل رحمه الله تعالى بقوله: ((لا اختلاف بين قول ياقوت: (هو ماءٌ باليمامة بوادي السر) وقوله: (ماءٌ في بلاد بني ضبَّة وعُكْل)؛ فهو في بلاد السر، وهو من مياه ضبَّة وعُكل)).. وقال ياقوت: ((سِلَّى بالكسر وفتح اللام وتشديدها ماء لبني ضبة بنواحي اليمامة.. عن نصر)).. وكرر ياقوت ذكرها، فقال: ((سِلَّى بكسر أوَّله وتشديد ثانيه وقصر الألف اسم ماء لبني ضبَّة باليمامة.. قال بعض الشعراء:

كأنَّ غديرها بجَنُوبِ سِلَّى

نعامٌ قاقَ في بلد قِفارِ

غديرهم حالهم كقولهم: جاري لا تستنكري غديري.. يريد حالي.. وقال أبو الندى: أغار شقيق بن جزء الباهلي على بني ضبَّة بِسِلَّى وساجر (وهما روضتان لعُكل، وضبَّةُ، وعديٍّ.. وعُكْل، وتَيمٌ حلفاء متجاورون؛ فهزمهم وأفلت عوف بن ضرار، وحُكَيم بن قُبيصة بن ضرار بعد أن جرح، وقتلوا عبيدة بن قضيب الضبِّي.. وقال شقيق بن جزء:

لقد قرَّت بهم عيني بِسِلَّى

وروضة ساجر ذات العَرارِ

جزيتُ الملجثين بما أزَلَّت

من البؤسى رماح بني ضرارِ

وأفلتَ من أسِنَّتنا حُكَيْمٌ

جريضاً مثل إفلات الحمارِ

كأنَّ غديرها بجَنُوبِ سِلَّى

نعامٌ قاقَ في بلد قِفارِ

ولقد علَّق الأستاذ عبدالله ابن خميس رحمه الله تعالى بقوله: ((ونحن لا نعرف الآن عَلَماً يحمل هذا الاسم باليمامة)).

قال أبو عبدالرحمن: هي في السر، والسر يمامية بالامتداد القبلي، وبعض بلاد عكل يمامية بالقرار الإداري؛ فالمرجع إلى الامتداد القبلي لا إلى اسم اليمامة؛ ولهذا أسلفت قول الشيخ ابن جنيدل في نفي التعارض بين قولي ياقوت، وقد رجَّح سعد أن سِلَّى هي عسيلة السر.. قال: ((ويبدو لي أنه هو الماءُ الذي ذكره المؤرخون باسم سِلَّى، وذكروه مقروناً بذكر خف وذكر ساجر القريبين منه)).. ومثل ذلك قول ياقوت: ((حَقِيلٌ باللام.. قال نصر: واد في ديار بني عُكل بين جبال من الحَلَّة.. والحلة قُفٌّ.. قال الراعي:

جمعوا قُوىً مما تضُمُّ رحالُهم

شتَّى النَّجارِ ترى بهِنَّ وُصُولا

فسقَوْا صَوادي يسمعون عشيَّة

للماء في أجوافهنَّ صليلا

حتى إذا برَّد السِّجالُ لهاتَها

وجعلن خلف عروضهن ثميلا

وأفضن بعد كظومهن بَحرَّة

من ذي الأبارق إذ رعَينَ حقيلا

قال ثعلب: سألني محمد بن عبدالله بن طاهر عن البيت الأخير من هذه الأبيات، فقلت: ذو الأبارق وحقيل موضع واحد؛ فأراد من ذي الأبارق إذ رَعَيْنَه، وأفضن: دفعْنَ.. والكظم إمساك الفم.. يقول كُنَّ (أي الإبل) كظوماً من العطش؛ فلما ابتلَّ ما في بطونها أفضن بحرَّة.. والكاظم من الإبل المطرق الذي لا يجترُّ، وذو الأبارق من حقيل وهما واحد.. والمعنى أنها إذا رعت حقيلاً أفاضت بذي الأبارق، ولولا ذلك لكان الكلام محالاً.. ومثال ذلك كما تقول: خرجت من بغداد من نهر المعلَّى، ومن بغداد من الكرخ، ودخلت بغداد؛ فابتعت كذا من الكرخ من بغداد.. ولولا ذلك لم يكن للكلام معنىً.. وكان بنو فزارة قد أغاروا (ورئيسهم عُيينة بن حصن بن حُذَيفة بن بدر، ومالك بن حمار الشمخي وكانا متساندين.. هذا من بني عدي بن فزارة، وهذا من بني شمخ بن فزارة) على الرَّباب، فغنموهم، وسبوا نساءهم؛ فزعمت بنو يربوع أن عُيينة بن الحارث بن شهاب وبني يربوع أدركوهم بحقيل فاستنقذوهم؛ فقال جرير يفخر بذلك على تَيم الرباب:

تداركنا عُيَيَنةَ وابن شَمْخ

وقد مرَّا بهنَّ على حقيل

فردُّوا المُرْدَفات بنات تَيم

ليَربوعٍ فوارسُ غير ميل

وحدده الشيخ سعد ابن جنيدل بقوله: ((حَقِيل بحاءٍ مهملة مفتوحة وقاف مثناة مكسورة وياءٌ ساكنة ثم لام: جبل غير كبير، ملتف حول بعضه، قمته مستوية، ولونه أصفر.. يقع في ناحية صفراءِ السر الجنوبية الغربية.. إذا جُزت وادي القرنة مع طريق السيارات المسفلت متجهاً إلى الدوادمي والتفت شمالاً رأيته ببصرك منقطعاً من قف الصفراءِ، قريباً منها، ويبعد عن الدوادمي شرقاً ثلاثة وأربعين كيلاً، وهو معروف بهذا الاسم قديماً وحديثاً)).. ويبقى على الشيخ سعد رحمه الله إزالة اللبس بما ذكرته عن اليمامة لا بصفتها إقليماً بمعالم طبيعية، بل بامتداد قَبلي وإداري، وإلى لقاء إن شاء الله، والله المستعان.

 

تَحْدِيدُ الأماكِن حسب الأقاليم
ابو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهرى

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة