ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 19/10/2012 Issue 14631 14631 الجمعة 03 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

قصة فصيرة
قشعريرة الوداع
محمد إبراهيم الشريف

رجوع

 

ها أنت ذا تقف وحيدا مستوحشا يملأك الكدر،وتسمع دبيبا حولك ولا ترى شيئا على الرغم من علمك بخلو المكان من أي أحد يداهمك خلسة الشعور بالعزلة والوحدة إلا أن الدبيب زاد وعلا. وأصبح صريرا في أذنيك تبحث يمينك لا ترى شيئا. وكذلك شمالك وخلف الاشياء. ولا تجد شيئا ترى المكان مجرّداً من الأمكنة والأشياء قاتمة باردة لا تشعر بوجودها حولك. أخافك الصوت وأخافتك العتمة، تملأك من فرحك إلى حزنك، من حقيقتك حتى آخر الأمنيات وبرودة الخوف لم يبعدها هواء أنفاسك الدافئ أصبحت تسمع الدبيب مختلفا في كل أذن، وتلبد المكان بضباب ابيض تغلغل الى داخلك، تحاول أن تقتشع الغيم والعتمة لكنك تعجز لأنك أصبحت تسبح وتطفو في وسط هلامي والدبيب صم أذنيك، تتراءى لك أشباح و أشباح تعرف بعضها لم تستطع ان تحرك أطرافك. الحزن يلفك من كل جهة، بل هو الخوف يحيطك، تشعر بتسرب الهلع إليك، شعور بارد يجتاحك، ويعصر أنفاسك إلى حلقك، الظلام اطبق على عينيك وخفت الضوء تدريجيا، والحزن تسرب الى داخلك أصبحت شفافا يخترقك حتى ضوء شمعة طافية تلتقي كل الخطوط في حدود مساماتك خنقتك العتمة و أجهرك صمت رذاذ الغيوم حولك زادت كثافة الغيم حولك الى أن أصبح لزجا هلاميا بالكامل وانبثق ضوء مبعثر في الهلام تراه في زجاج ثلجي، أصبح الصوت بلا رائحة وحتى الألوان فقدت مذاقها، وشعرت ببرودة أطرافك، وقشعريرة تسري في جسمك. عندها انسلخت أنت منك. ترتفع أنت، وتشعر بابتعادك عن المحيط الخارجي لك فغدوتَ تحنُّ إليك، وابتعدتَ أزمان بينك تنظر وإذا ثنان يحملانك

ويخترقان بك أزمانا في سديم عميق، يغطيه دخان أزرق وتضيئه هالات وامضة تقف أمامك غيمةٌ بحجمك تماماً! تبتلعكَ ثم تتجسّدك تأخذ منها لون شفافيتها والكثافة الحسيّة، وتأخذ منك الحيزّ والنزعة المادية انطلقت معهما في خفة وتركت حدودك هناك، اعتدت شيئا فشيئا وأنت تطفو معهما يصادفكم غمام أبيض وأغبر يخترقك وتتخلله فراغٌ أبيض يشوبه تموجات من ضباب لا نهائي، كل ما فيه هلام أغبر، ومازال الموكب يخترق الفراغ باتجاه مصدر الضوء الذي بلغتموه بعدما تجاوزتم الفجوات الحمراء، وتذبذبت ثم انتشرت في موجات الضوء، واستقبلكم أحدهم وسأل رفيقيك:

- هل انتهيتما من تنقيته؟

- نعم

- فجرداه و حولاه إلى 5000 سنة

وحملاك إلى سديم آخر تملؤه شموس و ظلمات، تفقد فيه كل مقياس وتحيطك دهشة النشوء، تتخلك غيمات بصوت نعيق الزمن، يأخذك التوجس إلى أن تلتفت وتدقق النظر في كل شيء من جديد، وهناك حيث يبدأ الضوء يخفت تلتقي العتمة والضوء في برزخ من العدم يفصلك بين الضوء والعتمة، ويفصلك عنك. يأخذك الذهول إلى احتباس الرؤية في نطاق الفراغ البرزخي فتحيطك زوابع و صدمات تبحث بعدها عن صيرورتك تقفون بعدها عند مسافة خمسة آلاف سنة في التاريخ. وتلقفهم حارس السنة الدائم، خاطب رفيقيك في صيغة آمرة:

- ضعاه في جرادة صفراء

فنقلاك الى جادة النشأة وحشراك في يرقة جرادة، وبعد أيام خرجت تحلق في سماء صافية، وتحط على نبتة خضراء زاهية.

جدة

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة