ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 23/10/2012 Issue 14635 14635 الثلاثاء 07 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

تمثل الذكريات للإنسان مخزون الماضي بكل ما يتضمنه من مواقف مختلفة، لكنها تظل بالنسبة للبعض عائقاً عن مواكبة الحاضر، ربما تسببت في عدم مقدرتهم على العيش بنظرة مستقبلية، وهم من الأشخاص الماضويين الذين يتطلعون إلى الماضي بدلاً من تطلعهم إلى المستقبل، وهناك فعلاً من يعيش في الماضي بكل تفاصيله الدقيقة، فهو يتمثل ذلك الماضي حتى لو أنه يعيش الحاضر بجسده فقط، ولذا نجد أن هناك أشخاصاً كثر من أجيالنا من يتغنون بالماضي القريب. على سبيل المثال تجدهم كثيراً ما يمتدحون أيام البساطة التي كنا نعيشها قبل التغيرات الحضارية الكبيرة التي عاشتها المملكة، عندما كان الطابع القروي يطغى على طبيعة الحياة، فلم يكن هناك كهرباء، ومع ذلك عاش الآباء وعاش بعض من كبار أبناء هذا الجيل ولم يكنوا يشعرون بحاجتهم الماسة إلى الوسائل الحديثة التي تعتمد على الكهرباء وعلى رأسها مكيفات الهواء، وكثير من يطرح: كيف كان الآباء يعيشون دون مكيفات، وتأتي الإجابة على هذا السؤال مبررة: أن حياة البساطة تمثل السبب الرئيس لهذا الأمر، بينما هناك أسباباً تعود إلى التغيرات الحقيقية التي يعيشها الإنسان وعلى رأسها: المباني الخرسانية الحديثة، والطرق المتعددة التي تعتمد على «الأسفلت « وكثرة السيارات، والمصانع التي يظل جزء منها مجاوراً للمدن، إذا لم يكن داخلها، وغير ذلك من الوسائل الحديثة.

بطبيعة الحال، مجمل هذه الأمور ستساعد على تصاعد درجات الحرارة، وقد تأثرت مدن سياحية مهمة مثل أبها والطائف بهذه النقلات الحضارية التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة في أشهر الحر، داخل المدن، فكيف يكون حال المدن الحارة أصلاً؟

الجانب الآخر يرتبط بالتغيرات المناخية للكرة الأرضية، فهناك دورة مناخية، وهناك تقلبات كونية يعيشها كوكب الأرض.

ما علينا، نعود إلى حديثنا عن الذكريات، عموماً الذكريات الجميلة لدى الشخصيات الايجابية تعد حافزاً يدعوهم لمواصلة النجاح وتحقيق أهدافهم، أما الذكريات السيئة فإنها تمثل لهم تجربة استفادوا منها ثم تجاوزوها، محاولين عدم الوقوع فيها مرة أخرى، مبتعدين كلياً عن جلد الذات، وتأنيب الضمير المبالغ فيه، فالضمير الحي يجب أن يقودك إلى الإحساس بخطئك ويجب أن يكون لديك ضمير صاحي يوقظ فيك المشاعر الإنسانية، هذا حق، لكن لا يجب أن يتسبب هذا الضمير في إعاقة طريقك ويؤدي بك إلى عدم المقدرة على مواصلة ذلك الطريق، فجلد الذات المستمر من الأمور التي تتسبب في تدمير الإنسان من داخله، وإحساسه دوماً بأنه شخصية فاشلة، هشة، محطمة.

إذن: نحن أمام قضايا مترابطة بعضها ببعض، الخلود للذكريات الجميلة في بعض الأحيان، أعده أمراً سوياً، مثل لحظات الاسترخاء تلك التي تريحنا من أعباء الحياة في ركضنا اليومي بها، ولكن في ذات الوقت يجب ألا نستسلم لتلك اللحظات للحد الذي تصبح فيه معيقة لنا عن مواصلة طريقنا في الحياة.

أعرف شخصاً عاش مجداً في فترة من فترات حياته - هذا المجد - لا يهم ربما يكون مادياً أو معنوياً «مثل الشهرة» مثلاً، أو خلاف ذلك، المهم أنه فقد ذلك المجد في وقت من الأوقات، ولم يتمكن بعدها من التفاعل مع الحياة وحقائقها، بل ظل أسيراً للذكريات، يتغنى دوماً بأمجاده السابقة، وكأنه يعيشها الآن، ودوماً يردد: «هل نسيتم من أنا»؟

لذا قالت العرب «ارحموا عزيز قوم ذل».

وكان كل من حوله يدرك أن هذا الأمر تحول - داخل نفسه - إلى عقده حقيقية قد تؤدي بحياته، وترديه إلى هاوية المرض النفسي، وبعدها فعلاً لم يتمكن من مواجهة الحياة بالواقع الجديد، وأصبح يضايق من حوله فأودع في مصحة نفسية، هي نهاية حزينة، مأساوية، لا يتمنى أي إنسان الوصول إليها، وآخر ماتت زوجته الأولى بحادث مروري وهي حامل في مولدهما الأول، وكانت بالنسبة له الزوجة المثالية، وتزوج بعدها زوجة لم تلبث معه كثيراً ثم طلقها لأنه لم يشعر أنها مثل الأولى، ثم تزوج الثانية، وطلقها أيضاً بعد سنوات قليلة، وكنت أقول له: أنت لم تعرف زوجتك الأولى بعد والتي اعتبرتها زوجة مثالها، لأنها لم تمكث معك أكثر من أشهر، أثناءها تم الحمل، لكنها لو ظلت معك سنوات ربما اكتشفت أنها إنسانة عادية مثلها مثل باقي النساء، فالأشهر الأولى بين الزوجين غالباً ما تكون فترة مجاملات وتجمل، كل واحد منهما يبدي للآخر أجمل ما فيه، لكن بعد ممارسة الحياة بواقعية بين الزوجين لسنوات تبدأ تأخذ الحياة مسارها الطبيعي، ويبدأ كل منهما يتكشف للآخر، فيبدو على طبيعته الحقيقية دون أي تزييف، ثم تنشأ خلافات طبيعية بحكم أن كل واحد منهما جاء من بيئة مغايرة للآخر، ومن تربية مختلفة.

الذكريات ينبغي أن تكون حافزاً للبناء ومواصلة النجاح، لا أن تكون معول هدم للإنسان.

Kald_2345@hotmail.com - khodare@gmail.com
k-khodare@hotmail.com
 

الذكريات معول هدم أم حافز للنجاح؟
خالد الخضري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة