ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 30/10/2012 Issue 14642 14642 الثلاثاء 14 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

إياكم والتسويف!

التسويف هو تأجيل الأمر إلى وقتٍ متأخر، وأُخِذَت الكلمة من «سوف»، وهي عادة ما يقوله المسوّف: سوف أحل الواجب غداً، سوف أشتري الحاجة الفلانية لاحقاً، سوف أزور فلاناً فيما بعد، وهكذا، إلى أن يتأخر الشيء ويفوت. هذه أشياء بسيطة على الأقل، ولكن يمكن أن يكون التسويف باباً للكوارث، واسألوا القائد يوهان، فسيؤكد هذا بحماس لو كان حياً!

مصيبة هذا الرجل أتت أثناء الثورة الأمريكية في القرن الثامن عشر ميلادي، عندما كانت أمريكا عبارة عن عدة مستعمرات استوطنها الأوروبيون وكانت تحت نفوذ المملكة البريطانية. لما حصلت خلافات سياسية حادة بين المستعمرين وبين بريطانيا الأم ثار المستعمرون على البريطانيين واتهموهم بالظلم والتعسف ضد المستعمرين، وهكذا اشتعلت حرب الثورة الأمريكية عام 1775م تحت قيادة مجموعة من الثوار منهم جورج واشنطن أول رئيس أمريكي فيما بعد واستمرت ثمان سنين وقَتَلَت عشرات الألوف من كلا الطرفين وانتهت بانتصار المستعمرين وإعلان الاستقلال عن بريطانيا وسمّوا الدولة الجديدة الولايات المتحدة الأمريكية.

عندما كانت الحرب مشتعلة حصلت حادثة مدهشة. قاد جورج واشنطن فرقة من الرجال زاحفاً نحو ولاية نيو جيرسي ناوياً أن يفاجيء العدو بهجوم مباغت، وهو هجوم لم يحسب له أحد حسباناً، لأن جيش واشنطن قد خرج من معارك عنيفة وصار شرذمة مجروحة جائعة منهكة، ورغم هذا فقد راهن واشنطن على نجاح الهجمة لهذا السبب بالذات، ولأن أحداً لن يتخيل أن مثل هذه العصابة الضعيفة ستهجم على العدو في عقر داره بهذه الجرأة! أخذ جيشه الصغير وقَصَد المقر العسكري للقائد «يوهان رال» قائد جيش العدو، ويوهان كان في مزاجٍ آخر، فقد صادف ذلك الوقت عيد الكريسمس ويوهان مستمتعٍ بوقته غافلٌ عن هذا الزحف الذي لا يتوقعه أحد، ويوهان لديه جيش مسلح ويستطيع أن يقاوم جيش واشنطن ويقضي عليه لو أراد، ولما كان واشنطن يزحف بجيشه انتبه لهم فلاّح فركض إلى مقر يوهان وقد سبق واشنطن بوقتٍ طويل وكتب رسالة وناولها لخادم القائد يوهان، أخذها الخادم وناولها ليوهان والذي كان منهمكاً في لعب الورق، فماذا فعل يوهان بالرسالة يا ترى؟

أخذها ودسها في جيبه ليقرأها لاحقاً. لقد سوَّف! ذلك أنه استبعد أن يهجم جيش محطم عطشان عليه في مقره في ليلة شديدة البرودة لا سيما وأن يوهان لديه الجيش الأقوى والأفضل عتاداً، فيا له من تسويف بألف تسويف! جورج واشنطن انتظر خروج الصبح ولما بزغت الشمس هجم بجيشه على مقر يوهان ففوجئوا تماماً وخرجوا من المباني التي كانوا نائمين فيها لا يكادون يرون الطريق غير أن الهجمة المباغتة لم تدَعهم يعبئون أسلحتهم ويهيئونها فاضطر يوهان وجنوده للقتال بالسلاح الأبيض والذي لم يُجدِ نفعاً أمام الأسلحة النارية فانهزم يوهان وأَسَرَ واشنطن 900 من جنوده في هذه الهجمة المغامرة وجُرِح يوهان جرحاً بالغاً مات منه بعد وقتٍ قصير.

لما أتوا بالطبيب يعالجه قطع الطبيب جزءاً من ملابسه الدامية ليعاين جروحه وسقطت الورقة من جيب يوهان، فأخذها وقرأها وإذا فيها تحذير الفلاح من هجمة جورج واشنطن، فعض يوهان أصابع الندم وقال قبل أن يموت: لو أنني قرأتها لما حصل لي ما حصل. وقضى الله أمراً كان مفعولاً.

اعتبروا بيوهان، ولا تسوّفوا!

 

الحديقة
بعدين! بكرة! لاحقين!
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة