ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 02/11/2012 Issue 14645 14645 الجمعة 17 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في الأيام الماضية استبعدت كلّ صور شبابنا واخترت صورة واحدة فقط، ظلّت عالقة في ذهني وستبقى ما حييت، لأنها تعبِّر بصدق ودون رتوش أو تصنُّع عن المعدن الأصيل لشباب وطني. الصورة نُشرت هنا في الجزيرة للكشّاف السعودي أحمد السرحاني من منطقة الجوف العزيزة، وهو يحمل بين ذراعيه حاجّة جزائرية طاعنة في السن جاوزت الثمانين من عمرها. أحمد بشهامة ومروءة أبناء البلد لم ينتظر أحداً عندما شاهد المسنّة في حالة تستدعي التدخُّل السريع، فحملها بين ذراعيه النحيلتين وسار بها مسافة اثنين كيلو متر على أرض منى المقدّسة، قبل أن يحملها على عربة لمسافة ثلاثة كيلو مترات، وظلّ يدفع العربة حتى أوصلها لأقرب وحدة طبية. أحمد يمثل نموذجاً فريداً للشباب السعودي الذي يفعل العمل الإنساني بدافع من قيم نبيلة رُبّي عليها، فلم توقفه كاميرات الجوالات الفضولية السارقة لأيّ حدث، بل مضى في أداء مهمّته الإنسانية وسط دعوات المسنّة التي ظلّت تلهج بالدعاء لأحمد ولهذه البلاد الطاهرة وقادتها وأهلها الكرام.

أحمد صنع نموذجاً فريداً ويكفي أنّ هذه الصورة تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، وبتعليقات تحمل إشادات صريحة بهذا العمل الإنساني الذي قام به هذا الشاب اليافع من أبناء المملكة العربية السعودية. الصورة ستظل حاضرة في ذهني، لأنها مصدر فخر لن يمحوها تقادم الزمن عليها، فهي صورة جديرة أن تحفر لتقاسيمها حيّزاً ممتداً في الذاكرة، فهي بحق معبِّرة بصدق عن طيبة أهل بلدي وشهامتهم ونخوتهم وكرمهم وإنسانيتهم.

أحمد السرحاني هذا الاسم البسيط القادم من الشمال الأصيل، قَلَب المعايير ونسف التصوُّرات الجائرة عن شباب بلدي. تلك التصوُّرات المجحفة أخذت لقطات بانتقائية مقصودة وعمّمتها على أنها صورة كل شاب سعودي, اختارت أفعالاً لا تعبِّر إلاّ عن واقع حال فئة محدودة من الشباب المستهترين ووضعتها في واجهة الفترينة، لتقول لكلِّ العابرين هذه نماذج لشباب السعودية ولمن أراد أن يتعرّف أو يستزيد.

شخصياً أرفض كل الصور التي لا تعبِّر إلاّ عن تصرُّفات فئات شاذة موجودة ويزخر بها كل مجتمع إنساني. صور شباب يتسكّع في المولات ويسيء للذّوق العام ويضايق المتسوّقات ويستخدم الألفاظ النابية ويتدثّر بالتقليعات الغريبة، حتى وصل أذى البعض منهم إلى خارج الحدود، فنقلوا صورة لا تعبِّر عن مجتمعنا، ومثلما يقولون الناس ليس لهم إلاّ الظاهر، وما يشاهدونه من خلال هؤلاء الشباب يعطيهم الفرصة ليكوّنوا تصوُّرات مغلوطة عن شباب السعودية، وصور لشباب يمارس التفحيط ويعرِّض نفسه وحياة الآخرين للخطر، وصور لشباب يقضون أوقاتهم في أمور تافهة وآخرين منهم وقعوا فريسة للمخدرات، فخسرهم وطنهم كأدوات فاعلة في البناء. الوجه المشرق لشباب السعودية والذي شاهدناه في عمل أحمد السرحاني سبق لنا أن شاهدنا قبله لقطات لا تقل روعة وجمالاً من شبابنا، وقبل سنوات قليلة عندما هطلت الأمطار الغزيرة على مدينة الرياض وفاضت الشوارع بالسيول واحتجزت بعض الأُسر في المنازل قام الشباب السعودي آنذاك بأعمال تطوعية رائعة، وفي كارثة سيول جدة قبل سنتين كان للشباب والشابات أعمال تطوعية مشرفة.

شكراً أحمد السرحاني فقد أحييت الأمل من جديد، وأجزم أنّ لدينا أكثر من نموذج لشباب متطلِّع وطموح ينتظر فقط حسن التوجيه والدعم ومنح الفرص الحقيقة لرسم صور مشرقة للشباب السعودي.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15
 

مسارات
صورة أحمد السرحاني
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة