ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 03/11/2012 Issue 14646 14646 السبت 18 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

ما أسرع انقضاء الليالي والأيام، بالأمس كنا نستقبل عاماً جديداً واليوم نودعه بما أودعناه فيه من عمل، إما شاهداً لنا أو شاهداً علينا، وهذه سنة الله في الحياة: بداية ثم نهاية شباب ثم هرم قوة ثم ضعف، ولله الحكمة البالغة في تصريف الشهور والأعوام، ومن خصائص الزمن أن ما مضى منه لا يعود.

يقول الحسن البصري - رحمه الله - (يا بن آدم ما أنت إلا أيام كلما مضي يومك مضى بعضك)، والمسلم إنما يحزن عند وداع العام بسبب تقصيره فيه وهو لا يعلم ما الله قاض فيه، يقول أحد السلف (ما ندمت يوماً ندمي على يوم نقص فيه أجلي ولم يزد في عملي). وهذا حال الواحد منا اليوم تعلوه الخشية ويحدوه الأمل، خشية من الله ألا يكون قد أحسن في عامه المنصرم، وأمل في عفو الله ورحمته بأن يعفو عن تقصيره، ورحمة ربنا تسبق غضبه، فحاسب نفسك قبل أن تحاسب كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا)، فالسعيد من وعظ بغيره، فكم من نفس أدركت أول هذا العام ولم تدرك آخره، فالكيس من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، وكل عام نعد أنفسنا بمحاسبتها وكبح جماحها وكفها عن غيها، إلا أن النفس الأمارة بالسوء تتغلب أحياناً على صاحبها لضعف إيمانه وقلة يقينه واستسلامه لنزغات الشيطان وتوهيمه.

أخي المسلم لا تدع الفرصة تفوتك، فالعمل بالختام، فاجعل ختام هذا العام خيراً من سابقه، وأكثر من العمل الصالح، واستغفر لذنبك، وتوكل على الله واسأله المزيد من فضله، وكن مع الله يكن الله معك {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}, وما ازداد العبد من ربه قرباً إلا ازداد عزاً في الدنيا والآخرة، وتذكر وجوه التقصير في جنب الله واعمل على تقويمها والرجوع عنها والتوبة منها، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وافتح صفحة جديدة في عامك الجديد واملأها بالعمل الصالح وتذكر قول الله تعالى {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}.

أخي المسلم أخي الحبيب لئن طويت صفحة من حياتك فأنت في وقت المهلة فاستعد قبل وقت النقلة، فقد جاءك النذير بمرور العام وقبله أعوام وأنت لم تتغير حالك ولم تتبدل أحوالك، فكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وتعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وانظر إلى كثرة من رحل من هذه الدنيا في عام واحد وقدموا إلى ما قدموا وما ذلك منك ببعيد، جعلنا الله وإياك وجميع المسلمين ممن طال عمره وحسن عمله، وممن غفرت آثامه وثقل ميزانه، فاستعد لما أمامك واندم على التفريط في أعمالك، وكن اليوم أفضل من الأمس، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

dr-alhomoud@hotmail.com
المعهد العالي للقضاء
 

محاسبة النفس في آخر العام
د.إبراهيم بن ناصر الحمود

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة