ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 10/11/2012 Issue 14653 14653 السبت 25 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

نفهـم دائـماً إدارة الأزمـــة بشكل مقلوب، إذ نعتبرها سلسلة من الإجراءات تُطبق بعد وقوع الأزمة، أو الكارثة كنقل الجرحى والمصابين للمسـتشفــيـات لعلاجهم ومداواتهم، وإبعاد كل الآثار والمخلفات من موقع الحدث، وإعادة أعمار المنشآت المتضررة من الكارثة، وإعادة الكهرباء والمياه المقطوعة، وتسليم المتوفين لأهاليهم والتهوين من وقْع الأزمة أو الكارثة أو الفاجعة عبر وسائل الإعلام بتصوير ما حدث على أنه قضاء وقدر يجب التسليم به - رغم أن هذا شيء معروف ومُسلَّم أقصد القضاء والقدر-، وأن عدد الجرحى قليل، والمصابين سيتم علاجهم. هذا الفهم لإدارة الأزمة لا يستقيم مع الواقع، فما يحدث بعد وقوع الأزمة ما هو إلا إدارة لكارثة أو فاجعة، في محاولة لإزالة أكبر قدر من الأضرار، رغم أن بعض الخسائر مثل الأرواح لا يُمكن تعويضها، ويبقى التعويض مقصوراً على الممتلكات المادية من كبارٍ وأنفاق وسيارات ومبانٍ وشبكات كهرباء ومياه. إدارة الأزمة بهذا الفهم القاصر والبدائي، تستبعد تماماً اتخاذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة اتساقاً مع قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “أعقلها وتوكّل”، فالاحترازات لا تتنافى مطلقاً مع التوكُّل على الله والإيمان بالأقدار، بل إنها أسباب أُمر الإنسانُ بالأخذ بها.

كارثة صهريج الغاز لم تكن الأولى، وقد لا تكون الأخيرة - لا قدَّر الله - إذا لم تزلْ كل أسباب حدوثها مستقبلاً. تصوروا هذا الصهريج الخطر يتحرك بحرية بين الأحياء، وهو ملغم بالقنابل الموقوتة القابلة للانفجار في أي لحظة، ما أدى إلى كارثة أوقعت باثنين وعشرين قتيلاً، وأكثر من مائة وثلاثين مصاباً، ومثلها كثير تتحرك داخل مدننا وبخاصة المدن الكبيرة والمزدحمة بالسكان دون قيود، علاوة على الشاحنات التي تجوب المدن وتخلق الاختناقات داخلها وتقودها عمالة غير مدربة. هذه الشاحنات تحمل مواد بناء وحديداً وأنابيب عملاقة، وسقوطها قد يُسبب كوارث وفواجع، وقد تُؤدي كابلات الكهرباء المكشوفة في بعض الأحياء لحالات الصعق الكهربائي، والتسرب في أنابيب المياه الضخمة، أو حدوث انفجار في أحد خطوطها الرئيسة قد يُغرق أحياء بكاملها، والبشر يتحركون بين هذه القنابل الموقوتة كالأمواج، لا يدرون ماذا تُخبئ لهم الأقدار، فما الاحتياطات والإجراءات والاحترازات التي تم ترتيبها حتى لا تُهدد هذه القنابل الموقوتة سلامة السكان؟

جهات كثيرة مسئولة ومعنية بهذه الأمور، مثل الدفاع المدني وهيئة الأرصاد وحماية البيئة ووزارة المياه والكهرباء وأمانات المدن وشركة الغاز وجهاز المرور، فهل عملت الترتيبات لإدارة الأزمات أي محاولة لنقل مفهوم إدارة الأزمة من أثناء وبعد الحادث، إلى ما قبل وقوع الحادث بزمن طويل؟

المفترض استحداث إدارات تُخطط لمواجهة الأزمات في كل جهة معنية، وبذل كل الوسائل لتوفير الحماية من الأخطار. هناك إجراءات كثيرة منها إلغاء الاعتماد على ناقلات الغاز الضخمة واستبدالها بشبكة ذات جودة عالية لنقل الغاز من مصادره تمنع أي احتمالات لتسرب الغاز، ومنها مراجعة شبكات المياه والصرف الصحي الحالية لتوفير الاحتياطات خصوصاً عند هطول الأمطار الغزيرة، ومنع الشاحنات من دخول المدن ووضع بدائل لتكون نقاط تجمُّعها خارج المدن، وإعادة إنشاء الكباري المتصدعة، وتطبيق عقوبات رادعة على مخالفي احتياطات الأمن والسلامة.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15
 

مسارات
إدارة أزمات لحماية المدن من الكوارث
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة