ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 11/11/2012 Issue 14654 14654 الأحد 26 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

خلال الإجازة الماضية قضيت بعض أيامها في دبي في زيارة عائلية, كنت خلالها أتواصل بأخبار الوطن عبر التويتر؛ هذه النافذة التقنية العجيبة أشبه بمارد السندباد ينقلك عبر لوحة المفاتيح وشاشة صغيرة متحركة إلى أي بقعة في العالم في تواصل مباشر.

من تغريدات الأصدقاء عرفت عن انفجار شاحنة الغاز المسال وضحاياها في الرياض, وعن الطلقات النارية التي حولت العرس حريقاً ومأتماً في عين دار, وعن القبض على المفحط القاتل, وعن أحداث أخرى محزنة ومغضبة ومفرحة ومثيرة للتأمل تفاؤلاً وتشاؤماً ودعاء. تأملٌ استثار شجن الأسئلة: لماذا لا يلتزم فردٌ ما بالتعليمات الوقائية أو بالقانون فيسبب مقتل العشرات ودماراً في الممتلكات وخسارة مادية تصل إلى مئات الملايين؟ لماذا يتجمهر عشرة آلاف في موقع كارثة معطلين وصول الإغاثة للضحايا؟ لماذا يفقد بعض الناس حسهم الإنساني ليتنادوا للبحث عن غنائم في موقع كارثة مبكية؟ لماذا يطلق الرصاص ابتهاجاً وهذا التصرف ممنوع رسمياً؟

في ذات الوقت استوقفني سؤال متألم أضافه صحفي يعشق الوطن وتناقله المغردون: لماذا نتحسس من أخبار الجيران؟ مستثيراً إجابات متفاوتة, جادة ومتندرة, تقارن الحال بين مواطني هذا الجانب وذاك؛ منها ما يركز على جانب الغبطة ومنها ما يركز على جانب جلد الذات. وربما لكوني في دبي وقتها شعرت أنني في قلب السؤال أبحث عن جواب. هل نحن فعلاً نتحسس؟ لا أظن أنه التعبير الصحيح، ففي التحسس جانب سلبي وأنا شخصياً أتمنى الخير لكل مواطني الخليج والعرب والمسلمين وأسعد أن أراه أو أسمع به. ربما التعبير الصحيح هو التساؤل؛ منذ أول خطوة في مطار الجيران: لماذا التصرفات السائدة تختلف؟

لماذا الوجوه - حتى الرسمية منها عند أول وقفة أمام الجوازات- مرحبة مبتسمة؛ ونحن اعتدنا أن لا تعبر إلا عن التجهم والبعد عن محدثها؟ لماذا كل نقاط فحص الجوازات تعمل متزامنة وليس هناك طوابير متراكمة أمام ضابط واحد بينما النقاط الأخرى فارغة؟ لماذا لا نرى عشرات من حملة العفش متجمهرين حول سير الحقائب؟

لماذا لا تجد تزاحماً وتدافعاً في أي موقع عام بل ينتظر كل فرد دوره في السرا بهدوء؟ لماذا كل زائري البلد يحافظون على النظام ويعرفون القانون ويلتزمون به؛ ومن لا يلتزم به يتعلم سريعاً أن لا مجال للتغاضي عنه؟

ويتكثف السؤال الحميم جارحاً كشوكة: لماذا «هنا.. في دبي» يتصرف مواطنو بلدي بطريقة حضارية لا يطبقونها «في بلدنا هناك»؟

«لماذا» المقارنة هذه تظل تطرق أبواب الوعي في كل خطوة حتى عودة الزائر إلى المطار مغادراً ومودعاً بنفس اللطف والاحترام الذي استقبل به.

أذكر قولاً متداولاً ينصح الغريب بحكمة: «حين تزور روما, أفعل ما يفعله الرومان». بمعنى تصرف كما يتصرف أهل البلد لكي لا ترتكب خطأ يبدي جهلاً أو حماقة أو خروجاً عن المعتاد! في دبي التصرف المتوقع والمقبول محدد بالقانون, و»المعتاد» هو الالتزام بالقانون وتوقع العقاب عند التجاوز!

لماذا إذن يجد بعض المواطنين في بلدي الغالي أن القانون لا يعنيهم وأن لهم حق التصرف الفردي حتى لو كسر كل القوانين والأنظمة الوضعية والإنسانية؟

لماذا يا وطني لا نطبق أن حب الوطن هو في التصرف الصحيح؟ وأن الفرح لا يعني الفوضى؟ وأن الحرية لا تعني التعدي على حقوق الآخرين؟ وأن الشطارة لا تعني كسر القانون؟ وأن الدين هو المعاملة؟ وأن الحضارة هي رقي التصرفات وتطبيق العلم؟ المشكلة ليست في الوطن بل في تطنيش بعض أفراد المجتمع لضرورة احترام القانون, وفي تراخي القانون في تطبيق العقاب على كل المتجاوزين.

 

حوار حضاري
لماذا يتغير تصرفنا «هناك»؟
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة