ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 12/11/2012 Issue 14655 14655 الأثنين 27 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا يمكن لك أن تخفي آثار الدهشة وأنت تستمع وتشاهد هذا المسلسل الهزلي المحلي الذي لا يزال عرضه مستمراً، ويتمثل في تزايد مزادات بيع التيوس والخراف والطيور، رغم ما يوجَّه إليها من نقد؛ حيث يتم عرضها بأسعار خيالية، لا مبرر لها في الواقع، ولا أساس لها في المنظور المادي، أو المنطق الاقتصادي محلياً، أو عالمياً.

قد يُقْبَل الأمر على نحو عروض الجِمال والخيول، فيما يعرف بمزاين الإبل؛ لأن السياق التاريخي فيها له من الفرادة والجمال ما قد يشفع لها في هذه الرؤية، رغم التحفظ على خيالية الأسعار التي تُباع بها وتُشترى!! وربما نستثني أيضاً مع الخيل والإبل بعض الطيور الجميلة للفت الانتباه والاهتمام العادي وإزجاء الوقت، لكن أن تتحول هذه الممارسات إلى هوس مزادي مالي صرف فهذا ما لا يُقبل. وقد تعجب من ضخ مئات أو عشرات الآلاف في هذه الحمى التي لا أساس لها في المعيار التجاري أو المادي أو حتى نسبة تمثيل الذائقة والوعي.

لا شك أن هناك من يتأملنا من الخارج في مشاهدنا اليومية في مثل هذه المزادات المفتعلة، بل ويكيل لنا نقداً لا تنقصه الصراحة بأن من بيننا من هو فارغ بالفعل، ويود أن يربي الفراغ ويبيعه على من هم أشد فراغاً في هذا الأمر، وكأن حياتنا باتت مسرحاً لمزاين الحيوانات والطيور بعد أن عجزنا عن مجاراة ما هو جميل في الإنسان، سواء في المخبر أو المظهر! فمن الأجدى أن نقوي العمق الإنساني، ونتداول جمالياته، ونقدمه بأرقى صوره وأجمل مظاهره التي نراهن عليها في كل المحافل والمناسبات، فليس أقرب من ذلك سوى البحث العلمي والتخصص الطبي، والبراعة في علوم العمران والهندسة والفنون، ورعاية التراث وكتابة الأدب وحضور الكلمات والألحان والغناء الذي يعكس جماليات حياتنا.

أما أن يكون التجمل في وسامة التيوس والخراف أو البغال فالأمر يحتاج منا إلى مراجعة قد تصل بنا إلى أن نعتذر إلى أنفسنا أولاً، ومن ثم العالم من حولنا حينما تختزل الذائقة بجماليات عنق تيس أو ظَهْر خروف أو ريش حمامة أو دجاجة..

أما وإن كان لا بد من هذا السلوك المادي الصرف فإنه لا بد من قيام جهود رقابية تتحكم في مصير هذه الأموال، التي تقدم من خلال هذه المزادات المليئة بالشيكات وسلالات البهائم التي يعددها المعلن، وكأنها يقينيات لا لبس فيها.

فمن المناسب أن يتم اقتطاع نسب عالية من هذه الأموال للصرف على عوالم أكثر نضجاً للعقول، وأكثر فائدة للمجتمع، على نحو تمويل مشاريع البحوث والصناعات والإبداع ورعاية المجتمع، التي تعكس حضارتنا وثقافتنا وجهد أبنائنا في مجال الرياضيات والعلوم والاختراعات.. هؤلاء الذين يصدمون كل يوم حينما لا يجدون مَنْ يموِّل مشاريعهم واختراعاتهم الخاصة، حتى وإن كانت في حدود عشرة آلاف ريال فقط، بينما يقف المزاد على ماعز مقوسة الأنف أو طويلة الرقبة عند حدود نصف مليون ريال!!

لا بد أن تتدخل الجهة المعنية بهذا الأمر، وذلك بسَنّ نظام يقتطع نسبة من هذه المبيعات؛ للاستفادة منها؛ لكي لا يكون مجرد هدراً للمال وانسكاباً للسيولة في جيوب لا تراعي أي بُعد إنساني أو حضاري لعقول الجادين من العلماء والباحثين الجدد.. ممن يذهلون - ونحن معهم - من وجود هذه الظاهرة، التي لا تُعرف إلا لدينا، للأسف!!

hrbda2000@hotmail.com
 

بين قولين
مزادات عجيبة!!
عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة