إمّا هبة طبيعية أو تطوير، لا يوجد طريق آخر للنجاح!

الديناميكة التي تعمل بها عجلة النجاح تعتمد على الارتقاء الدائم، التوقُّف بحد ذاته يُعدّ فشلاً واضحاً. حينما نسمع عن خسارة بنك ما مثلاً بسبب عُطل في الموقع الإلكتروني الخاص به، الخسارة في حقيقتها هي إعاقة مؤقتة للربح التصاعدي فقط!

لذلك فإنّ الاعتمادية على الهبات الطبيعية، الذاتية منها أو البيئية، دون التفكير بتطوير يحملها على موازاة ركض الحياة الدؤوب هو فشل كامن منذ البدء.

الجمعة الفائتة كنت أتابع مباراة ريال مدريد وبوروسيا دورتموند الألماني ضمن منافسات دوري أبطال أوروبا. وقد كانت مباراة ملهمة لمن هم مثلي ممن يسقطون السوسيولوجيا الاجتماعية في كل شيء. كان الفريقان متعادلين حتى سجّل الألمانيون هدف تقدمهم الذي باغته المدريديون بالرد سريعاً في ظرف ست دقائق. هدفٌ آخر للألمان سجلوه قبل نهاية الشوط الأول، استمرت معه معاناة المدريديين طويلاً حتى الدقائق الأخيرة للمباراة. ويبدو أنّ المدريديين كانوا يركنون إلى كونهم فريقاً خارقاً دون النظر إلى مكتسبات الفريق الآخر الذي لعب بتنظيم أكبر وتركيز فائق.

لقد كانت دقائق عسيرة على ريال مدريد الذي تسيّد القارة العجوز تسع مرات مختلفة، وبدل أن يكون هو المتقدم كان فقط يجاري خصمه الذي نال البطولة مرة واحدة فقط منذ خمسة عشر عاماً (1997 م). وبعد لأي حقّق التعادل وفي الوقت الحرج!

ريال مدريد فريق خارق وبوروسيا دورتموند فريق متطوّر ومُنظّم!

لو تأمّلنا سنجد أمثلة وفيرة ومتعدّدة المجالات. خذ كوريا الجنوبية مقارنة بنيجيريا على سبيل المثال. اكتشفت كوريا السر، ففي الآونة التي كانت تفتقر فيه للموارد الطبيعية لجأت للتطوير الذكي والطموح، مما رفعها إلى مصاف الدول الكُبرى اقتصادياً، لتحتل المرتبة 14 في العالم. نهضت كالعنقاء من الرماد والحروب والأزمات لتسهم في إدارة عجلة التطوير العالمي، فأصبحت من الدول الأكثر تطوراً في مجالات عدّة كالنقل والتعليم والتكنولوجيا وغيرها. لكننا نجد نيجيريا ذات الأرض الخضراء والكنوز الطبيعية، والتي تصل مساحة الأراضي الصالحة للزراعة إلى النصف، ومع هذا فإنّ المساحة التي تم زرعها تمثل 15% فقط. ويستخدم المزارعون أدوات بدائية رغم أنّ اقتصادها يعتمد 90% على تصدير النفط!.

هناك افتقار للفكر التطويري في نيجيريا الغنيّة جعل تيار الحضارة يلفظها على الشواطئ الضحلة. إنّ حال نيجيريا وغيرها من الدول المؤهّلة لأن ترقى إلى مصاف الدول الكبرى بسبب مواردها وهباتها الطبيعية يذكّرني بالبيت القائل:

ولم أر في عيوب الناس عيبًا

كنقص القادرين على التمام!

وأخيراً المواهب الكبيرة والمَلَكات الفطرية وحدها لن تكون كافية لبلوغ النجاة، لو لم تُتعاهد بالتطوير!

kowther.ma.arbash@gmail.com