ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 15/11/2012 Issue 14658 14658 الخميس 01 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

شرق الواعظ المغمور بأنفاسه وريقه وهو يغرق بموجة من الضحك الذي لا يليق بمثله ولا بالموقف الذي هو بصدده، إذ كان يجلس أمام جمع من المتلقين يعظهم ويذكّرهم ويدعوهم للتمسك بجملة من الفضائل اختارها لتلك الجلسة، أثناء حديثه الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي -بسبب تلك الضحكات وما تبعها- تطرق لدور من يفد إلى المملكة من إفريقيا على سبيل المثال حينما يعود لبلاده بعد تلقي الدراسات الشرعية والعربية هنا في الجامعات السعودية، فتساءل: إذا سافر لبلده ماذا يكون؟ فانبرى طفل للإجابة بسرعة فائقة قائلاً (محشش)، هكذا ببساطة، فهل كان الطفل مدركاً لمدلول الكلمة الحقيقي، أم أنه يقصد أن الدارس يعود ظريفاً صاحب نكتة، أم ماذا يدور في مخيلته عنها، الطفل تحدث بما تعود أن يسمعه وانتخب كلمة من البيئة المحيطة به، حيث يتم ترديد طرائف ونكات تنسب لمن يسمون المحششين (وهذه هي القضية هنا)، فقد تحولت الكلمة بين الأطفال والناشئة إلى كلمة مألوفة ودخلت قاموس الألفاظ الشعبية المباحة، التي كان الشاب في الماضي يعرق جبينه خجلاً حين تقال وأمثالها في المجالس، إذ إن الحشيش والخمور وتوابعها لا يتعاطاها ولا يتحدث بها آنذاك إلاّ من يعدهم المجتمع من الساقطين، وحتى الآن فالأمور نسبية غير أن الوعي ارتقى والمفاهيم باتت أكثر استنارة تجاه هذه الموبقات والتعامل معها ومع من يميل إليها، قدم الطفل صورة محبطة لكل من حضر ومن نقلت إليه الصورة عبر الوسائل الإلكترونية، إلا رجل واحد هو الواعظ الذي أسهب في الضحك بل إنه استدعى الطفل إلى المقدمة وحياه وكرمه بهدية من محفظته بلغت 25 ريالاً، علام هذه الهدية ومن أجل ماذا؟! هل لأنه أضحكه أم لجرأته على الإجابة الخاطئة، أم لتشبعه بهذه الثقافة المنحرفة من أحاديث ونكات المحششين والمخمورين؟ لم أجد مبرراً للضحك الهستيري الذي جعل الواعظ يطلب نقل الطفل للصفوف الأخيرة في محاولة لإيقاف ما انتابه من ضحك عجز عن كبحه، كما لا أفهم دواعي الجائزة، وكان من الأجدر أن يتوقف الواعظ دقائق مع هذه الكلمة ويبين مساوئها وما وصل إليه الفتيان من مراحل التعاطي مع هذه الكلمات الممجوجة اجتماعياً والتنبيه لخطورتها على ثقافة وتنشئة الأجيال الحاضرة واللاحقة إن لم نتدارك مخاطر الوضع الذي آل إليه فكر الصغار والشباب، هذه الحادثة تذكرني بما عرضه ولي أمر طالب بمدرسة متوسطة بالرياض وكان بين يديه مجلة أو نشرة تصدرها (الجماعة الإسامية) بالمدرسة وتتضمن صفحة للطرائف جلّها تبدأ بالكلمات إياها: كان فيه محشش، قال محشش لأمه، دخل محشش المسجد، إلى آخر النكات الباهتة الساقطة، ويلاحظ ربط عبارات التحشيش بالأم والمسجد والمجتمع ككل، وبالتواصل مع مدير المدرسة كونه رئيس التحرير كما هو مدون أفاد معتذراًَ أنه لا يعلم عن هذه الصفحة، وبسؤال من يسميه الطلاب (الشيخ) وهو المعلم المشرف على الإصدار قال: لقد فاتت عليّ هذه الأفكار ولم أكن أظنها مؤذية لهذه الدرجة ووعد بتجاوزها، هكذا في صرح علمي تربوي للناشئة يتم تداول هذه الكلمات بمدلولاتها السامجة وتمر دون علم المؤتمنين في المدرسة ومكتب الإشراف، وهكذا تتم خلخلة عقول أجيال يصعب تحويلها للمسار المستقيم.

t@alialkhuzaim
 

الواعظ والطفل
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة