ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 18/11/2012 Issue 14661 14661 الأحد 04 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

ماتشو بيتشو Machu Picchu منطقة صغيرة في بيرو في أمريكا اللاتينية، تستقطب آلاف الزوار الجدد كل يوم، حتى إن الكثير ممن يزورون دولة بيرو نفسها لا يذهبون إلا لاعتلاء جبال الأنديز وتأمُّل ماتشو بيتشو، وأهل البلد لطالما أصرّوا أن يُدرَج الموقع ضمن عجائب الدنيا السبع، وفي 2007م أضيف الموقع إلى عجائب الدنيا السبع الجديدة - وهي تختلف عن القديمة المعروفة وتشمل تاج محل والبتراء وغيرها - وعندما صنَعَتْ الرابطة الدولية للسياحة استبياناً كان من أسئلته «أي مكان في أمريكا الجنوبية ترغب في زيارته؟» أجاب أكثر من 70% فوراً: ماتشو بيتشو.

ما قصة هذا المكان؟ شعب الإنكا شعب قديم وهو الذي بنى هذا المكان العجيب الواقع على رأس الجبل وذلك في القرن الخامس عشر الميلادي وتحديداً قرابة عام 1450م لما كانت دولة الإنكا في ذروة عِزّها، وهذا مما زاد المكان هيبة وجمالاً وعجباً، فالبشر لا يسكنون أعالي الجبال، ولكن يبدو أن ملك الإنكا كان من أسباب اختياره هذا المكان الصعب هو إبهار العالَم بقدرته وإظهار قدرات الإنكا المعمارية في مكان لا يتخيله الشخص، مثل تلك المنطقة التي ترتفع عن سطح البحر أكثر من 2 كيلومتر. قطعوا الصخور من الجبل وصنعوا عدة مباني، منها مرصد لمراقبة النجوم، ومنها حدائق متراكبة تنزل مع نزول الجبل، والأبنية الصخرية مبهرة في تنظيمها ودقتها وتماسكها، والأعجب من هذا أن نوعية الصخور هناك شديدة الصلابة مثل البازلت والغرانيت، حتى أنها مثل صلابة الفولاذ أو أشد صلابة، والإنكا لم يكن عندهم فولاذ! كيف قطعوا الصخور إذاً؟ الله أعلم! الصخور موضوعة على بعضها بتراصٍّ مدهش وبلا فجوات بينها حتى أن السكين لا تدخل بين صخرتين.

الإسبان غزو عدداً كبيراً من الدول والجُزر وأبحروا وسافروا لكل مكان يقدرون عليه لسببين: أولهما نهب ثروات الشعوب، والثاني تنصيرهم بالقوة، وهذا ما حصل لشعب الإنكا، فلما وصل الإسبان إلى أراضيهم عام 1526م أمروا الإنكا أن يتنصروا، ولم ينتظر الإسبان الرفض، بل بمجرد أن قال زعيم الإنكا إنه لم يفهم كلام المترجم ولم يستوعب مفهوم الدين النصراني كان هذا كافياً للإسبان المتعطشين للدم، فهجموا على شعب الإنكا ونحروهم نحراً، وما مرت سنون قليلة حتى أبيد شعب الإنكا ولم يبقَ منه إلا ذِكرٌ في كتب التاريخ، وذهب أغلب الإسبان ومعهم الذهب والكنوز التي نهبوها، وشعب بيرو اليوم لغتهم الغالبة هي الإسبانية ودينهم النصرانية بسبب هذا.

ولأن ماتشو بيتشو أُقيمَت على رأس الجبل فقد كانت - ولا زالت - مكاناً صعب الوصول إليه بل حتى ملاحظته ورؤيته صعبة، فالذي لا يعرف وجوده لن يدري أن على أعلى الجبل موقع فيه أبنية ومعابد، وحتى من يقف عند سفح الجبل ويرفع رأسه لن يرى شيئاً، وهذا لا شك كان السبب في أن المنطقة نجت من مذابح النصارى، ولا يعلم التاريخ موقعاً في بلاد الإنكا نجا من أهوالهم إلا هذا، ونعلم أنهم قطعاً لم يعرفوا لأنهم لو شعروا أن هناك مكاناً مخفياً لعذبوا الإنكا حتى يعترفوا، والنصارى الإسبان آنذاك أتقنوا التعذيب وتلذذوا به حتى صارت أشنع أنواع التعذيب هي ما اشتهرت به محاكم التفتيش، هو الاسم الذي يطلق على حملة ضخمة للكنيسة الكاثوليكية آنذاك تخصصت في قتل وتعذيب غير النصارى الرافضين تغيير دينهم، وهي نفسها التي طردت المسلمين من الأندلس.

ظلت المدينة مجهولة لا يدري بوجودها أحد مئات السنين، حتى اكتُشِفَت عام 1916م بالمصادفة حينما كان عالم الآثار الأمريكي هيرام بينغام يتفحص تلك المنطقة باحثاً عن شيء آخر، وصارت اليوم مزاراً فريداً وشاهداً لبراعة الإنكا، الشعب المنقرض.

 

الحديقة
ماتشو بيتشو
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة