ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 21/11/2012 Issue 14664 14664 الاربعاء 07 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

أثار قرار وزارة العمل برفع تكلفة رخصة العمل من 100 ريال إلى 2400 استهجان وانتقاد الكثير من رجال الأعمال ومن الاقتصاديين، وأقل ما وصف به هذا القرار بأنه قرار ارتجالي مفاجئ وغير مدروس وسيضيف على المواطن أعباء مالية إضافية لا ناقة له فيها ولا جمل، إضافة إلى الأضرار الأمنية والاقتصادية الأخرى والتي ستنتج عنه.

فاتورة هذا القرار ستكلفنا سنوياً 14 مليارا، جزء منها ستدفعه الدولة عن طريق مشاريعها والجزء الآخر سيتحمله المواطن بارتفاع السلع والخدمات بعد أن يقوم التاجر بتمرير التكلفة. كما أن هذا القرار سيشجع العمالة السائبة حيث سيزيد الطلب عليها لقلة تكاليفها لعدم التزامها باستخراج إقامة. هذا القرار وإن ساعد نصف مليون شخص على إيجاد وظيفة، وهذا مستحيل، إلا أنه سيؤثر سلباً على 18 مليون مواطن ممن لا ناقة لهم ولا جمل في موضوع البطالة. السبب الذي يجعلنا نجزم بأن القرار خاطئ، لأنه افتقد أبجديات اتخاذ القرار الصحيح وهي وجود إحصائيات وتحليل يستند عليه هذا القرار ومن ثم مناقشته مع أصحاب الشأن، فوزارة العمل إلى اليوم لا يوجد لديها إحصائيات دقيقة عن عدد العاطلين عن العمل ولا عن نوعية الوظائف التي تتناسب مع مؤهلاتهم ولا عن ما إذا كان هذا العاطل عن العمل على استعداد للعمل أم لا، كما أنها لا تملك إحصائيات عن الذين تم توظيفهم وهل استمروا في وظائفهم أم تركوها وما هو سبب تركها. هذا القرار بُني على فرضية غير صحيحة ألا وهي أن رفع تكلفة العامل الأجنبي مقابل العامل السعودي سيُجبر رجل الأعمال على توظيف سعودي، وأن التكلفة هي العامل الوحيد في المفاضلة، وهذا افتراض غير صحيح اقترحه استشاري أو شخص لا يملك خبرة عملية في السوق السعودي، واحتمال كبير أن يكون هذا الاستشاري غير سعودي. وإذا دققنا في هذه الفرضية فإنه سيتبين لنا وجود عوار كبير فيها لا يجعلها ترقى أن تكون سبباً يبرر مثل هذا القرار.

هناك أسباب أهم من ارتفاع التكلفة وتُرجح كفة العامل الأجنبي مقابل المواطن، أولها نوع الوظيفة واستعداد المواطن على العمل بها. لدينا مئات آلاف من الوظائف ما بين عامل نظافة وسائق صهريج صرف صحي أو ضاغطة نفايات وفي مجال السباكة والكهرباء واللياسة والتبليط والدهان، هل سيقبل بها السعودي؟ الجواب معروف لدى الجميع وهو لا. وإذا كان الجواب لا، لماذا تم رفع تكاليف رخصة العمالة لهذه الوظائف ولم يقتصر الرفع على الوظائف التي يمكن أن يعمل بها السعودي، إذا ما افترضنا أن العامل الوحيد للمفاضلة هي التكلفة؟ السبب الثاني هو تأهيل السعودي والتزامه بمسؤوليات الوظيفة، رجل الأعمال على استعداد أن يدفع تكلفة أكبر لشخص ملتزم مؤهل سواء سعودي أو غير سعودي، العبرة في الإنجاز وتحمل المسؤولية لا في الجنسية.

كيف يمكن لهذه الفرضية أن تكون صحيحة ووزارة العمل لم تعتمد على التكلفة كعامل أساسي في اختيار مستشاريها، حيث وقعت مع استشاريين جزء منهم أو أغلبهم غير سعودي وفضلتهم على دكاترة الجامعات والاقتصاديين السعوديين رغم أن تكاليف هذه المكاتب أضعاف ما سيتقاضاه الدكتور السعودي في عقد الاستشارة. لماذا لم تكن المفاضلة في هذه العقود على أساس التكلفة؟!

الغريب في الأمر أن هناك قرارات أهم من هذا القرار وستكون كفيلة بتوظيف المواطن وفتح فرص عمل جديدة له كما أنها ستساعد الاقتصاد وتحد من التحويلات السنوية للعمالة وستساعد على القضاء على بعض الجرائم، ولكن الوزارة لم تفعلها، ألا وهي القضاء على التستر وإيقاف تجار التأشيرات. لا يخفى على أحد بأن بعض المشاريع الكبيرة حالياً تحتوي على نسبة كبيرة من العمالة السائبة والمتستر عليها، هل قامت الوزارة بحملة تفتيشية ومعاقبة من خالف القانون؟! هذا القرار يذكرنا بقرارات هيئة الاستثمار التي تحمس لها بعض المسئولين وبعد فترة اكتشفنا أنها أصابت اقتصاد البلد في مقتل. عزاؤنا للمواطن ولملاك المنشئات المتوسطة والصغيرة والتي ستخرج من السوق وسيلتحق أصحابها وموظفيهم السعوديين بطابور حافز حيث أنهم هم أكثر المتضررين من هذا القرار رغم أنهم هم أساس كل اقتصاد وهم السبب الرئيسي في الحد من البطالة وهم من يجب دعمهم لا محاربتهم.

أختم مقالي بهذه المقتطفات من كتاب الأهداف والأولويات لوزارة العمل لوزير العمل السابق د. غازي القصيبي رحمه الله «المأمول أن يتمكن القطاع الخاص من توفير فرص عمل للسعوديين الراغبين في العمل، غير أن القطاع الخاص لن يتمكن من توفير هذه الفرص إذا فُرضت عبر قرارات عشوائية أو متسرعة أو غير مدروسة، أو لم يتم التنسيق مع القطاع الخاص بشأنها، ولهذا فستحرص الوزارة على اعتبار القطاع الخاص شريكاً كاملاً معها في مهمتها، ولن تنظر الوزارة لهذا القطاع على أنه طرف غير صديق يجب إخضاعه بقوة التشريع».

@BawardiK
www.bawardik.com
 

قراءة لقرار رفع رسوم رخصة العمل
خالد البواردي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة