ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 24/11/2012 Issue 14667 14667 السبت 10 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا تعجبوا - معشر القراء - من عنوان جمع بين نقيضين: الصحة والمرض، فإن هذا هو واقع الحال في كل مجتمع بشري، وقد قيل: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. فريق يرى نعمة الصحة عند الآخرين، وربما يغبطهم. ولكن في مقابل ذلك- بل أهم من ذلك-.....

.....أن الأصحاء، أو على الأقل المسؤولين عن الصحة، عليهم أن يعرفوا أعداد الإصابات بأنواع الأمراض المختلفة ومدى انتشارها بين أفراد المجتمع ومعدلات التعافي أو الإعاقة أو الوفاة في كل منها حسب الفئات العمرية والجنس والمهنة والوضع الاجتماعي وغير ذلك من المتغيرات ذات الصلة لكي يجدوا الإجابة عن السؤال: هل نحن أصحاء؟ هنا يكون السؤال عن صحة السكان وهو يختلف في التوجه عن السؤال عن صحة الفرد التي تعرفها منظمة الصحة العالمية بأنها حالة من تمام العافية الجسمانية والعقلية والاجتماعية وليست مجرد الخلو من المرض أو الوهن. أما الصحة السكانية فلا نعرفها بهذه الطريقة، بل من خلال مجموع ما توصلت إليه إحصاءاتنا ودراساتنا الطبية والوبائية من نتائج الرصد والتسجيل والمتابعة لمختلف الأمراض التي شملتها تلك الإحصاءات والدراسات ومسبباتها وما يترتب عليها من أعباء على المجتمع عامة. لتحصيل هذه المعلومات تتوافر عدة وسائل تختلف في دقتها وشموليتها ومدى سهولة أو صعوبة إجرائها. أولى هذه الوسائل تجميع إحصاءات المراجعين للمراكز الصحية والعيادات والمختبرات والمراجعين والمنومين بالمستشفيات وشهادات الوفاة، بما تتضمنه من تبويب وتحليل لتشخيصاتها، لكنها لا تعكس إلا الأنماط المرضية لأولئك الذين يأتون لتلك المرافق فقط، فهي غير مكتملة في بياناتها ومختلفة في دقة تشخيصاتها. وسوف يكون الوضع أفضل عند تعميم تطبيق الترميز الطبي للأمراض وجعله إلزاميا وموحدا، وفقا للمشروع الذي تبناه مجلس الخدمات الصحية منذ بضع سنوات ويعمل الآن على تنفيذه. أما أكثر الوسائل استخداما فهي الدراسات المسحية لمجموعات تمثيلية من السكان من حيث مدى انتشار مشكلة أو حزمة من المشكلات الصحية بينهم. وهي أيضا أفضل الوسائل لالتقاط صورة عن الوضع الصحي للسكان وقت إجراء البحث، وإن كانت تعتمد على إفادات المبحوثين وقليل من الفحوص مثل ضغط الدم والوزن وتحليل الدم. والهدف من مثل هذه الدراسات هو التعرف على حجم المشكلة الصحية وإثارة الاهتمام بها أو هي تجري في إطار برنامج محدد لمكافحة مرض ما. مثال ذلك برنامج الكشف المبكر عن الأمراض الاستقلابية لدى حديثي الولادة لغرض علاجها قبل تفاقمها، وبرنامج الزواج الصحي للكشف عن بعض أمراض الدم الوراثية قبل الزواج. غير أن هنالك دراسات أكثر توسعا وشمولية أجريت على عينة كبيرة من السكان كانت تستقصي في كل أسرة مبحوثة عن مشكلاتها الصحة والإعاقات والظروف المعيشية والاجتماعية والبيئية مثلما تم عام 1417هـ على مستوى دول مجلس التعاون، وما نفذته وزارة الصحة عام 1425هـ عن انتشار عوامل الخطورة لبعض الأمراض الشائعة أو المسح الصحي الشامل لسكان المملكة ودول مجلس التعاون الذي أجري تحت إشراف منظمة الصحة العالمية عام 1428هـ وتضمن العديد من المتغيّرات الهامة ذات العلاقة بصحة السكان، إلا أن نتائجه بالنسبة للمملكة لم تعلن حتى الآن. أما الوسيلة الأكثر دقة والأكبر جدوى ومصداقية فهي السجلات الوطنية للأمراض (ويدخل في ذلك أيضا الإصابات المرورية)، لكنها بطبيعة الحال لا تشمل جميع الأمراض الشائعة، بل أهمها من حيث خطورتها وانتشارها وأزمانها، ذلك لأنها تتطلب إمكانات مؤسسية من قوى عاملة متخصصة وموارد مالية ونظم معلومات ومتابعة منهجية مع المرضى والمرافق الصحية التي يراجعونها. ولذلك فقد أحسن مجلس الخدمات الصحية صنعا بأن أقر في اجتماعه الثالث والستين المنعقد في 26 ذي الحجة 1433هـ البدء في إنشاء سجلات الأمراض بالمملكة مع توفير الدعم البشري والمادي لهذا المشروع، على أن تكون السجلات الوطنية القائمة في بعض الجهات الصحية بداية لهذا المشروع.

فالمجلس بهذا القرار يقدم خدمة جليلة للوطن للاعتبارات التالية:

- أنه ينفذ ما قضت به الإستراتيجية العامة للرعاية الصحية بالمملكة المعتمدة من مجلس الوزراء في رمضان 1430هـ.

- أنه يوثق الحالة الصحية للمريض المصاب من حين اكتشاف المرض إلى آخر ما تم تسجيله في ملفه.

- أنه يمكن من متابعة علاج الحالة المرضية وتطورها ومضاعفاتها واكتشاف الثغرات في نظام العلاج والمتابعة وتعديله.

- أنه يحتوي على بيانات شخصية وديموجرافية شاملة عن المريض نفسه وعاداته ومحيطه الأسري والاجتماعي.

- أن السجل الوطني لمرض معين - مثل السكري - يحتوي على الآلاف من حالات الإصابة على مستوى الوطن مما يمكن من دراسة خصائص المرضى ومقارنة الحالات المرضية والعوامل المؤثرة على انتشار المرض ودرجة خطورته ويجعل من السجل مرجعاً علمياً قيماً للباحثين.

- مجموع السجلات الوطنية كافة، بما تحويه من معلومات تفصيلية موثقة عن أهم الأمراض الشائعة، يقدم صورة شاملة للحالة الصحية للسكان وعبء الأمراض على التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وعلى الرغم من أهمية السجلات الوطنية للأمراض والدراسات الوبائية وإحصاءات الأمراض السريرية فإن ذلك كله لا يكفي لرسم خارطة متكاملة للصحة السكانية وقياس عبء الأمراض، بل تكتمل بدراسة أنماط المعيشة وظروف البيئة وكفاءة النظام الصحي وتأثير هذه العوامل على المستوى الصحي للسكان.

إن نتائج دراسات الصحة السكانية تمكن واضعي السياسة الصحية من تحديد أولويات الاحتياجات الصحية وتهيئ لوضع الخطط الصحية على أسس سليمة.

 

في ضوء قرار مجلس الخدمات الصحية: سجلات الأمراض وخارطة الصحة السكانية
عثمان عبدالعزيز الربيعة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة