ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 26/11/2012 Issue 14669 14669 الأثنين 12 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

من الأهداف الأساسية في برامج التنمية الوطنية أن تعود المصلحة الكبرى على المكون الأكبر في المعادلة الاقتصادية الوطنية، الذي هو الشعب، أي المواطن. مقاصد الاستثمارات الوطنية التنموية يجب أولا أن تركز على الإنسان المنتمي لهذا الوطن. وأن تتمدد جغرافياً فتشمل أكبر قدر ممكن من المساحة الجغرافية فيه، وأن يكون لها مردود إيجابي واضح وطويل الأجل على الاستقرار المعيشي والخدماتي والتأهيلي لصالح الأجيال المتتابعة.

هكذا أفهم بالفطرة السليمة، دون أن أكون اقتصاديا كيف يجب أن يكون عليه الاستثمار التنموي المخطط له جيدا والمقبول بالمفاهيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. بلادنا المحروسة بعناية الله ومشيئته لديها وزارة تخطيط ووزارة عمل ولجان اقتصادية في مجلس الشورى واستشاريون كبار في هيئة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء. هؤلاء جميعا يتشاركون في محاولة تسيير الآلة الاقتصادية بطريقة حكيمة وعادلة وحس محايد، إلا في انتمائه للوطن وأهله.

في يوم الاثنين 19-11-2012م احتضنت صحيفة الجزيرة تحت قبتها ندوة بين المسؤولين الكبار في وزارة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من جهة، وكتاب الرأي في صحيفة الجزيرة في الجهة الأخرى، وحين جاء دوري في الرأي استعملت من باب المزاح الملتبس بالجد تسميات دلالية لكل طرف من الفئات الأربع المتنافسة في سوق العمل السعودي. قلت إن هناك فئة الهباش وفئة النهاش وفئة المنهوش المهبوش وفئة شاهد لم ير شيئاً أو رأي لكن لا يستطيع تغيير شيء وعليه التعامل مع ما هو موجود. أما الهباش فهو ذو اليدين المستثمر الوطني والأجنبي، وهذا همه الأكبر وأحياناً الأوحد هبش أكبر قدر من الأموال بأسرع وقت ممكن. وأما النهاش فهو المستخدم الأجنبي الذي يتحرك بهمة ونشاط وينهش من هنا ومن هناك ويحرس السوق بمهارة فائقة لصد المتطفلين من أصحاب الدار وبتشجيع وتدليل من فئة السادة الهباشين. الفئة الثالثة هم المهبوشون المنهوشون المستضعفون في الأرض من حاملي العلاقيات الخضر الدائرين على الشركات والمكاتب والبنوك طلبا للستر، وهؤلاء قد يحصلون على بعض الفتات من ثروات سوق العمل في وطنهم، وقد لا يحصلون. تتكون الفئة الرابعة من وزارة العمل ووزارة التخطيط والسادة خبراء الاقتصاد في الشورى ومجلس الوزراء والظاهر أن جل أو كل نشاط هؤلاء موجه لإطفاء الحرائق بطرق توفيقية لا تمسك بمشكلة البطالة من عنقها، الذي يبدو للعيان، عيان من له عيون هو محاولات خجلى لإحلال المواطن مكان الأجنبي في سوق العمل، ولكن مع ترك الأبواب كلها مفتوحة للاستقدام المتزايد. حافز مالي مؤقت من هنا وتصنيف نطاقات من هناك وجباية بعض الأموال على كل رأس مستقدم وكلام جميل عن الجهود المبذولة لإبقاء المنتج السعودي قادرا على المنافسة، لكن بدون التأكد هل هذه المنافسة سوف تصب في مصلحة الوطن والمواطن، أم في مصلحة المستثمر والمستقدم. المسألة تبدو كما لو أن، أو أن ممارسات السلطات المسئولة عن إدارة سوق العمل والاستثمار والبطالة تغفل النظر عن النقاط التالية:

- الأولى: أن التنمية الوطنية لا تقاس بالمردود المادي للمستثمر فقط، وإنما بالمردود التعليمي والتدريبي والحرفي للمواطن نفسه على رأس العمل وبراتب شهري، مساواة له بالعامل الذي يستقدم كخامة لا تمتلك أي مهارات ثم يتم صقلها على رأس العمل في السوق السعودي.

- الثانية: أن قدرة المنافسة للمنتج السعودي في ظل سيطرة العمالة المستقدمة محض احتيال استثماري ومضيعة للوقت، طالما أن الطاقات العاملة الوطنية تبقى خارج المعادلة. كل بلد نستقدم منه العمالة يستطيع سحبها عندما تتحسن ظروفه الاقتصادية، ويستطيع أيضاً ممارسة الضغط والابتزاز على الاقتصاد السعودي متى أراد.

- الثالثة: أن ثلاثة عقود مرت استطاع المستثمر السعودي والأجنبي خلالها تحويل بلادنا إلى أكبر ورشة تدريب مدفوعة الأجر للعمالة الأجنبية في مختلف المهن والحرف والمهارات، مع استثناء ابن البلد من هذه الميزات وتركه فريسة للعطالة والمخدرات. جلبنا الملايين من العمالة الرخيصة الأمية وأعطيناهم كل الفرص للارتقاء بمهاراتهم لكننا أبقينا وضع أبناء وبنات البلد على نفس الأمية التقنية والحرفية والمهنية.

- الرابعة: أن التحجج بكسل العمالة الوطنية وعزوفها عن الأعمال الشاقة (مرتبات زهيدة لا تسد الرمق مقابل ساعات عمل خارج التغطية القانونية) ليس في صالح المستقبل ويهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي على المدى المنظور وليس الطويل، ولنا فيما يدور حولنا من مشاكل اجتماعية أساسها الإحباط الاقتصادي أكثر من عبرة.

- الرياض
 

إلى الأمام
الاستثمار بشروط المستفيد الأول
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة