ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 02/12/2012 Issue 14675 14675 الأحد 18 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

عزيزي القارئ قبل أن تدخل إلى قراءة هذا المقال، دعنا نتفق على نقطتين هامتين، الأولى أنني لست عنصرياً، ومن حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعمل ويكسب في أي مكان، ولكن ليس على حساب المواطن والمواطنة، وإلا ما جدوى المواطنة)، النقطة الثانية هو أننا نتفق أن العمل ليس عيباً، إذا كان عملاً شريفاً، ويحفظ كرامة الإنسان.

حينما أقرأ تصريحاً لمدير صندوق الموارد البشرية بأن 85% ممن يبحث عن وظائف هن من النساء, وأن عددهن تجاوز مليوناً ومائتي ألف امرأة سعودية، أشعر بغصة ومرارة أن وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة، وتبلغ مرارتي ذروتها حينما أقرأ أن جامعة الأمير محمد بن فهد اخترعت (مشكورة) مسمى جديداً لمهنة عاملة النظافة، وهو مسمى (صديقة البيئة) لكسر الخجل عند السعوديات الطالبات لوظائف، وكأنما هم يتحايلون عليهن، وعلينا بمسمى مضحك، وكأنها كانت قبل ذلك عدوة البيئة والمجتمع، كأنها كانت عادم كربون لسيارة قديمة تؤذي البيئة، ثم قاموا مشكورين بتصفية ماكينتها، وإطلاقها في شوارع الجامعة وممراتها تلتقط القاذورات وبقايا الأكل.

كل هذه الثروات الطبيعية العظيمة التي أنعم الله بها على هذه البلاد لم تسعفنا كي نوفر مليونا ومائتي وظيفة لبناتنا، رغم أن هذه الثروات الضخمة تستطيع أن تقضي على البطالة في الشرق الأوسط بأكمله! فكل ما استطعنا فعله أن تحايلنا كعادتنا، والتففنا على مهنة عامل نظافة، وجعلناها صديقا للبيئة!.

وتنفطر مرارتنا تماماً، حينما نقرأ بأن أكثر من مائة مليار هي تحويلات الأجانب إلى بلدانهم خارج المملكة، وأن بعض هؤلاء يتجولون بسيارات ثمن الواحدة يشارف نصف مليون، ظفر بها من مقدرات هذا البلد، ويقف بتعالٍ، عند الإشارة، وبجوار سيارة الليموزين التي يقودها ابني، وأن أخي منذ سنة يبحث عن منزل يؤويه وأطفاله، وكل مرة يتعثر بمالك بيت أجنبي يتحكم بسعر بيت امتلكه من ثروات هذا البلد، حتى يحادثني ذات ليل بحسرة قائلاً: إننا غرباء في بلدنا!.

نعم لست عنصرياً، ولا أحسد أحداً، لكن هذا الأحد حينما يقتطف اللقمة من فم ابني أو أخي سأصرخ بمرارة: كفاية، لأنني ببساطة لو سافرت إلى بنجلاديش أو باكستان أو أي بلد عربي، كي أعمل، لن أجد من يرحب بي، ويفتح لي كل أبواب الاستثمار، والعبث، والكسب بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة.

علينا أن نؤمن بأن ثمة خللا في حياتنا، وإلا كيف يكون لدينا أرقام معدلات بطالة تزداد مع السنوات، بينما لدينا دخل وطني يزداد أيضاً مع السنوات- ولله الحمد-، وحتماً هناك حلول عديدة لمشاكل البطالة، ليست من بينها توظيف السعوديات عاملات نظافة، ولا من بينها توظيف السعوديين مبلطين أو دهانين، ولا كل الأفكار الالتفافية لوزارة العمل، التي لن تحل مشاكل البطالة، بل تزيد معدلات الفقر في البلاد، وذلك لتحولها إلى شريك فاعل في ازدياد معدلات التضخم... لكن حتماً من بينها توطين قطاعات التجارة، لا توطين الوظائف فحسب، وذلك بإقرار توطين محلات التجزئة بكافة قطاعاتها، وفتح مجالات عمل المرأة في وظائف محترمة ولائقة، بعيداً عن وهم الاختلاط، وبعيداً عن تحويلها من عدوة بيئة إلى صديقة!.

 

نزهات
لا عزاء لصديقات البيئة!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة