ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 02/12/2012 Issue 14675 14675 الأحد 18 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

جَلالَةَ المُؤسِس... وَاضِعُ لَبِنَات سَفِيْنَة النَّجَاة
سعد بن دخيل بن سعد الدخيل

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المملكة العربية السعودية، البلد الذي اقترن اسمه وموقعه بالدين الإسلامي ورفع راية التوحيد والعقيدة النقية الصافية على منهاج النبوة بفهم السلف الصالح، هذا البلد الذي يشع بالنور الإلهي ومنه انطلقت وما زالت تنطلق أضواء الإسلام منيرة أرجاء المعمورة، وحين يعلم هذا، فما بداخل حدودها أعظم جمالاً وأروع صورة وأعظم مشهداً، فهذه البلاد مرآة للأخلاق وانعكاس للشموخ في نقاء المجتمع وصفائه، وعلى هذا جاء حرص المؤسس لهذا البلد العظيم وهذه الدولة الأبية أن تكون على المحجة البيضاء ليلها كنهارها منذ بزوغ أول ساعات صبح توحيدها وبدء رحلة تأسيسها، فقد اهتم رحمه الله بأمر الحسبة وأعلى شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعله من أولوياته، ولا أدل على ذلك، أنه حين دخل الرياض في شوال من عام 1319هـ أيد من يقوم بالاحتساب الفردي من العلماء والمصلحين وطلبة العلم وكان من أبرزهم الشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- الذي كان يستدعي من عليه مخالفة وخاصة الصلاة، فشد الملك عبدالعزيز على أيديهم ودعمهم، بل وقام -طيب الله ثراه- حين استقرت البلاد واتسع حكمه نسبياً بتكليف الشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف بولاية الحسبة وزوده بأعضاء يساعدونه على أعمالها، وهذا هو الحرص الذي جبل عليه مؤسس البلاد فقد كانت سريرته نقية وعقيدته صافية وأخلاقه عالية سامية ولهذا فلم يكن يرضى بأن تنتهك حرمات الله ويعصى الخالق وتتفشى المنكرات، ونرى ذلك في خطابه وخطاب والده الموجه إلى من بلغه ذلك الخطاب في 3-11-1334هـ، وفيه: « من عبدالرحمن الفيصل وعبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى من بلغه هذا الكتاب وفقنا الله وإياهم لمعرفة دينه والقيام بحقه والثبات عليه،...، وعليكم معاشر المسلمين أن نقوم على من قدرنا على القيام عليه ببذل الجهد والنصيحة للمسلمين بتذكيرهم ما أنعم الله عليهم به من الدين والقيام على من ترك حقوق الإسلام وضيعها ولم يبالي بحق الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه لا صلاح للعباد في معاشهم ومعادهم إلا بالقيام بذلك وقد وقع الخلل العظيم بسبب الغفلة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقل اتعاظ العباد بمواعظ الله» إلى أن قال: «...كل هذه الأمور الربوية التي يتعامل بها الناس من حققها ورفع لنا خبرها برأت ذمته ومع ما ينضم إلى ذلك من أنواع المنكرات التي يجب إنكارها، إنا ملزمين أهل الأمر بالمعروف ولنهي عن المنكر بها ولا يخشى العبد إلا ربه، فاحذروا غضب الله ومقته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» (دارة الملك عبدالعزيز وثيقة رقم 663).

أمد الملك عبدالعزيز المحتسبين بأعوان، حتى نشر أمر الاحتساب وأشاعه عبر افتتاح فروع تتولى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كبرى مدن نجد، وعسير فور انضمامها تحت لواء الملك عبدالعزيز ثم تبع ذلك إنشاء فروع في الأحساء وحائل، وفي عام 1345هـ انتقل إلى رحمة الله الشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف فكلف الملك أحد مساعديه وهو الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ رحمه الله بأعمال الاحتساب، فأصبح الشيخ عمر رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة نجد، بما فيها القصيم وحائل وكافة بلدان العارض، ثم بعد ذلك ضُم إليه المنطقة الشرقية والحدود الشمالية، وعندئذ اقتضت المصلحة إيجاد مقر دائم للهيئة، بحيث يجلس فيه الرئيس العام ويضم الموظفين، والدعاة المرشدين، والمنفذين، وتكون مقراً لكافة المراجعين، وفي هذه المرحلة اختصت رئاسة الهيئة بتنظيم أعمال الاحتساب، وتسيير الأعمال الإدارية وإنجاز المعاملات، والتحقيق مع المتهمين، وإجراء ما يلزم من التأديب، وبالنسبة لمدينة الرياض فقد أُنشئت عدة مراكز فرعية لها في الأحياء، نظراً للتوسع العمراني، وعُين لكل مركز رئيس يدير شؤونه، وزود بعدد من الأعضاء والمعاونين وبعض الجند المنفذين. (موقع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وكان الملك عبدالعزيز لا يكاد يسمع أن قرية ليس فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا وجه إلى القائم فيها كتابا يأمره بتعيين الرجال من أهل الصلاح والتقوى لهذا الأمر، ومن ذلك رسالته إلى الشيخ عبدالرحمن بن عدوان في 10-7-1360هـ ونصها: «من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى جناب المكرم الشيخ عبدالرحمن بن عدوان، ذكروا لنا ناس من جماعة أهل مرات أن ليس في بلدهم نواب يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلعلكم إن شاء الله تشوفون لهم نواب عقال فيهم خير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على الوجه الشرعي وتلزمونهم بذلك وتوجهونهم « (دارة الملك عبدالعزيز وثيقة رقم 887)، واستمر الحال كما هو من الاهتمام في كل ما يتبع الرياض من هيئات وفروع في مدن البلاد ما عدا الحجاز والمدينة المنورة، فالحجاز بدأ التفكير في أمر الاحتساب فيه وتعيين رجال يتولونه بعد أن انضم للدولة في عام 1344هـ ويتضح هذا من الخطاب الذي وجهه الملك عبدالعزيز إلى علماء وأعيان مكة المكرمة عشية دخولها، وفيه «... وبما أن الأمر واجب من قبل الله، ونحن وأنتم ملزمون به، ولا حجة لأحد يدعي الإسلام وهو تارك للصلاة.. فالرجاء أن تنظروا في الأمر وتعينوا رجالا من إخوانكم المنتسبين للخير، يمشون في كل سوق ومجمع، يأمرونهم بالصلاة كلما أذن المؤذن، حيث يعزل أهل الدكاكين ويصلون، وإن كان في التعزيل عليهم مشقة، فيرتب لكل سوق حرس يحافظون عليه وقت الصلاة حتى يرجع إليه أهله، ويلزم أن لا تقوموا من مقامكم هذا إن شاء الله، إلا وأنتم ناظرون في هذه المسألة، لأن فيها قوام الدين والدنيا، واتفاق الكلمة، ولاحجة بعد ذلك لأحد...» حتى قال: « فقد قررنا أن نعين هيئات في جميع بلدان المسلمين، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ومن أهم ذلك إلزام الناس بالمحافظة على الصلوات الخمس في جماعة، وحض الناس على تعلم دينهم، والقيام على أهل المنكرات، والنظر في أمر الزكاة، والنظر في معاملات الناس، وتفقدها للبعد عن الربا والغش والظلم» (دارة الملك عبدالعزيز وثيقة رقم 192)، فجاءت استجابة رئيس قضاة الحجاز في مكاتبته للملك عبدالعزيز في 20-2-1345هـ وجاء فيها أنه وقع الاختيار على مجموعة من الفضلاء ليقوموا بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث قال: «أنهي إلى جلالتكم أنه وقع الاختيار على حضرات الذوات المذكورة أسماؤهم برفقه، ليقوموا بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأينا أن يكورئيس تلك الهيئة الشيخ: عبدالله الشيبي ونائبه السيد حسين نائب الحرم، وكاتب الهيئة الشيخ عباس عبدالجبار، وأن يكون مركزها بمدرسة السيد أحمد عيد بباب الصفا، وأن تكون أعمالها: 1) تتبع أحوال الناس من جهة المعاملات والعادات، فما وافق الشرع منها تقره، وما خالفه تزيله. 2) منع البذاءة اللسانية التي تعودها السوقة. 3) حث الناس على أداء الصلوات الخمس جماعة. 4) مراقبة المساجد من جهة أئمتها ومؤذنيها ومواظبتهم، وحضور الناس بها، وغير ذلك من دواعي الإصلاح. 5) أن يتخذ في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الوسائل الموصلة إلى ذلك بالحكمة، وإذا أعياها أمر من الأمور، رفعت فيه إلى أولي الأمر لإجرائه، وقد شرح الملك عبدالعزيز -رحمه الله- على تلك المكاتبة الآتي: «ولدنا فيصل، هذا كتاب من الشيخ عبدالله بن بليهد، تنظرون هذا التقرير وتقرونه عليه»، وقد جاء في الورقة المرفقة بهذا الكتاب أسماء المرشحين من أهل مكة ومن أهل نجد، وكانت المرجعية لهؤلاء رئيس القضاة الشيخ عبدالله بن بليهد الذي طلب من الشيخ: محمد بهجت البيطار مدير المعهد السعودي أن يكتب رسالة في تعريف المعروف وتعريف المنكر وشروط الإنكار والاحتساب، وأتمها في ثماني صفحات، ثم حدث تطور آخر للهيئة في الحجاز حيث صدرت موافقة من مجلس الشورى على نظام جديد بربط الهيئة بمدير الشرطة العام وهذا النظام تكون من 31 مادة وكان صدور ذلك في 26-7-1349هـ، واستمر العمل والاهتمام والحرص من القيادة، يقول فضيلة الشيخ عبدالله خياط رحمه الله: «فعقد اجتماع مع علية القوم وسراتهم وأصحاب الحل والعقد من كبار الموظفين في شهر محرم من عام 1355هـ قرئ فيه منشور (رسالة) من الملك عبدالعزيز ونصه: «يجب أن تنظروا في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنفيذاً لأمر الله وحفظاً له...» إلى أن قال: «هذه البلاد يجب أن تكون قدوة صالحة للمسلمين في كل عمل من أعمالها فنحن نطلب المساعدة في هذا الشأن منكم ومن الأهلين، نريد أن تكونوا أعواناً للحكومة في هذا الأمر...» (مجلة المنهل عدد6 1373هـ)، ويقول الشيخ عبدالله خياط -رحمه الله- أنه في نهاية الاجتماع صدر قرار بتشكيل هيئة أخرى تدعى هيئة الأمناء ينتخب أعضاؤها من كافة محلات مكة تتعاون مع الهيئة في تنفيذ رغبة الإمام ونجحت الفكرة» (مجلة المنهل عدد6 1373هـ)، وفي 15-1-1356هـ صار للهيئة تطور جديد وهو أن مرجعية الهيئات رئاسة القضاء، حتى جاء يوم 1-2-1372هـ وفيه صدر الأمر بأن المرجعية والارتباط يكون بنائب الملك في الحجاز وبعد أن ألغي منصب النائب صار رئيس الهيئة يرجع لمجلس الوزراء مباشرة وضمت لها فروع جنوب البلاد ورئيسها الشيخ عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ، وكما أخذ الملك على عاتقه نشر فروع الهيئة فقد اهتم بالأعضاء وطرقهم في الإنكار ونصيحة الناس وكيفية الرفق بهم ويظهر ذلك في مراسلاته وخطاباته وخطبه وتوجيهه لمن ولاهم أمر الهيئات سواء في الرياض وما يتبعها أو في الحجاز وما يتبعها، ولعلنا هنا نقرأ سويا رسالة رئيس جند الهيئة جبرين بن جبرين المؤرخة في 19-7-1347هـ ولن نعلق عليها فهي واضحة ومعانيها مباشرة وتسير في فلك توجه المؤسس وما يطمح إليه في أداء وعمل وإنجازات الهيئات تقول الرسالة: «حضرة المحترم رئيس المجلس العسكري الموقر، بعد التحية: نظراً إلى إشارتكم لي بخصوص الذين لا يصلحون لعمل الهيئة، قد أخبرت صاحب الفضيلة رئيس الهيئة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر وطلبت النظر فيمن لا يصلحون للعمل فكتب لي الأسماء المذكورة أدناه ضمن مذكرته عدد 7 في 19-7-1347هـ وهم (وذكر تسعة من الأسماء)...هذا ما وصلنا من رئيس الهيئة على حسب مذكرته لا يصلحون للعمل لشدتهم المتناهية وعدم رفقهم بالناس أرجو إحالتهم إلى أحد... والأمر على التعيين ممن يلزم مكانهم ولذا حرر، رئيس جند الهيئة جبرين بن جبرين» (دارة الملك عبدالعزيز وثيقة رقم 405)

وأما المدينة فقد أنشئ فيها مكتب للهيئة مستقل لكنه يخضع في رئاسته العليا إلى نائب جلالة الملك في الحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وقد بعث جلالة الملك عبدالعزيز خطابه رقم 723 وتاريخ 1346هـ إلى أمير المدينة، يحمل توجيهات جلالته بأن تكون الأمور التي يتم الاحتساب فيها، هي ما يحددها ويراها الشيخ عبدالله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب رئيس القضاة في المنطقة الغربية أوائل عام 1346هـ، وقد وحدت كل فروع الهيئات في كل المناطق تحت مسمى لرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك في عهد جلالة الملك خالد رحمه الله بالمرسوم الملكي رقم م-64وتاريخ 1- 9-1396ه‍، وفي عام 1400هـ صدر نظام الهيئات الذي يعمل على تنظيم عمل الهيئات ويحسن الأداء فيها.

ولا تزال هذه الدولة ترعى أوامر الله وتذود عن حياض الشريعة وتعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بفهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، ولا يزال خادم الحرمين الشريفين حفظه الله سندا -كوالده رحمه الله وغفر له- لكل عمل يؤدي لحفظ الأمن الفكري والأمن على الأخلاق والأعراض والأنفس، ويرفع معه اللواء ولي عهده رعاه الله وسمو النائب الثاني وفقه الله.

ثرمداء

SDOKHAIL@GMAIL.COM
 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة