ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 04/12/2012 Issue 14677 14677 الثلاثاء 20 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

بدءًا نؤمن جميعًا بحقيقة مسلمة وهي أن المال عنصرٌ مهمٌ في أيِّ تنمية أو عطاء أو إِنْجاز لكن غير المسلّم به أن المال هو كل شيء.. وأنه السبب الأول والأخير بالإنجاز.. فقد يتوفر المال لكن يكون الإِنْجاز صفرًا.

من هنا كم ينزعج المواطنون عندما يرون بعض الجهات الحكوميَّة مقصِّرة في أداء واجباتها أو خدماتها ومشروعاتها ولا تجد هذه الجهات لتقصيرها إلا (شماعة وزارة المالية)!.

إنني أتساءل -مع هؤلاء المواطنين- لماذا نرى جهات حكومية أنجزت وأعطت ويسَّرت الخدمات للمواطنين بينما هناك جهات مقصِّرة ولا تجد إلا المبررات والأسباب التي تعزو إليها تقصيرها، وفي مقدمتها (الشأن المالي).

إننا نرى ونقرأ أن ميزانية الدَّوْلة وبخاصَّة في السنوات الأخيرة تعطي كافة الجهات الحكوميَّة باليد المليانة حيث تصل أرقام كل جهة إلى مئات الملايين، بل يصل بعضها إلى سقف المليارات ولكن مع الأسف لا يَرَى المواطنون الأثر الكبير على مستوى إِنْجاز بعض الجهات وبخاصَّة الخدمية، لقد أدرك الملك عبد الله -حفظه الله- هذه الحقيقة عندما قال قبل سنوات عندما أعلن ميزانية الدَّوْلة مخاطبًا الوزراء: (لا عذر لكم اليوم فالآن المال متوفرٌ لدى جهاتهم).

إذن هناك أسبابٌ أخرى غير المال هي التي وراء عدم الإِنْجاز والتقصير ويفترض على مسؤولي الجهات المقصرة أن يلتفتوا لها وهي بالغة الأهمية: مثل التخطيط وضرورة الأخذ بمبدأ الأوليات، مكافحة الفساد المالي، والمتابعة الدَّقيقَة للإِنْجاز من قبل المسؤول الأول في الجهاز، فهذه عوامل مهمة جدًا لها أثرها الكبير في الإِنْجاز ودرء التقصير، وهي -أي هذه الأسباب- لا تقل -بحال من الأحوال- عن عنصر (المال) الشماعة الأقرب والأسهل التي سرعان ما يعلّق عليها بعض المسؤولين بطء تنفيذ أو عدم إنجازهم أو قصور خدمات جهاتهم.

ومع الأسف ليست الجهات الحكوميَّة فقط هي التي تعلِّق تأخير منجزاتها ومشروعاتها على (شماعة المالية)، حتَّى المقاولون عندما يتأخرون في استكمال عقود مشروعاتهم عن وقتها المحدد أو يفشلون في إنجازها فإنّ أسهل طريق لهم هو شماعة (تأخير الصرف)، وفي الغالب هذا لا يكون صحيحًا، فالمعروف أن وزارة الماليَّة تصرف المليارات بِشَكلٍّ منتظم لمئات الشركات والمقاولين الذين ينجزون أعمالهم، ويستكملون شروط الصرف المطلوبة، ولو لم يكن ذلك لما رأينا أن المقاولين الجادين ينجزون مشروعاتهم التي توجد على أرض الوطن، التي يصرف عليها آلاف المليارات، ووزير الماليَّة المختص د.إبراهيم العساف لم يكتف بنفي تأخير الصرف للمقاولين، بل أكَّد أن أيّ أمر صرف لا يتجاوز أسبوعًا إذا كانت الإجراءات سليمة. وقال بتصريح بصحيفة (الرياض): (أتحدى أيّ شخص أو جهة تعمل في مشروع حكومي وردّ له أمر الدفع من قبل وزارة المالية، وكان مستكملاً الإجراءات ولم يدفع خلال أسبوع، فالمقاولون يحصلون على مستحقاتهم في الوقت المطلوب، أحيانًا تخلق قضية من لا شيء ولا يوجد أيّ تأخير، هناك بعض المقاولين يعملون في مشروعات أكثر من قدراتهم ويكون هنالك تأخير من قبلهم).

كلام الوزير منطقي؛ لأنه يتحدث عن أرقام وليس أيّ كلام!.

وآخر ما تَمَّ نشره تقرير رسمي يقول: إن وزارة الماليَّة صرفت بالنصف الأول من هذا العام أكثر من 78 مليار ريال على عقود المشروعات والخدمات.

وبعد: كم يتطلَّع المواطنون أن ينأى المسؤولون والمقاولون عن تعليق تقصير جهاتهم وعدم تحقيق طموحات المواطنين (بشماعة المال) التي يركن إليها بعض المسؤولين لتبرير قصور الإِنْجاز أو الخدمات، إن الجهة المنجزة والناجحة هي التي تتحرَّك في دائرة الإمكانات المتوفرة لها وفي الإمكانات الماليَّة المعتمدة لها وهي -مع حسن التدبير- كفيلة بإِنْجاز الكثير، وتوفير الخدمات، وإذا نظرنا فإنَّ كل جهة تأخذ كل عام مالي رقمًا كبيرًا من حصة الميزانية. ولو قارنا رقم هذه الجهة أو تلك لوجدناه يعادل ميزانية ثلاثة أو أربع وزارات في عديد من دول العالم!.

المال عنصرٌ مهمٌ من عناصر أسباب الإِنْجاز لكن هناك عناصر أخرى قد تكون أهم وإذا لم تتوفر، فالمال سيضيع كما ضاع شعر ذلك الشاعر العباسي الذي قال:

لقد ضاع شعري على بابكم

كما ضاع (عقد) على خالصة

لذا نريد أن يضيء المال المعتمد لكم لا أن يضيع في دهاليز (البيوقراطية) وتبريرات عدم الإنجاز.

هل تريد هذه الجهات المقصِّرة أن تعطيها وزارة الماليَّة كامل أرقام الميزانية وماذا تترك للجهات الأخرى، إن وزارة الماليَّة أشبه (بربِّ الأسرة) الذي يوزع دخله بالتساوي ما بين تأمين الغذاء والدواء والسكن والمركب والترفيه إلخ.. وعليه ألا يخلَّ بواحد منها وألا يجعل واحدًا منها على حساب الآخر، وهكذا هي وزارة الماليَّة لا تستطيع أن تعطي التَّعليم على حساب الأمن، ولا المياه على حساب الكهرباء ولا الشباب على حساب الصحة، لا بُدَّ من التوازن وبخاصَّة أن كل جهة ترى أن هي وخدماتها هي الأهم، لكن (وزارة المالية) توزع أرقام الميزانية بالتساوي وحسب حاجة وخدمات كل جهة.

hamad.alkadi@hotmail.com
فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi
 

تقصير جهات حكومية وشمَّاعة المالية
حمد بن عبد الله القاضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة