ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 11/12/2012 Issue 14684 14684 الثلاثاء 27 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أصعب الأسئلة التي ستواجه الناس كل منهم لوحده .. سؤال “المال”، إذ هو سؤال مركّب، ذو شقّين “المدخلات” و” المخرجات”، ولذا كان لابد من التذكير بهذا الأمر الهام الذي جزماً سيكون.

لقد عنّ لي هذا الموضوع وأنا استمع لحديث أحد رجال المال والأعمال المبرزين، وهو يفيض في ذكر الثراء الفاحش والنعيم الوافر الذي يتقلّب فيه عدد كبير من السعوديين الذين لا يعرف عنهم أحد، وربما كان ما عندهم من أرصدة مالاً مهاجراً أو أنه متستراً بأيّ صورة من صور الإخفاء، وكان السؤال الذي ثار في الذهن حينها وما زال عالقاً حتى هذه اللحظة.. ترى كيف أصبح هؤلاء أثرياء؟!

وعلى افتراض أنّ باحثاً متخصصاً في دراسات المجتمعات الإنسانية، قام بدراسة مدخلات المال عند عينة من هؤلاء الذين يملكون الملايين بل المليارات في السعودية عموماً والمدن الكبرى على وجه الخصوص.. ماذا تعتقدون أنه قائل، وما هي أبرز النتائج التي سيتوصل لها بعلمية ومهنية واحترافية وشفافية ومصداقية كاملة.. ما هي أبرز هذه المدخلات عند هؤلاء في نظركم أنتم قبل الباحث المختص.. وكم هي مساحة الحلال منها، الذي جاء بعرق الجبين، ولم يكن فيه شيء يقع في المحرّم أو حتى المشبوه.. كم نسبة الأنقياء حين التدقيق الذين لم يأخذوا حق أحد سواء أكان قريباً أو بعيداً، صغيراً أو شيخاً كبيراً، أنثى عاجزة أو ذكراً ضعيفاً، ولم تمتد أيديهم لشيء من المال العام الذي ائتمنهم وليّ الأمر عليه وسيحاسبهم الله فيه.

أعرف شخصياً زملاء يتحدثون اليوم عن صفقات وعقارات وممتلكات بالملايين، قبل سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة لا يملكون المائة ألف.. بصدق لا أدري كيف؟! مع أنهم لم يرثوا الثراء كابراً عن كابر، وليس لديهم مداخل واضحة ترصدها الأعين المجرّدة يمكنها أن تضخ لهم هذا المال الكثير وتوصلهم لهذا الرقم الضخم بهذه السرعة الغريبة!!

- آخرون لا يرون للمال العام حرمة، ولذلك يتحايلون على أخذ ما استطاعوا منه، المهم ألّا يقعوا في دائرة المساءلة القانونية.. أشد من هذا قد يوظف بعض أصحاب المناصب القيادية العليا أو المتوسطة أو... المؤسسة الحكومية التي يتربّع على رأسها، ويتولّى إداراتها.. يوظفها لمصالحه الشخصية تحت ستار المصلحة العامة، وللأسف الشديد.. والغريب أن هناك مدراء شؤون إدارية ومالية ومديري عموم فضلاً عن وكلاء ووزراء، رواتبهم التي يتقاضونها محدودة ومعروفة، ومع ذلك ترجّلوا عن كراسيهم الدوّارة، وقد أصبحت ثرواتهم بالمليارات.. وهناك من جاوز سن التقاعد ولكنه باقٍ في مكانه الذي قد يكون أقل بكثير من مكانته الاجتماعية ولا تتلاءم ومستواه الاقتصادي، وترهقه وتتعبه وتمرضه حياته الوظيفة التي يعضّ عليها بنواجذه، ليس حباً للمكان ولا خدمة للوطن كما يحلو له أن يقول، ولكن من أجل أن يسير أموره الشخصية من خلف طاولته ذات الأربعين عاماً أو يزيد!!

- جمعٌ ثالث جاء ثراؤهم بالمتاجرة ببني البشر والكسب بعرق جبينهم.. يحضر 2000 عامل مثلاً ويأخذ على كل واحد منهم 200 إلى 500 ريال شهرياً، أو أنه يعمل على تأجير الشغالات ويعطيهن الكفاف ويأخذ الآلاف، وأقلّها بيع الفيز التي اؤتمن عليها من قِبل الشركة التي يعمل فيها!!

- وهناك من كان مصدر ماله الربا المعلوم تحريمه في الدين، أو أنّ هذا المال جاءه عن طريق الرشوة أو التزوير أو حتى شهادة زور لاستخراج صك ومن ثم حيازة الأرض من قِبل مدّعي ملكيتها وإحيائها وأخذ الشاهد المدفوع له نصيبه منها، أو السرقة غير المنظورة والتي قد لا تصنّف عند البعض وللأسف الشديد على أنها سرقة بل تعتبر عندهم شطارة وذكاء “يسمونها بغير اسمها”.

- وعن بيع الغبن، واستغلال جهل المستهلك، ورفع الأسعار، والعشرة بعشرين وكلما زدت زدنا، والاحتكار، والاتفاقيات الثنائية التي من تحت الطاولة وغير ذلك كثير... حدث ولا حرج.

هذه دعوة من قلب محب لكلِّ الأثرياء والباحثين عن المال في مجتمعنا السعودي.. ترى من أيّ الأصناف أنت؟!، ليس هذا فقط بل أكثر منه.. هل أنت صاحب قلب ميت لا يفكر أبداً بهذه المشكلة التي تلبس بها، أم أنك من أصحاب الضمائر الحيّة اليوم التي بدأت في تصحيح المسار قبل ولوج النار.

إننا لسنا أُمّة رأسمالية تؤمن بحرّية الكسب المطلقة، بل المال في حسنا مال الله ونحن مؤتمنون عليه وسنُسأل ونُحاسب عنه يوماً ما.. رزقني الله وإيّاكم الرّزق الحلال ووقانا شر الحرام، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
سؤال للأثرياء بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة