ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 13/12/2012 Issue 14686 14686 الخميس 29 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عرف افتتاح منتدى فاس الذي عقد بتاريخ 07-08-09 دجنبر 2012 حول تحالف الحضارات والتنوّع الثقافي والشراكة الأورومتوسطية في موضوع: التربية والتعليم وتنمية المجتمع في العالم العربي والإسلامي:

التحديات والآفاق احتفالية إنشاء الجامعة الأورو متوسطية التي سيكون مقرها بمدينة فاس، ومن بين مهام الجامعة الأورومتوسطية لفاس نشر المعرفة والتكوين والبحث من مستوى عال جدا مع التركيز على مواضيع ذات فائدة بالنسبة للفضاء الأورومتوسطي. تهدف أيضا إلى أن تكون منبرا متميزا للتفكير المبني على القيم التي يحملها المغرب في مجال التسامح والحوار والتبادل بين الثقافات في المنطقة الأورومتوسطية، وقطبا للامتياز في مجال الخلق والإبداع المتطابق مع المعايير الدولية في ميدان الهندسة والبحث، الشيء الذي من شأنه خلق الثروة بواسطة المعرفة والمهارات العلمية والتكنولوجية. تطمح الجامعة أيضاً إلى تكوين نخبة الغد حول القضايا الأورومتوسطية، وتكوين مهندسين وباحثين يحتلون مراتب القيادة في المجالات ذات الفائدة الكبرى بالنسبة للمغرب.

وللذكر فقد انعقدت يوم السبت 24 نوفمبر 2012 بفاس الجمعية العامة التأسيسية للجامعة الأورومتوسطية لفاس (جامعة أوروميد - فاس) تحت رئاسة السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، الأستاذ لحسن الداودي. وقد أحدثت “أوروميد - فاس” على شكل “مؤسسة” وهي موضوعة تحت الرئاسة الشرفية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وقد تمت الإشادة بهذه المبادرة وإقرارها في نوفمبر 2008 بمارسيليا بمناسبة المؤتمر الوزاري للدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط.

وفي سنة 2011، أسند العاهل المغربي تنفيذ مشروع جامعة أوروميد - فاس للأستاذ مصطفى بوسمينة، مستشار أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات والمدير العام السابق ومؤسس مشترك للمعهد المغربي المتقدم للعلوم والابتكار والبحث، مدير أبحاث سابق لجامعة لافال، كيبيك - كندا.

وقد تم منح مشروع أوروميد - فاس صفة “مشروع أورومتوسطي” بمناسبة “اجتماع الموظفين الساميين” للاتحاد من أجل المتوسط الذي يوجد مقره في برشلونة ويجمع 43 دولة بما فيها كل الدول الأوروبية ودول الجنوب المطلة على الفضاء المتوسطي في يونيو 2012، وهو ما يفتح في آن واحد إمكانيات للتمويل لدى المؤسسات الأوروبية وشراكات أكاديمية مدعومة من مؤسسات الفضاء الأورومتوسطي.

وقد قامت الجمعية العامة المنعقدة في 24 نوفمبر بفاس بتعيين الأستاذ مصطفى بوسمينة رئيساً لجامعة أوروميد - فاس.

ويجب التذكير بأن مدينة فاس تحتضن أقدم جامعة في العالم وهي جامعة القرويين التي شيدتها أم البنين فاطمة الفهرية. وقد أصبحت القرويين عبر القرون مركزا عالميا للتعليم وإحدى الجامعات الأولى في العالم التي نشرت المعرفة في أوروبا وفي باقي أنحاء المعمور. وقد مر بجامعة القرويين منذ القرن الثاني عشر عدة شخصيات ذات شهرة واسعة وتندرج الجامعة الأورومتوسطية في هذا المسار متبنية في مجالات تخصصها العلوم الإنسانية والهندسة في كل تجلياتها وستكون ذات بعد متوسطي وعالمي من أجل نشر المعرفة وتحقيق التنمية لكل الشعوب.

تتموقع الجامعة على شكل “مدينة” جامعية فوق مساحة من عدة هكتارات بفاس، وسوف تستقبل الطلبة والأساتذة والموظفين الإداريين والتقنيين من مختلف بلدان المنطقة الأورومتوسطية وأيضا طلبة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقارة الإفريقية.

وقد أجاد المفكر المغربي المقتدر الأستاذ العربي المساري في ورقته الموجهة للمنتدى عندما تطرق إلى الدور المتوسطي للمغرب... فبإمعان النظر في ما حفلت به العشرية الماضية بالمغرب، يبرز للملاحظ أن هناك إستراتيجية تهدف إلى توطيد موقع المغرب في محيطه المتوسطي. ليس فقط من حيث تعهد علاقاته المتعددة الأبعاد مع دول الضفة الشمالية للمتوسط، بل باتخاذ خطوات متئدة وواثقة في تأهيل الواجهة المتوسطية من طنجة إلى السعيدية للانفتاح على الشمال. وهذا يسير في خط واحد مع الاستعداد النظري للقيام بدور في حظيرة الدول المشاطئة للساحل الأطلنطي.

وقد بادر الملك محمد السادس بعد أسابيع قليلة من توليه العرش إلى إعطاء إشارة واضحة بخصوص نواياه المتوسطية كواحدة من ثلاث أسبقيات حرص على تبيانها، هي الفكرة المتوسطية على الصعيد الخارجي، والمفهوم الجديد للسلطة على صعيد التدبير الداخلي، وذلك بعد أن ظهر بجلاء اهتمامه بالتنمية البشرية من خلال انكبابه على معالجة الخصاص على الصعيد الاجتماعي. ويظهر الاهتمام الخاص الذي تحظى به علاقات المغرب مع المجموعة المتوسطية بكيفية جلية في الأطروحة الجامعية (الدكتوراه) التي كان قد ناقشها ملك المغرب وهو ولي للعهد في فرنسا. وكان الأستاذ محمد العربي المساري قد عمل على ترجمة فصول من تلك الأطروحة؛ وقد حفزه التفكير في مغزى كل ذلك، على أن يقول بإيجاز، بعد مضي وقت وجيز من العهد الجديد، إن مغرب محمد السادس، يتجه بوضوح نحو العودة إلى المتوسط. وكان يرى أنه آن الأوان لكي يعود المغرب إلى احتلال موقع بارز في المتوسط، كما كان حاله في أزهى عصوره.

ولا يعني هذا أن البعد المتوسطي يجب أن يبرز ليلغي البعد الأطلنطي، أو البعد الصحراوي من دور المغرب في محيطه، بل إن المغرب لا يكون في وضعه الطبيعي إلا وقد استوى في رباعيته المجالية، المتوسط والأطلنطي وإفريقيا والعالم العربي.

ويقول لنا التاريخ إن المغرب حينما انسحب من المتوسط انغلق على نفسه وغرق في الفتن الداخلية، وانشغل عن النهضة التي كانت تعتمل في قربه، على إيقاع توجه أوربا نحو الحداثة.

انسحب المغرب من المتوسط بعد أن فقد سبتة ومليلية. وكان هذان الثغران هما العينان اللتان كان ينظر بهما إلى المتوسط. وحينما فقدهما فقئت عينا العملاق الذي انطوى على نفسه، مخافة الاصطدام مع الكبار، بعد أن لم يعد واحداً منهم.

والمتوسط هو حلبة يحتدم فيها تنافس لا يقوى عليه إلا القادرون. وكان المغرب في جوقة القادرين حينما كان له أسطول كثيف، وكان له تحرك اقتصادي نشيط، وتفاعل سياسي وثقافي في منطقة كانت هي مرجل تاريخ العالم. وكف المغرب عن التحرك في المتوسط فغابت عنه شمس التطور، واستسلم إلى ظلمات الفتن الداخلية.

وبالتنافس في حلبة المتوسط يتم صقل المؤهلات، ويكون البقاء للأصلح. والمغرب اليوم، الواثق من نفسه، العازم على اقتحام التنافسية بشروط لا تساهل فيها، والقابل لتحديات التبادل الحر ومقتضيات العولمة، مؤهل لاحتلال مكانه المستحق في هذه الحلبة. والأبعاد المجالية الأربعة، يكمل أحدها الآخر. وهو ما طبع تحركات المغرب طيلة العشرية الماضية، وخاصة في الواجهة المتوسطية والعربية.

كانت رحلة العودة إلى المتوسط قد انطلقت بضع سنين قبل 1999، من خلال إلحاح المغرب على الاقتراب من المجموعة الاقتصادية الأوربية. وفي اختبار ميداني متميز تأتي لولي العهد أن يخبر الأمور عن قرب في مرصد مشرف على الأوضاع هو مكتب الرئيس جاك دولور، رئيس اللجنة الأوربية.

وكانت وكالة إنعاش أقاليم الشمال، قد بدأت في يونيو 1996 العمل على تأهيل الواجهة المتوسطية للمغرب، بتحريك عجلة التنمية فيها. ولكن كما هو واضح شهدت عملية التحريك هذه والتدابير الرامية إلى التأهيل، إيقاعاً متسارعاً ابتداء من سنة 2000. والذي يراجع سجلات الوكالة لما بعد سنة 2000 يجد فعلا أن كثافة التدخلات، وسرعة الإنجازات، وغزارة النتائج، قد اتخذت إيقاعا أكثر أهمية في العشرية الماضية.

الجامعة الأورو متوسطية اليوم ستجسد هذا الانتماء وهذه السياسة الإستراتيجية ولا غرو أنها ستكون عاصمة لقل وصقل وتطوير التكنولوجيا المتطورة في كل مناحيها والتقريب بين شعوب المنطقة في مجالات لا تحتاج إلى تأشيرات أو جوازات سفر....

 

العودة إلى المتوسط.. الجامعة كنموذج
د. عبد الحق عزوزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة