ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 13/12/2012 Issue 14686 14686 الخميس 29 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

إن مما يفسد التفكير الطريقة التي يسمح بها الناس لعواطفهم وشهواتهم ورغباتهم أن تتدخل في التفكير؛ فالسيدة البدينة شديدة الرغبة في إنقاص وزنها، ولذلك فهي تحاول أن تغيّر ما يسجّله الميزان بأن تقف على قدم واحدة، مؤملة أن ينقص وزنها بذلك إلى النصف.

وواضح أنها إنما تخدع نفسها في محاولاتها أن تنقص الرقم الدال على وزنها في الميزان، ولكنها ستشعر بمزيد من الرضا لو نقص الرقم، ولهذا فهي تتمسك بالقشة للوصول إلى النتيجة المرغوبة.

وهذا استخدام خاطئ للقياس التشبيهي، فالسيدة البدينة تفكر بالطريقة الآتية: (إذا كانت كل من ساقي تحمل نصف وزني، فإن الميزان سيسجل نصف الوزن فقط إذا رفعت ساقاً واحداً على قاعدة الميزان).

إن هذا لا يحدث بالطبع لأن كل ثقلها يعتمد الآن على ساق واحدة، وهذا الثقل ينتقل إلى قاعدة الميزان.

إن معظم الناس لا يرتكبون مثل هذه الحماقة، ولكن نمط التفكير الذي تستخدمه السيدة البدينة يستخدمه أيضاً كثير من الناس في ظروف أخرى، فمثلاً قد يكون هناك نزاع بين شخصين على بعض أمتار من الأرض بطول الحدود الفاصلة بين أملاكهما. إن موضوع النزاع صغير جداً بحيث إن الشيء المعقول الواجب عمله في هذه الحالة هو استدعاء حكم محايد ليبحث الحقائق ويقرر من هو المحق، وربما قام بتقسيم تلك الأمتار بينهما بالتساوي.

ولكن يحدث كثيراً في مثل هذه الظروف أن يبلغ من غضب الناس بعضهم من بعض أن يتجاهل الطرفان أية نصيحة وينفقا ألوف الريالات في الرسوم القضائية لعرض النزاع على المحاكم، بل هم قد يلجأون إلى العنف.

وكثيراً ما يلجأ الخطباء إلى استثارة عواطف مستمعيهم ليقنعوهم بصدق ما يقولون. ولبعض الخطباء مقدرة خاصة على تحريك عواطف جماهير الناس رغماً عما قد يكون في أقوالهم من تناقض. ويصعب على معظم الناس أن يسجلوا في عقولهم تفصيلات الخطاب.

وعندما تكون استجابة الناس عاطفية فإنهم عادة يعجزون عن التفكير الصحيح، وإن ما يجده الآخرون من تناقضات في مثل هذا النمط من التفكير يثير حنق هؤلاء العاطفيين ويزيد الأمر سوءاً.

إننا في علاقتنا الإنسانية اليومية لا نستطيع دائماً أن نفكر بهدوء وأن نصل من المقدمات إلى النتيجة بطريقة منطقية غير متناقضة. والواقع أن من يحاول أن يفعل ذلك في كل حالة سرعان ما يصبح بغيضاً إلى الناس المحيطين به.

ولهذا فإنه من الضروري أن نفكر في رد فعل (استجابة) الآخرين لما نقول قبل أن ننشد ما نعتقد أنه التفكير المنطقي.

- المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
 

ما الذي يفسد التفكير؟!
د.زيد محمد الرماني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة