ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 16/12/2012 Issue 14689 14689 الأحد 03 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لا أقصد بالعنوان الشهادات الصادقة أو الكاذبة التي توصل مجرماً أو بريئاً إلى حيث يتلقّى قصاصه ؛ بل أقصد شهادات ورقية يشتريها ضعاف المبدأ، تمنح مؤهّلات ومميّزات في مقابل مادي, وتضعها في يد من لا يستحقها.

من يستحق المميّزات والتوظيف والترقية والتصدُّر هو من يملك تأهيلاً حقيقياً وليس تأهيلاً مدعى. ولو كان كل ما يتطلّبه التصدُّر هو ادعاء استحقاقه، لما رأينا المؤهّلين يبذلون جهودهم في برامج دراسية وتخصصية متعبة على مدى سنوات طويلة.

تتابع أوساط مغرّدي تويتر قائمة أصحاب الشهادات المشكوك فيها: المشتراة من جامعات وهمية أو التي حصل عليها من جامعات غير معترف بها. وهناك طبعاً فرق بين الفئتين في صالح الفئة الثانية. وإن كانت الحالتان تشيران لظاهرة سلبية محزنة. نحن نثق بـ»المؤهّلين» ونطلبهم, ولذلك تكاثر بيننا من يتدثّرون بشهادات وهمية.

الشهادات المشتراة من مؤسسات تعليمية وهمية لا تملك مقراً ولا تقدم كورسات يلتحق بها الطالب, هي مجرّد وهم وذنب يرتكبه من يحاول الظهور بمظهر المؤهّل بشهادة جامعية أو عليا لينال رتبة أو مميّزات وظيفة لا يستحقها فعلاً, لأنّ هناك من يملك التأهيل الحقيقي للقيام بها. وحين تكون هذه الوظيفة مرتبطة بتعليم أو تدريب أو توجيه النشء، أو اتخاذ قرارات مهمة في هرم صنع القرار فإنّ نتائجها وبال متوقّع.

أما الجامعات والكليات غير المعترف بها محلياً، فهي مؤسسات موجودة ولها مقار رسمية تنظم فيها الدراسة، ولكن ما تقدمه من مناهج قد لا يرقى إلى الحد الأدنى المقبول، وقد وهو الاحتمال الأسوأ لا يعلم بها من يقوم بالتصنيف رغم تميُّزها. وقد وجدت بالتجربة أن من تخرّج من جامعات ومؤسسات أدنى مرتبة أو حتى متوسطة، وفي مجال تخصص نظري مائع، يكاد لا يعرف شيئاً عن الفرق بينها وبين مؤسسات وجامعات علمية شهيرة مثل برينستون ويال وديوك في الولايات المتحدة، أو أوكسفورد وكيمبريدج في بريطانيا، أو إنسياد في فرنسا. بل إنّ هناك من لا يميّز بين جامعة نورث إيسترن الضعيفة المستوى ونورث ويسترن المتميّزة. ولذلك عند التقدم لوظيفة أو الحكم على متقدم لوظيفة يحكم على المتخرّج من مؤسسة قميئة كما يحكم على المتخرج من جامعة مميّزة أو حتى بتحيّز للأول.

وأذكر طالباً أعرفه متميّز الذكاء والتحصيل تخرّج بشهادة مهندس في الهندسة الاقتصادية من جامعة برينستون الشهيرة، وتقدم للتوظُّف في شركة معروفة فأصرّ المسؤول في التوظيف أنه لا يستحق مميّزات «خريج هندسة» بل فقط «خريج اقتصاد».. ثم سأله ناصحاً: لم لم تختر جامعة مثل «!!» وهي في الحقيقة كلية محلية مغمورة في ولاية يؤمُّها من لا يجدون قبولاً في جامعة معروفة!

قد يختار الطالب الأجنبي - بعلم وتقصُّد أو بغير علم - مؤسسة لا تستحق أن يقضي فيها بضع سنوات من عمره أو مال من يصرف على دراسته؛ ولكن الأسوأ طبعاً، وبكثير، أن يلجأ شخص إلى التزوير وبخداع مقصود فيستحصل على شهادة جامعية وهمية من جامعة ما معروف أنها ليست سوى اسم في قائمة ما يعرف بـ « طواحين الشهادات» لا مقر لها ولا أساتذة ولا منهج ، دورها فقط أن تضع اسماً على ورقة تخرُّج تشهد بأنّ فلاناً أو فلانة حصل على الشهادة منها.. وذلك طبعاً في مقابل مبلغ مالي تستحصله منه، وكلا الطرفين راضيان.

المأساة تتضح حين يتسع مجال التداعيات لتصور أن يكون بين من تأهل بهذه الطريقة مسؤول صنع قرار أو داعية أو محام أو طبيب تخصص !

وفي مجال التعليم والصحة والقضاء يبكي القلب أن نتصوّر أن مثل هؤلاء «الغشاشين» مستترون بين المسؤولين عن تنشئة أولادنا أو صحة أحبابنا أو حقوق المظلومين! فمن استحصل على شهادة تأهيله بالغش سيكون أيضاً من يستحصل من موقعه الوظيفي عبر الدس أو التزوير أو الإرتشاء على ما يفيده لا ما يفيد صاحب الشأن. هذا إذا لم يؤد جهله إلى الإضرار بصاحب الشأن أو إيصاله إلى المشرحة.

لا أتوقع أنّ كل من حصل على مميزاته بهذه الطريقة سيسارع للاعتراف والندم وتمزيق شهادته علناً، وإن فعل البعض ذلك, مستبقين الفضيحة بإعلان التوبة؛ ولذلك أهيب بكل المؤسسات أن تراجع مؤهّلات منسوبيها عبر مكتب مستحدث فيها يقوم بالتدقيق. والأفضل أن يكون هناك مكتب رسمي مهمته التدقيق في أوضاع وتصنيفات الجامعات العالمية, تعود إليه المؤسسات للتأكد من مؤهّلات موظفيها مواطنين أو أجانب, ومؤهلات المتقدمين الجدد للعمل لديها.

كل ما أنتج الزمان قناة

ركّب المرء للقناة سنانا

التزييف غدر بالثقة وانتهازية يجب فضحها..

ومن الطيبة ما قُتل!

 

حوار حضاري
الشهادات القاتلة
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة