ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 16/12/2012 Issue 14689 14689 الأحد 03 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

حينما اندفع السعوديون وغيرهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تويتر، تعلم أكثرهم الإيجاز، وأصبح كل من يريد أن يكتب فكرة يحسب حروفه، لا كلماته، بدقة متناهية، حتى يستطيع أن يكون واضحاً ومفهوماً ودقيقاً، وكأنما هو عصر الإيجاز في استخدامات اللغة، لا الإطناب الذي يمتلئ بالحشو والترهل في العبارات.

ما أعجبني أن تويتر التي تمنح المستخدم مائة وأربعين حرفاً فقط للتعبير عما يدور بذهنه، لم تكتفِ بذلك، بل تخطط إلى تقليص عدد الحروف المستخدمة في التغريدة الواحدة إلى مائة وثمانية عشرة حرفاً فقط، وهي بذلك تمسح زمن الاختصار القديم، في نظام البرقيات، التي تحسب تكلفتها بالكلمات، فهنا لم يعد الزمن، زمن الكلمات، بل زمن الحروف!.

أمام هذا الاختزال الشديد، لماذا لم تزل مقرراتنا الدراسية تزخر بالمطولات التي لا تضيف للطالب شيئاً ذا بال؟ ولماذا معاملاتنا الحكومية تطوف وتطوف وتزخر بالكلمات والعبارات الإنشائية الطويلة، والصفحات، وهدر الأوراق بطريقة تثير الدهشة؟ ولماذا خطاباتنا القادة العرب طويلة ومكررة، بينما خطابات الأجانب لا تتجاوز الدقائق المعدودة، ويلقيها هؤلاء وهم وقوف؟.

نحن العرب بارعون في فن الإطناب، ونعتبره فناً، بل نبحث عن مكامن الجمال في النصوص الطويلة، ذات الإطناب، ونهلل للسجع في الكلمات، بينما الزمن لم يعد ينظر للكلمات بقدر ما ينظر إلى الحروف فحسب.

ولو كنت مدرساً للصفوف الأولى من المراحل الدراسية الأولية، لدربت تلاميذي على التعبير عن فكرة بأقل الكلمات الممكنة، حتى يتعلم هؤلاء حينما يقودوا الشركات والمؤسسات، كيف يختزلوا الفكرة، ويصلوا إلى أهدافهم من أقصر الطرق وأيسرها.

قد يقول بعضكم بأن هؤلاء عندهم مدرس كفؤ، هو السيد تويتر، فكثير من الأطفال والشباب أصبح لديه صفحة في هذا الموقع الاجتماعي الضخم، وبالتالي فقد تعلّم كيف يوجز في القول، وهذا صحيح إلى حد كبير، لكن ما يطرح فيه من قبل هؤلاء هو إما إعادة تدوير تغريدات الغير، أو الكتابة بطريقة تزخر بالأخطاء والركاكة اللفظية التي تكشف حال التعليم، ليس لدى الأطفال، بل حتى لدى خريجي الجامعات، وربما حملة الشهادات العليا.

وكم أتمنى لو أن مدراء العموم في الجهات الحكومية، خاصة من أدرك التقنية أو أدركته، أن يكون جريئاً، باختزال المعاملات الورقية، سواء في خطوات تنقلها بين الإدارات واختزال مراحلها، أو بكم الأوراق والكلمات التي تهدر يومياً، على عبارات مكررة ومستهلكة.

أرجو ألا يقول قائل، بأننا في الأعمال الحكومية نستخدم الكلمات المختزلة، من فئة: للنظر، للاطلاع، لإبداء الرأي، للحفظ... وهكذا. فهذه الكلمات الصغيرة تخبئ في بطونها بيروقراطية متجذرة، وأعوام طويلة من التلقين، التي لا يتجاوزها إلا موظف مجدد، ليس في الكلمات ولا في الخطابات، بل حتى في إجراءات العمل، التي لا تثقل الموظف نفسه فحسب، بل تعطل كثيراً من المراجعين وطالبي الخدمة!.

كم نحن بحاجة إلى العمل والإنجاز، بأقل قدر ممكن من الكلام!.

 

نزهات
الإنجاز بأقصر الكلمات!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة