ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 21/12/2012 Issue 14694 14694 الجمعة 08 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

ناتج الفروقات يفوق ميزانيات دول عربية
التباين الكبير بين الموازنة المخططة والفعلية للمملكة يثير تساؤلات حول فجوة التنبؤات

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجزيرة - د. حسن الشقطي:

تخطيط الموازنة الحكومية هو من قبيل التخطيط الحكومي الأصيل، ويقوم على توقعات ترتبط بعضها بعناصر محلية وأخرى خارجية، والموازنة تتكون من عنصرين رئيسين، هما الإيرادات والمصروفات، وقد تضخم حجم الموازنات الحكومية السعودية مؤخراً حتى فاق التريليون ريال، ولم يعد حجم الاختلاف بين الموازنات المخططة والفعلية طفيفاً كما كان في الماضي، فبعد أن كانت فوارق الإيرادات على سبيل المثال لا تزيد عن 100 إلى 200 مليار ريال، قفزت خلال عام 2011م إلى نحو570 مليار ريال، وهي قيمة تزيد عن الميزانية الفعلية للعديد من الدول العربية لذلك، فإنه من الهام البحث في السلوك التخطيطي لبناء هذه الموازنات لتحديد مواطن التباين الحقيقي فيها، فهل فعلاً الأسعار العالمية للنفط هي الوحيدة المسببة لهذا التباين وتلك الفروقات؟ أم أن هذه الفروقات قد أصبحت هي نمطاً عاماً للسلوك التخطيطي رغبة في التحفظ أكثر من ذلك؟، فهل التحفظ يعتبر مبرراً كافياً لهذه الفروقات الكبيرة والمتزايدة وبهذا الشكل؟

إن معدلات الخطأ المتعارف عليها يمكن أن تصل إلى 5% وقد تزداد حتى تصل إلى 10% بحد أقصى، ولكن هذه الخطأ بين القيم المخططة والفعلية للإيرادات الحكومية بالمملكة بالتحديد زادت عن هذه النسب حتى وصلت إلى ما يناهز 106% في عام 2011م، فما الذي حدث ولماذا غابت واتسعت فجوة ونطاق التنبؤات بهذا الشكل؟

بناء الموازنات الحكومية

الإيرادات الحكومية تتأتى من مصدرين، الإيرادات النفطية وهي تمثل النسبة الأعلى، وهي تعتبر بمثابة إيرادات حكومية خالصة تحدد بمحددين: الكمية المصدرة من النفط، والسعر العالمي للنفط، ويعتبر العنصر الأول (الكمية المصدرة) تحت سيطرة الحكومة السعودية، إلا أنه محكوم بسقف معين سواء بالقدرات الاستخراجية الوطنية، أو بالسقف التوافقي بأوبك وبالتالي، فإن حجم التغيرات المسموح بها لا تعتبر كبيرة، وتبدو محدودة، ومن ثم يفترض أنه يَسهل بناء مخططاتها السنوية بسهولة. أما العنصر الثاني (السعر العالمي للنفط)، فرغم أنه عنصر حساس وديناميكي للعديد من العناصر الخارجية، إلا أن توقعاته معروفة في غالبية الأحيان، ولكنه هو نفسه مؤشر تفاعلي للكميات المعروضة والمطلوبة والتي تتحدد بناء على معدلات النمو المتوقعة في الدول المستوردة غالباً، وحالة وحيدة التي يشذ فيها السعر العالمي عن المألوف، وهي حالة الأزمات الاقتصادية أو المالية التي تضرب الاقتصاد العالمي، أو أياً من مناطق الاستهلاك الرئيسية، ولا يفترض أن العالم ستصيبه سنوياً أزمات اقتصادية أو مالية.

أما المصدر الثاني، وهو الإيرادات غير النفطية، فهي ترتبط عموماً بقطاع الصادرات الصناعية غير النفطية، والتي من السهل توقع مستوياتها وحدودها، وتوجد العديد من المؤشرات الصناعية التي يمكن أن تقود إلى توقع مستوى الصادرات الصناعية غير النفطية السنوية.

لذلك، فإن بناء مخططات الموازنة السعودية يقوم في حقيقته على العنصر الأكثر حساسية أو ديناميكية، وهو الأسعار العالمية للنفط، وهذا العنصر يرتبط بمعدلات الطلب العالمي، وليس على مستويات المعروض منه. وهذا الطلب يرتكز بشكل رئيس على معدلات النمو الاقتصادي بالدول المستوردة، والتي تقوم على معدلات الاستهلاك فيها، ويعتبر عنصر الطقس البارد أو الأعلى برودة مثلاً أحد أهم العناصر المؤثرة على الطلب على النفط سواء نتيجة زيادة الإنتاج العالمي أو الاستهلاك العالمي من منتجات معينة.

سلوك الإيرادات والمصروفات الفعلية وانحرافاتها عن المخططة

السعر العالمي للنفط لم يعد شيئاً جديداً على بناء الموازنة الحكومية المحلية، بل إن المملكة تعتبر الأكثر خبرة به، ويوجد عنصر يقلل من درجة مخاطرة السعر العالمي على الإيرادات الحكومية، وهو أن المملكة تعتبر إحدى أهم الدول (إن لم تكن على رأس الدول) المحددة لهذا السعر العالمي، لأنها تمتلك القدرات الإنتاجية الأعلى وأيضاً الاحتياطيات الأعلى.. بل إنها تعتبر الدولة الأكثر تأثيراً في منظمة أوبك التي تتحكم في سقف الإنتاج وبالتالي هي التي تكاد تحدد السعر العالمي بشكل أو بآخر، لذلك، فإنه يفترض نظرياً أن تقل حدة الفوارق والانحرافات بين أرقام الموازنات المخططة وتلك الفعلية من عام لآخر بالمملكة.

إلا أن الواقع الفعلي يشير إلى تزايد حدة هذه الانحرافات بشكل كبير ومتزايد، حتى وصلت إلى ما يزيد عن الـ 100% لبعض العناصر مثلما حدث للإيرادات الحكومية في عام 2011م .. وتشير الأشكال (1) و(2) إلى أن الإيرادات النفطية وإجمالي الإيرادات يعتبران من أكثر العناصر التي نالها الانحراف خلال السنوات الأخيرة.

وإذا كان سلوك انحراف الإيرادات مقبولاً من حيث المبدأ، فإنه يبدو أنه مبالغ فيه، ويتطلب قدراً من الانضباط، بحيث ينبغي تقليل حدة التباينات بين الفعلي والمقدر عن المستويات الكبيرة التي وصل إليها.

وعلى الجانب الآخر، فإن الأمر المثير للدهشة هو اكتشاف وجود انحرافات في عناصر الإيرادات غير النفطية أيضاً، بل وانحرافات واضحة في إجمالي المصروفات.. حيث وصلت فوارق المصروفات إلى حوالي 224 مليار ريال في عام 2011م، رغم أن هذه المصروفات هي عنصر تحت سيطرة المخطط بشكل كامل.

إن هذه التباينات بين القيم المخططة وتلك الفعلية في الإيرادات والمصروفات ترك أثراً كبيراً في إحداث فجوة عميقة في توقعات العجز/الفائض، فبعد أن كانت هذه التباينات ضئيلة للغاية في السنوات 2001-2003م، أصبحت متسعة وكبيرة بدءاً من عام 2004م. إن الأمر يتطلب البحث والتمحيص في مسببات هذه التباينات، والسعي لتقليصها بحيث لا تتجاوز النسب المتعارف عليها دولياً طالما لا توجد أزمات عالمية تبررها.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة