ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 22/12/2012 Issue 14695 14695 السبت 09 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

** طَرح في جلسات بعض أصدقائه استفهامًا طالما أرقه وما يزال يبحث عن إجابته؛ فلماذا نبدو متأزمين قلقين ضجرين مهمومين بتضخيم السلبيات وإثراء المجالس بما نضيفه إليها مما نعيه حقًا وظنًا أو نسمعه مشافهةً وتناقلاً موثقًا أو ملفقًا مُعرضين عن تذاكر إيجابياتٍ لا يخلو منها جمعٌ أو مجتمع؟

** انحرفت الإجاباتُ عن مغزى السؤال لالتهائها بإثبات تكاثر السلبيات وتعرية سوءاتها وعرض أمثلةٍ جديدةٍ تضاعفها بما يعني ألاَّ مناصَ من الدوران في حلقة التيه الممتلئة بالغبار والمحجوبة عن دفء الشمس وجمال المطر.

** افترض أن الفتراتِ التحوليةَ في حياة الشعوب تترافقُ مع التوتر، واستعادت ذاكرته ما كتبه الفيلسوف الإنجليزي “توماس هوبز” صاحب نظرية العقد الاجتماعي مجسدًا حال الناس زمنًا أدركه في “القرن السابع عشر” حيث اختلط الحق بالقانون وخضع الناسُ لإملاءات عقولهم وميولهم وتجذرت لديهم أحاسيسُ الخوف والعزلة.

** كان يصف حال ناسه الأوربيين في فترات الحروب، وهي فتراتٌ طالت واستطالت وظلت تعشي العربيُّ؛ “من عاشها بنفسه ومن عايشها بحسّه” وتؤذيه وتُخلُّ بتوازنه الذهنيّ وتصنع تطرفًا يلد تطرفًا لا يأذن بالمحاكمة العادلة والأحكام المعتدلة.

** جانبٌ أيقظ جوانبَ أسوأَ تجلت في إظهار رديء ما تختزنُه ذواتُنا من تعصبٍ وعصبيةٍ وكرهٍ وتصنيفٍ وصكوك براءةٍ وإدانةٍ لم تقف غلواؤُها عند الكبار فأورثوها الصغار، وبات الكثرةُ مستثارين سواءٌ عابرو الطريق أو طلبةُ المدارس والجامعات ومن هم عند التجمعات وخلال الاجتماعات، وكان حقُّها أن تستأثرَ ببعضِ قراءةٍ سعيًا لتجاوز تأثيراتها الآنيةِ والمستقبلية.

** لا يقف الأمر عند حدود العلاقاتِ الفرديةِ فقد أصبح المجتمعُ ميَّالاً للمثير في حراكه ومستشرفًا لما قد تُفرزه الإشاعةُ من عناوينَ لامعةٍ ولو كانت خادعة، ويخفتُ صوتُ الحقيقة بها؛ فيُصدَّق الكاذب ويُصفَّق للمرجف، ولا يبدو مهمًا أن يَرد نفيٌ أو يَصدر حقٌ، وتتوالى معضلةُ الثقافة القطيعيةِ التي لا تخصُّ العامةَ بل تقود الخاصةَ والمتخصصين.

** لم يكن مجتمعُنا بهذه العدائيةِ ليثور ولا بهذه السذاجة ليطير؛ فما الذي تغير؟ أتكون إفرازًا مدنيّا طارئًا أم انبعاث ركامٍ نفسيٍ دفين؟ وهل أسهم الفضاءُ المفتوحُ غيرُ المنضبطِ في تقديم الهارفين على العارفين؟ وكيف يستعيد المرءُ المثقلُ بهموم عيشه اطمئنانَه على حاله وعياله؟ ولمَ تشيعُ فكرةُ الهجرة بين الصغار والعزلةِ بين الكبار؟

** ربما رأى بعضنا ترك هذه الأعراضِ تسبح في عوالم ذهنيةٍ وافتراضيةٍ ليَصدُق من يصدُق ويُصفقَ من يصفق ولكنها تتوغل بعدوى المتواليات الهندسية وقد نكتشف يومًا أننا ننتمي لمجتمع لا نألفه بل لا نعرفه.

** يبقى من المهم ألا يغزوَ التوترُ اللغةَ الرسميةَ؛ فالاستعداءُ يخلقُ الأعداء، والتسامحُ والإعراضُ وصايا هادئةٌ تُقرئُ السلام على الجاهلين والمتجاهلين، وقد يتعكر ضوء الشمس لكنه لا يتغير.

** الهدوءُ رقيٌ ورقية.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon
 

من كدّرَ النهر؟
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة