ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 24/12/2012 Issue 14697 14697 الأثنين 11 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تعلم الشدائد والأزمات أكثر من العظات والنصائح على أهميتها لكل إنسان. وليس هناك مشاعر تفوق تلك التي لدى الوالدين تجاه أبنائهم، خاصة إذا تعرض أحدهم لأزمة أو مرض أو خطر، وهذه أخطر الأزمات بالنسبة للوالدين وأشد الشدائد، وهناك تظهر العبر وتكون الدروس.

دخل أكبر ابنائي مركز الأمير سلطان للقلب لإجراء عملية جراحية لتركيب صمام في القلب وتوسيع الشريان الرئوي، ولكم أن تتصوروا مشاعر الأسرة بكاملها والأقارب والمعارف، من قلق ودعوات وأمل بلطف العزيز الحكيم.

كم كان تأثري وكم تعلمت من هدوء الابن العزيز وتحليه بالصبر والابتسامة في وجه هذه الأزمة، وتقبله لمشيئة الله ثم إجراءات المستشفى ورحلة علاجه الطويلة بكل صبر وهدوء وجلد.

كم نغفل عن أننا نتعلم من أبنائنا وحياتهم معنا كما نعلمهم.

لقد رأيت في هذا الصرح الطبي الكبير، كيف أن الكبار وأخص الأطباء بالذات يأسرونك بلطف تعاملهم وسمو أخلاقهم وتواضعهم الجم، بينما تجد أحيانا موظفا صغيرا يرى أنه بتعقيد تعامله وتقطيب حاجبيه يصنع من نفسه مسئولا كبيرا وهذا بالطبع نتيجة صغر التفكير وضحالة الشخصية، وهذا للأسف شائع حتى في بعض القطاع الخاص.

رأيت في هذه الظروف الشديدة، كم هو جميل تعاطف الناس ووقوفهم، اتصالاتهم وزياراتهم، سمعت الدعاء بالشفاء من الكريم الرحيم ورأيت الدموع في عيون أقارب وأصدقاء، رأيت وتلقيت اتصالات من أقارب ومعارف باعدت بيني وبينهم مشاغل الحياة، فأعادتهم هذه الظروف الصعبة والشديدة إلي، فأيقنت حقا أن الأزمات فيها من الخير لبني البشر الشيء الكثير إن هم تأملوا في مجرياتها وقرأوا بين سطورها ولله الأمر من قبل ومن بعد.

الصروح الطبية لها هيبة في النفوس ولمن يعمل فيها التقدير والعرفان، وقد قابلت ولا أزال على امتداد مراحل علاج الابن العزيز كثيرا من العاملين من كادر طبي وإداري على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، فرأيت الحس الإنساني يجمع بينهم مما ينعكس بدوره على من يتعالجون تحت أيديهم فتكون دائرة عمل تحفز على البذل والعمل بدأب وإخلاص وتفانٍ مع ابتسامات صافية تكون كالبلسم على أولئك المرضى ومن معهم.

الابتسامة، هذه اللغة الكونية السهلة، كم أزاحت من الحواجز وسهلت من الإجراءات في أروقة هذا الصرح الطبي فليت هذه اللغة تنتشر وتشيع في كل دائرة حكومية، وصدق صاحب أعذب ابتسامة حين قال (تبسمك في وجه أخيك صدقة) صلى الله عليه وسلم.

المرء لايعدم فرص التعلم من كل شيء في هذه الدنيا صغر هذا الشيء أو كبر، فكم من كلمة بريئة صادقة نطق بها طفلك تجعلك تتفكر فيها أو تعيد لك حكمة قد غفلت عنها، فالصغار لم تتلوث عقولهم ولانفوسهم بعد بخبائث الحياة.

أيضا وبرغم تغير أنماط اجتماعية كثيرة، فإن محبة الناس والتفافهم حول ابني ذكرني بأن الخير مازال في الناس وأن المحبة والتواد والتراحم خير سلاح ضد الأمراض الاجتماعية والنفسية، وضمان حماية ضد التقلبات والتيارات الدخيلة وحتى الكوارث والحروب.

وقاكم الله الشرور ومتعكم بالصحة والعافية وسلمت بحفظ الله يا ابني الحبيب.

omar800@hotmail.com
 

وقفة
تعلمت من ابني الحبيب
عمر إبراهيم الرشيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة