ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 28/12/2012 Issue 14701 14701 الجمعة 15 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كيف نعطي شعباً حياة جديدة.. قطيعة جذرية من التخلُّف.. القفزة الكبرى إلى الأمام.. ودع مئة زهرة تتفتح.. عبارات تدغدغ المسامع.. سُطِرت مواقعها في سجلِ تاريخ شعبٍ كُتِبت له صفحة مختلفة في كتب تاريخ الشعوب.. أين متى وكيف..!!؟ وهل هذه العبارات حقيقة تمثّلت على أرض الواقع قبل أن تدوّن في سجلات التاريخ..؟؟؟ .. الحقيقة.. لم تكن تلك العبارات سوى مضمون لشعارات متعدّدة.. رافقت ولادة جمهورية الصين عام 1949م.

جمهورية اقترنت فلسفة قامتِها البنائية بمن امتلك سلطة مطلقة على ربع سكان الكرة الأرضية إنه [الماو] الرجل الحجر الاسم السلطوي [لماوتسي تونغ] الزعيم الأعلى والأوحد للحزب الشيوعي الصيني.. زعيمٌ غامض حلمه الأكبر هو أن يجعل من الصين القوة العظمى في التاريخ.. ويحوّل الحلم من زعامة للصين إلى زعامة للعالم أجمع.

أنهى ماوتسي تونغ شعاراته بأسطورة [الثورة الثقافية الكبرى] ولم يكن الأمر جزافاً إطلاق مسمّى الثقافية على هذه الثورة، فضمناً كانت تشير إلى أنّ الفأس هو أيضاً سلاح إلى جانب القلم.. حالة الحاجة للتخلص من خصوم الصراع على السلطة، لذلك مثلت الثورة الثقافية الكبرى نتيجة مباشرة لأفكار ماوتسي تونغ حول استمرار الصراع الطبقي والتناقضات المتجذرة فيه..

كانت الثورة الماوية ثورة تاريخية بالغة التعقيد.. لم تشمل طبقة المثقفين والسياسيين فقط، بل اعتمد فيها ماوتسي تونغ على جماهير جديدة هم الفئة الطلابية والتلاميذ والشباب، حيث شكّلوا ما يسمّى بالحرس الأحمر.. وطبّقة العمال والفلاحون والذين شكّلوا لاحقاً منظمات جماهيرية لعبت دور الحماية للحرس الأحمر.. ودخلت الصين في فترة هي من أكثر الفترات سواداً في تاريخها.. تحوّلت الثورة الماوية إلى ثورة شعبية كبرى.. عمّت الفوضى في كل مكان واتسعت دائرة العنف وتزاحمت الحركات الثورية تتحارب في الطرقات.. وَفُتِحت أبوابُ الاغتيالات على مصراعيها..!!

أظهرت هذه الثورة مدى البراغماتية السياسية للقيادة الماوية.. حتى أنه لا يمكن لأيّ توصيفٍ مختزل أن يعبرعن معركة ثورية بالغة الصعوبة كهذه الثورة المرتبطة بالوسط السياسي والمتمثل بالنُّخب السياسية الحاكمة التي كان يحركها ماوتسي تونغ منفرداً.. ما يوحي بأنّ الجهاز الحزبي يعمل تحت إمرة وزعامة الماو الصيني المارد.. وأنّ الشعب لم يكن له موقع في القرار، فقط كان مأخوذاً بصورة الزعيم وأفكاره ما دفع بالثورة الثقافية الكبرى أن تصل إلى نتائج كارثية.. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو.. كيف استطاع هذا الماوي الغامض المتسلِّط من تعبئة الملايين إذا كان الجميع أرقاماً مهمشة ومسلوبة الإرادة ولا تُحسِن سوى التصفيق لا أكثر..!!؟؟

عقدٌ من الزمان استمرارٌ للثورة الثقافية الكبرى، والتي لم تكن في حقيقتها سوى ثورة تصفية حسابات مع خصوم سياسيين أعداء وأصدقاء تسبّبت في وفاة ما يزيد على سبعين مليون شخص في القرن العشرين أو ما يُطلق عليه القرن الصيني.

بقي الإرث الثوري الماوي نائماً.. إلى أن أيقظته الثورات الشبابية في الوطن العربي منادية بإسقاط الفوقية والسياسات السّلطوية.. ورغم التباين بين الثورات العربية وثورة الماو الثقافية الكبرى.. إلاّ أنّ الصين مَثًلتْ مختبراً تاريخياً خارقاً لايزال ثمة الكثير يمكن التعلُّم منه.. وبروز التجربة الصينية في الوطن العربي رغم التباين هي بمثابة جموح الوثبة الكبرى إلى الأمام لتتجاوز الشعوب نقاط القطيعة الجذرية للحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. فكم من الوقت تحتاج تلك الشعوب لكي تمتلك حداً معقولاً من الوعي والإدراك يمكنها من الاختيارات الصائبة..؟ وكم من التجارب ينبغي أن تمر كي تصل إلى الهدف الأسمى..؟

مرحلة الشيخوخة الماوية مدّت الشعوب بدروسٍ سلبية لا يمكن إغفالها إطلاقاً وهي أنّ التناقضات في صفوف الشعوب هي تأكيد على شرعية الخلاف.. وأنّ الاعتراف بالحريات يظل دوماً مسألة تقديرٍ سياسي.. ربما يمكن التراجع عنه بين عشية وضحاها لذا تبقى الحريات حالة استثنائية موعدها زمن الثورات فقط..!!

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia
 

عود على بدء
رغم التباين.. الإرثُ الماوي يستيقظ في الوطنِ العربي
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة