ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 28/12/2012 Issue 14701 14701 الجمعة 15 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

جدد حياتك

      

يحكى أن شاباً سأل حكيماً قد علّمته الأيام وربّته الليالي وعصرته التجارب: ما هي أثقل أعباء الحياة؟ فأجاب رفيقه الحكيم والابتسامة تعلو محيّاه: ألا يكون هناك عبء تحمله!

ما أروعه من منطق وما أجملها من تجربة فالحال يصدق هذا وتؤيده الوقائع, فمن يتأمّل في حال الصقر البازي أمير الفضاء ورمز الشجاعة، سيجد أنّ العقبة الكؤود التي يجب عليها مكابدتها لكي يطير بسهولة ويسر هي الهواء, والعقبة الأقوى والتحدّي الأكبر والوحيد للسفن العظيمة والتي يجب أن تتخطّاها هي الماء والأمواج!

ولكن ماذا لو لم يكن هواء يتحدّى الصقر ويتحدّاه؟ وماذا لو جفّ الماء الذي تجالده السفينة!

لو حدث هذا لما استطاع الصقر التحليق ولن يكون هناك سفن!

وهذا القانون العجيب ينسحب على حياة البشر فإنّ شرط النجاح الأول؛ هو وجود عقبات تعترض وشرط التميز وجود منعطفات تتحدّى ثم القدرة على التعامل معها, إن احتمال أن ينجح من لا يجد معوّقات في حياته ولا تهب عليه رياح عاصفة تصل للصفر! بل ويفقد الإنسان إحساسه بالحياة ومعها توازنه ويصير إلى حالة يرثى لها إذا فقد التحديات فالبشر تتضاعف قوّتهم عند زيارة الأزمات وعودهم يصلب وتتعاظم القدرة على الإبداع! وقد ألمح العزيز سبحانه إلى أن تحدّي الخصوم ووجود ومعوّقات الحياة وحضور الأنداد والمنافسين والأعداء، نعمة عظيمة: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}.

وفي قصة رمزية يذكر أن شابة شكت لوالدها مشاكلها، فأخذها إلى المطبخ ووضع على الفرن ثلاثة قدور ملئت بالماء ووضع في الأول جزراً وفي الثاني بيضاً و في الثالث بناً مطحوناً، وبعد أن غلى الماء عاد الجزر القاسي ليناً وعاد البيض الهش صلباً ولكن البن غيّر الماء إلى شراب شهي! وما أروع أن نفعل ما فعل البن! فالمشكلات إن زارت العقلاء روّضوها ودفعتهم إلى الأمام!

ومن يعتقد أنّ الرخاء والسلامة تصنع سعادة أو نجاحاً فقد كذبت ظنونه وخذلته آماله و طمع في غير مطمع!

يقول المفكر الكبير د. بكار: (يرجع بعض علماء الحضارات تخلف أفريقية إلى الرخاء الذي كانت تحظى به، حيث الأنهار الكثيرة العذبة والفاكهة التي لا تجد من يجمعها، فسهولة العيش في أفريقية جعلت أهلها لا يشعرون بأيّ حاجة لتطوير مفاهيم وعادات وسلوكيات يواجهون بها الشدائد)

فكم من أزمة درّت منفعة وجلبت مصلحة وكم من رخاء ودعة ورّثا تخلفاً وانحطاطاً!

وللمشكلات جوانب إيجابية فهي تجلي من حولك وتميز لك الصحيح من السقيم, ومن يحبك ومن يكرهك, ومواجهة المشكلات يمتن ثقتك بنفسك ويزيدك خبرة في الحياة وتتقازم بعدها عندك عظائم المشكلات, ومن أعجب ما قرأت أن كلمة (أزمة) عن الصينيين تحوي على مقطعين: خطر وفرصة! والأزمات أجر وثواب ورفعة وتطهير! وأخيراً تذكّر عند كل مشكلة تطرق بابك أنها ستودعك قريباً! وما أروع قول جون ماكسويل: تعلّم كيف تنظر للمشاكل التي تواجهك على أنها عثرات مؤقتة! نعم استرجع شريط ذكرياتك كم مشكلة كنت تظنها دائماً سرمدية ولما استحكمت حلقاتها فرّجها ربي عليك غمرك الصبح الجميل بعد ليل بهيم مخيف!

ومضة قلم:

قدرتك الأهم تتمثّل في القدرة على مواجهة الأزمات!

khalid1020@gmail.com
 

فجر قريب
مرحباً بها!
د.خالد بن صالح المنيف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة