ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 29/04/2012/2012 Issue 14458

 14458 الأحد 08 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

افتتحه نيابة عن وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله تحت عنوان من التعاون إلى الاتحاد
سعود الفيصل: مواجهة التحديات القائمة والقادمة يتطلب اتحاداً خليجياً لمواجهة الأزمات بصورة فاعلة ومؤثرة

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Previous

Next

الجزيرة - عوض مانع القحطاني:

نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، افتتح صاحب السمو الملكي عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية في مدينة الرياض مؤتمر الشباب الخليجي لدول الخليج العربية تحت عنوان «من التعاون إلى الاتحاد.. الأبعاد السياسية والإستراتيجية للاتحاد الخليجي» والذي يشارك فيه ما يقارب 130 شاباً من مختلف دول مجلس التعاون وبحضور عدد من المسؤولين من مجلس الشورى ومجلس التعاون الخليجي والمؤسسات الحكومية.

وفي بداية الحفل تليت آيات من القرآن الكريم..

كلمة اللجنة المنظمة

بعد ذلك ألقيت كلمة اللجان المنظمة لهذا المؤتمر، ألقتها الأستاذة آلاء بدر السعيدي وقالت: «لا شك أن مسيرة العمل الخليجي المشترك عبر مجلس التعاون الخليجي حققت نجاحات كبيرة، ونتطلع أن تحقق نجاحات أكبر عبر استمرار المسيرة والانتقال إلى الاتحاد المنشود لضمان أمن شعوب دول الخليج العربية وازدهارها، ولذا فإن هذا المؤتمر يسعى لتعزيز جهود وطموحات قادة دول مجلس التعاون حفظهم الله لتحقيق حلم الاتحاد.

إن مؤتمرنا هذا مبادرة شبابية خالصة من شباب دول مجلس التعاون بهدف تفعيل الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لدى افتتاحه قمة مجلس التعاون الثانية والثلاثين في الرياض لتحول من التعاون إلى الاتحاد. حيث أطلقت مجموعة من الشباب الخليجي فكرة هذا المؤتمر وهو الأول من نوعه، وعملوا بقلوب مؤمنة لتنفيذ هذا المؤتمر إيماناً بقيم الاتحاد والتكامل بين دول وشعوب المنطقة، ولذا يفخر الشباب الخليجي واللجنة المنظمة بأنهم حولوا طموح تنظيم هذا المؤتمر إلى واقع، ونأمل أن تنجح الدول الخليجية الشقيقة في تحقيق مبادرة خادم الحرمين الشريفين للوصول للاتحاد من أجل تنمية مشتركة - بإذن الله - هدفها إعلاء راية التوحيد والأمن والبناء».

كلمة الشباب الخليجي

ثم ألقى الأستاذ منصور العنزي كلمة الشباب الخليجي قال فيها: «يسرني باسم شباب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لراعي المؤتمر صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر، كما أتقدم بالشكر لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية على تشريفه افتتاح هذا الحفل، وعلى ما قدمه سموه من دعم لفكرة شباب دول مجلس التعاون بتنظيم هذا المؤتمر».

وأكد العنزي أن «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - جاءت خلال خطابه التاريخي الذي ألقاه في القمة الخليجية الثانية والثلاثين الأخيرة في الرياض لدعوة قادة دول مجلس التعاون الخليجي للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد لتجسد مدى حرصه على جمع الصف الخليجي ورغبته الصادقة - حفظه الله - في نقل دول المجلس من صيغة التعاون الحالي إلى آفاق اتحاد أوسع من العمل الخليجي المشترك، وقد كان تأييد قادة دول مجلس التعاون لهذه المبادرة في بيان القمة الختامي الشعلة التي ألهبت فينا حماساً وزرعت فينا أملاً باتحاد خليجي متكامل يعزز من قدرات شعوبه ويفتح أبواب مستقبل أوسع أمام شبابه، وبما يلبي آمال شعوبه في وحدة صفها وتعزيز تكاملها، واستمرار تعاونها خلال أكثر من ثلاثة عقود من عمر هذا التعاون لتتوج بالاتحاد بينها».

وأضاف قائلاً: «وإيماناً بوحدة الهدف الذي يجمع بين شعوب دول المجلس، أدركنا نحن الشباب الخليجي أن الوقت قد حان لنقوم بدورنا المأمول تجاه مستقبل أوطاننا وشعوبنا، وذلك من خلال مؤتمرنا هذا للعمل سوياً لدعم هذه المبادرة لما فيها من خير ورفعة لأوطاننا وشعوبنا، فنحن الشباب عماد هذه الأمة ونحمل آمالنا ومستقبلنا المشرق بإذن الله في ظل قيادتنا الحكيمة».

مضيفاً: «إن الشباب في دول المجلس يمثلون نسبة كبيرة في مجتمعاتهم وهم عمادها، وهم ثروتها الحقيقية، لذا فإن تشجيع هؤلاء الشباب ضمن منظومتهم الوطنية للمساهمة في حراك العمل الخليجي المشترك سيعزز الدور المنشود بين أبناء المنطقة والذي يتناسب مع الدعم والرعاية التي يحظى بها الشباب الخليجي من قيادتهم الحكيمة. ومن هذا المنطلق فإن رغبة الشباب الخليجي بالمشاركة الفعالة في التأكيد على أهمية الهوية الخليجية الواحدة لأبناء دول المجلس لم تأت من فراغ، بل تنبع من ضرورة أن الوقت مناسب للتأكيد والحرص عليها لما فيه مصلحتهم ومصلحة شعوبهم».

مؤكداً: «نؤكد نحن الشباب الخليجي عزمنا على مواصلة العمل في ظل توجيهات قيادته ورموز سيادته من أجل تحقيق كل ما فيه الخير والازدهار لدول الخليج العربية التي تربطها روابط العقيدة الإسلامية واللغة والدم والتاريخ والمصير المشترك، هذه الروابط العميقة المشتركة، عوامل صلبة وراسخة بإيماننا وتطلعاتنا بتحقيق هذا الاتحاد بإذن الله.

إننا نحن الشباب الخليجي المجتمعين اليوم تحت قبة هذا الملتقى الخير، وبكل الصدق والإخلاص، نتوجه إلى جميع إخواننا وأخواتنا في دول المجلس بالشكر والتقدير على ما لمسناه منهم من دعم ومساندة، وإن حالت ظروف بعض منهم دون مشاركتنا هذه المداولات، إلا أننا نطلع إلى دورهم البناء في بناء مجتمعاتهم، وصد كل ما من شأنه المس بمقدرات وأمن ومصالح أوطانهم، واستمرار دعم وترسيخ هذه المبادرة الخيرة لما تحمله من آمالنا وطموحاتنا بمستقبل أفضل».

كلمة أمين عام مجلس التعاون

عقب ذلك ألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د. عبداللطيف الزياني كلمة أشاد فيها بهذه الفكرة الرائدة التي تجمع شباب دول مجلس التعاون للالتقاء والتحاور والمساهمة، مؤكداً أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي همهم الأول ضرورة الاهتمام بالشباب وبقضاياهم والاستماع لآرائهم وهمومهم وهي خطوة متميزة.

وقال الزياني: «إن عمر مجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم تجاوز الثلاثين عاماً، كان خلالها، وسيظل إن شاء الله، كياناً راسخاً، يرعى مصالح مواطنيه، ويعمل على توفير أمنهم وسلامتهم، ويدعم قضايا أمته، ويسهم في كل ما فيه خير الإنسان أينما كان. وقد تعامل المجلس منذ اليوم الأول لإنشائه، مع القضايا والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولة بكل مسؤولية وحكمة، مستلهماً دوره في الأهداف الأساسية التي وضعها له المؤسسون، والتي يأتي على رأسها تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها. وقد تمكن المجلس خلال هذه السنين من صياغة مواقف مشتركة، وتبني مشاريع وقرارات مهمة، وحقق إنجازات مشهودة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية مما أعطى المجلس قدراً كبيراً من المصداقية، وساعد على استمراره وتطوره، وزاد من إيمان مواطنيه بأهمية دوره.

ومع تغير التحديات والمتغيرات الداخلية والخارجية، كان من الطبيعي، بل من الضروري، أن تتغير أولويات مجلس التعاون، وتتطور إستراتيجياته ليتمكن من التعامل مع هذه التحديات والتغيرات، ويقوم بدوره الإقليمي والدولي في ظل هذه المستجدات».

مؤكداً: «فبعد أن كان الاهتمام يرتكز أو يكاد على الشأن الداخلي، والعلاقات البينية بين دول المجلس، لأسباب أمنية واقتصادية، أصبحنا اليوم نواجه تحديات تختلف في طبيعتها، وفي أهميتها وتأثيراتها، عن تلك التي كنا نواجهها قبل سنوات قليلة. فتعاظم التحديات السياسية والأمنية والعسكرية، على المستويين الإقليمي والدولي، وحالة عدم الاستقرار التي تسود المنطقة العربية، إضافة إلى التغيرات الجارية في موازين القوى، الإقليمية والدولية، كل ذلك كان يجعل النظر في تطوير تجربة مجلس التعاون أمراً موضوعياً ومهما. وبناءً على هذه التطورات والتغيرات، فقد عمل المجلس على إعادة صياغة أولوياته وأهدافه الإستراتيجية لتتماشى مع المتغيرات والأحداث التي نشهدها اليوم واضعين حاجة المواطن الخليجي للأمن، والمزيد من الازدهار، في مقدمة أولوياتنا».

وتطرق الزياني إلى أهم هذه الأوليات، والأهداف الإستراتيجية التي يسعى المجلس إليها وهي: تحصين دول المجلس وحمايتها من كافة التهديدات الداخلية والخارجية، بما في ذلك العدوان الخارجي الأجنبي، والإرهاب والجريمة المنظمة، والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود الوطنية. إن الأمن الخليجي الشامل الذي نكتسب من خلاله القوة، وتتعاظم معه قدراتنا لا يتأتى للدول التي تعمل بمفردها، ونحن نؤمن أن ضمان أمننا يعتمد، بعد الله، على القدرات الذاتية لدولنا وتكاملها وتعاضدها، والمحافظة على اقتصاد قوي ومتنام لدول المجلس، في مجالات الصناعات والتجارة والتمويل، وقد قطعت سوقنا المشتركة شوطاً طويلاً نحو تحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية، وذلك بأن يلقى المواطن الخليجي المعاملة نفسها في كل دولة من دول المجلس، كما يتم العمل على تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة يأتي على رأسها إنشاء خط سكك حديدية عابرة لدول المجلس، وربط وحدات وأنظمة الكهرباء وغيرها من المشاريع التي ستجعل مجلس التعاون أكثر ترابطاً وتكاملاً في كافة المجالات الاقتصادية، وتحقيق مستويات عالية من التنمية البشرية، فدول مجلس التعاون كمعظم دول العالم، تمتلك شرائح سكانية شابة يأتي تعليمها وتدريبها وتوظيفها على رأس أولوياتنا. وتمكين دول مجلس التعاون من التعامل مع الأزمات بكافة أنواعها والتعافي منها. وهذا يتضمن جميع المخاطر بما فيها تلك التي قد تتعرض لها البيئة، وقد تم إبرار إنشاء مركز خليجي لإدارة الطوارئ لتنسيق ودعم الجهود المبذولة في هذا الشأن، إضافة إلى التفكير في إنشاء مركز إقليمي لرصد الإشاعات ومستويات التلوث في الخليج العربي، وتعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون للقيام بدور بناء وفاعل في حل القضايا الإقليمية والدولية، وذلك من منطلق المسؤولية التي يضطلع بها المجلس تجاه شعوبه وأمته، والعالم الذي هو جزء منه.

واختتم الأمين العام كلمته قائلاً: «عندما نتحدث عن انتقال دول المجلس من التعاون إلى الاتحاد، فإنه ينبغي النظر إلى هذا الموضوع، أيضاً، من خلال المتغيرات والمستجدات والأحداث التي شهدتها وتشهدها المنطقة والعالم في الآونة الأخيرة. فقد جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد بين دول مجلس التعاون، استشعاراً منه، حفظه الله، بهذه المتغيرات والأحداث التي تعصف بالمنطقة، والمخاطر التي قد تنتج عنها.

كما أن طرح موضوع الانتقال من التعاون إلى الاتحاد للدراسة والنقاش هو أمر في غاية الأهمية، وقد سرني جداً تناول هذا المؤتمر للموضوع بصورة مهنية متميزة، حيث تم تناول الموضوع من كافة أبعاده، وجاءت محاور اللقاء شاملة لكل الجوانب المهمة، السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، كما سرني هذا التنوع في المتحدثين والمناقشين، حيث يشارك أبناء دول مجلس التعاون مسؤولين ومفكرين، في دراسة وتحليل هذا الموضوع المهم، الذين هم أقدر الناس على فهمه وتحليله وتقديم الرؤى حوله. وقد سرني أكثر هذا الجمع الطيب لشباب دول مجلس التعاون، وإتاحة الفرصة لهم للالتقاء والنقاش والتحاور حول موضوع يهم حاضرهم ومستقبلهم».

كلمة الأمير سعود الفيصل

بعد ذلك ألقيت كلمة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل ألقاها نيابة عن سموه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية قال فيها سموه:

ينعقد مؤتمرنا في وقت وأصبح فيه جل اهتمام القادة، وصناع القرار، والمفكرين هو البحث عن كيفية مواجهة التحديات الراهنة والمستجدات على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتأثيراتها على دولنا وشعوبنا، فتصعيد المواجهة بين إيران والمجتمع الدولي حول برنامجها النووي، واستفزازها المستمر لدول مجلس التعاون على نحو خاص واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني إضافة إلى تداعيات ما تمر به العديد من دول المنطقة من تغييرات سياسية واسعة في إطار ما أصبح يعرف بـ(الربيع العربي)، كل هذه المستجدات تستدعي منا وقفة للتأمل وإرادة صلبة للتعامل معها حفاظاً على مصلحة دول مجلس الخليجي، ووحدة أراضيها، وسلامتها الإقليمية، والسلم المدني واستقرارها ونموها وغني عن القول إن مصادر الأزمات قد تشعبت بصورة كبيرة، فظهرت على الساحة الدولية العديد من الظواهر والعوامل الدولية مثل الإرهاب، والتلوث البيئي، والاحتباس الحراري، والأمراض الوبائية، والأزمات الاقتصادية، التي تتطلب عملاً جماعياً مشتركاً لمواجهتها. وأصبحنا في ظل هذه الظواهر نشهد أشكالاً جديدة من الصراعات وأنماطاً مستجدة من المواجهات إضافة إلى أساليب الصراع التقليدي بين الدول، والذي ما زال حاضراً مع استمرار بعض الدول في السعي إلى فرض هيمنتها ونفوذها، على الدول الأخرى والتدخل في شؤونها، متجاهلة بذلك مبادئ القانون الدولي، ومطالبات المجتمع الدولي الداعية للتعايش السلمي، والتعاون البناء بين جميع أفراد الأسرة الدولية، ومتجاهلة أن الأمن والاستقرار لا يتحققان بطرق التدخل وأساليب الهيمنة أو السيطرة، أو تبني منهج القوة والتهديد. وجميع هذه التهديدات بأنواعها تستدعي العمل الجاد من قبل دول مجلس التعاون الخليجي للتحول من صيغة التعاون الحالية إلى صيغة اتحادية مقبولة لدى الدول الست تكفل لها الأمن والاستقرار ومتانة الاقتصاد.

وقال سموه: وبالنظر لما تحظى به منطقة الخليج العربي من أهمية بالغة نظراً لموقعها الإستراتيجي المهم، ولما تملكه من احتياطيات ضخمة من النفط والغاز واللذين يشكلان أهم مصادر الطاقة في العالم، ومع تزايد التحديات والمخاطر التي تواجهها منطقة الخليج العربي، علاوة على أن تجارب الأزمات والتحديات السابقة برهنت للجميع على حقيقة صعوبة التعامل الفردي من قبل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع تلك الأزمات.

ولهذا فإن التعاون والتنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية قد لا يكفي لمواجهة التحديات القائمة والقادمة، مما يستوجب تطوير العمل الخليجي المشترك لصيغة اتحادية مقبولة باعتباره السبيل الوحيد لمواجهة الأزمات بصورة فعالة ومؤثرة، كما أنه الوسيلة الأنجع لتحقيق أهداف دول المجلس في التنمية المستدامة والرفاه والاستقرار لشعوبها، والضمانة الأفضل لعدم تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل. فالعالم اليوم أصبح وبصورة واضحة لا تقبل التجاهل قرية كونية مترابطة يتأثر كل جزء منها بما يحصل في الأجزاء الأخرى.

وأكد سموه بأنه وفي خضم ما يحيط بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من تطورات وتحولات وأخطار تهدد استقرارها وأمنها ومكتسباتها، فقد أدركت المملكة العربية السعودية أهمية التحول من صيغة التعاون إلى الاتحاد، وهي مبادرة الاتحاد التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمته الافتتاحية أمام قمة مجلس التعاون الخليجي الثانية والثلاثين بالرياض (ديسمبر 2011م)، والتي قال فيها مخاطباً قادة دول المجلس: (أطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر)، مضيفاً: (لقد علمنا التاريخ، وعلمتنا التجارب ألا نقف ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة وسيواجه الضياع، وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا واستقرارنا). وقد اكتسبت تلك الدعوة أهمية بالغة ليس فقط لكونها صدرت من قيادة لها ثقل ووزن ومكانة خادم الحرمين الشريفين، بل ولما صاحب هذه الدعوة المخلصة من تجاوب وتفاعل من قبل قادة دول الخليج العربية لهذه المبادرة التاريخية وما تحمله في ثناياها من الرغبة الصادقة لنقل العمل الخليجي المشترك إلى سياق آخر أكثر تماسكاً وتأثيراً وقد انعكس هذا التجاوب في تبني البيان الختامي للقمة الخليجية الثانية والثلاثين تلك المبادرة بشكل رسمي. بل إنه انعكس أيضاً في درجة الاهتمام الخليجي تجاه هذا المقترح والتوجه نحو البدء في إجراءات لتنفيذه، عبر تشكيل هيئة مشتركة لدراسته، والاتفاق على آلية عمل الهيئة المختارة، المناط بها رفع توصيات للمجلس الوزاري الخليجي وعرض النتائج على القمة التشاورية القادمة.

وخاطب سموه شبابنا الخليجي قائلاً: لاشك أن مسيرة التكامل والتعاون لدول الخليج العربية تعتبر تجربة ناجحة على المستويين العربي والإسلامي، فبقاء المجلس في حد ذاته، وتحقيقه للعديد من الإنجازات وتصديه للكثير من التحديات من الدلالة على قوة وصلابة الكيان الخليجي، غير أن التحول إلى وضعية الاتحاد من شأنه أن يمنح مسيرة العمل الخليجي زخماً أكبر، ويعطي دول مجلس التعاون الخليجي ثقلاً أكبر ومكانة تتوازى مع ما لديها من مقومات القوة الناعمة والإمكانات المادية والجيواستراتيجية الهامة.

أيها الشباب والشابات من أبناء الخليج: إن الاتحاد الخليجي في حالة تحققه - بإذن الله - سيفضي لمكاسب كبيرة تعود بالنفع على شعوبنا، ففي مجال السياسة الخارجية ومع وجود هيئة عليا خليجية تنسق قرارات السياسة الخارجية من شأنه إعادة ترتيب جماعي لأولويات هذه الدول، وهو ما يحقق مصالحها الجماعية، وفي حال تفاوض دول الخليج العربية الست بشكل جماعي مع دول أخرى في إطار اتحادي من شأنه أن يعزز القوة التفاوضية لدولنا على نحو لا يمكن أن يوفره التحرك الفردي المجرد من أدوات الضغط الجماعي.

وفي مجال الدفاع، فإن التكامل الدفاعي يشكل الضمانة الرئيسة لأمن دول الخليج العربية كبديل عن السياسات الدفاعية المرتكزة على التحالفات الوقتية المبنية على المصالح العابرة إذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بهذه المصالح التي بطبيعتها متغيرة. ومن ناحية ثالثة فإنه في ظل مواجهة دول مجلس التعاون الخليجي أخطاراً غير مسبوقة ليس أقلها ظاهرة الإرهاب، فإن التكامل الدفاعي سوف يكون مقدمة للتنسيق الأمني وما يستدعيه من تطوير للمؤسسات الأمنية الخليجية.

وفي المجال الاقتصادي، فإن اتحاداً من النوع الذي تنشده سيجعل من دول الخليج العربية كتلة اقتصادية قوية، بناتج محلي إجمالي بلغ عام 2011م أكثر من 1.4 تريليون دولار، مما يعني أن الاقتصاد الخليجي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد العربي ككل. وتمتلك دول مجلس التعاون الخليجي نحو 630 بليون دولار من الاحتياطي النقدي الرسمي، ونحو تريليوني دولار من الاستثمارات الخارجية تشمل موجودات الصناديق السيادية والمعروف أن دول المجلس تمثل سوقاً موحدة قوامها 42 مليون نسمة، وسيصبح عدد سكان الاتحاد الخليجي (من دون الأجانب) 27 مليون نسمة، وجميع تلك المقومات ذات مردود لا يستهان به ومزايا سيكون مردودها عالياً اقتصادياً وسياسياً في حال انتقال مجلس التعاون إلى صيغة اتحادية.

واختتم سموه كلمته بالقول إن الدراسات الاجتماعية قد أثبتت أن مستقبل أي وطن أو مجتمع، يكون نابعاً من طاقات عناصره الشابة، إنهم الركن الأساس الذي ينبغي أن تعتمد عليه المجتمعات في تنميتها وتطورها وحفظ أمنها واستقرارها وسعيها نحو الأفضل، لأن مرحلة الشباب ذات طبيعة نشطة في كافة المجالات، وخاصة لدى الجيل الناشئ فنجد لديهم حب المشاركة وإثبات الذات والرغبة في إبراز قدراتهم في العمل الجماعي والوطني، لذلك ينبغي تشجيعهم وتحفيزهم وتذليل الصعاب التي تعيق من تطوير مهاراتهم وقدراتهم، وحثهم وتهيئة الفرص لهم للمشاركة في مختلف المجالات التنموية والمساهمة في الشأن العام، وتنمية مجتمعاتهم على كافة المستويات. وقد أثبت شبابنا الخليجي قدرته ومنافسته لشباب الدول المتقدمة في كثير من المجالات، وأكد قدرته على تحمل المسؤولية والقيادة والإسهام في التنمية والأمن والاستقرار.

ولا يخفى على أحد أننا نعيش في عالم جديد يرسم معالمه الشباب في كل أنحاء العالم، لذلك نحن في دول مجلس التعاون الخليجي فخورون كون أكثر من 65% من إجمالي سكان دولنا تقل أعمارهم عن 30 سنة، وهذا الأمر سيسهل من مهمة التطوير والإنتاج وبناء أوطاننا بما يخدم شعوبنا ومجتمعاتنا في نقلة من مرحلة التعاون إلى مرحلة التكامل والاتحاد بإذن الله، حيث إن شبابنا الخليجي أثبت قدرته على الإبداع والمبادرة، وأنه متسلح بالحب والولاء لوطنه وأمته، وخير دليل على ذلك انعقاد مؤتمرنا اليوم الذي يقوده نخبة من الشباب المستنير والقادر على التطوير، والذي يملك فكرا راقيا وخلاقا ساهم بفعالية في بناء أوطانهم. إن مشاركة الشباب الخليجي في التنمية والعمل الخليجي المشترك تحمل معها قيمة اجتماعية ووطنية كبيرة. ولن تكون التنمية فاعلة وناجحة دون أن يكون هناك مشاركة مباشرة من الشباب باعتبارهم أحد أهداف التنمية الأساسية. كما أن إعداد الشباب لدعم العمل الخليجي المشترك سيحمي ويعزز مسيرة التكامل والتعاون نحو الأفضل، بما يفضي لتحقيق حلم شعوب منطقتنا للوصول للاتحاد ليكون صمام أمان واستقرار ومنعة ضد ما يهدد أمنها واستقرارها والنيل من مكتسباتها.

وختاماً شباب دول مجلس التعاون الخليجي أنتم أمل أوطانكم ومستقبلها، فكلنا ثقة بأنكم على مستوى المسؤولية، ونتطلع لمساهمتكم في مسيرة التطوير والتنمية والتكامل والاتحاد، وأن ذلك لن يكون إلا بالجد والاجتهاد، فكونوا خير سفراء لأوطانكم وشعوبكم من خلال التحلي بالأخلاق الفاضلة والتسامح والتواصل مع الشعوب الأخرى بما ينعكس على مصالح دولكم. عقب ذلك تسلم سمو الأمير عبد العزيز بن عبد الله هدية تذكارية قدمها شباب الخليج لسموه.

سموه يجيب عن أسئلة الجزيرة:

وقد أجاب سموه عن سؤال الجزيرة عن أهمية مثل هذا المؤتمر ومشاركة هؤلاء الشباب الخليجي ورؤية سموه قال: تشرفت نيابة عن سمو وزير الخارجية بافتتاح هذا الملتقى الشبابي الخليجي انطلاقاً من دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الرياض الأخيرة.. والحمد لله أن هذا التجمع الشبابي والحضور هو زخم كبير إن شاء الله للانتقال للاتحاد والحمد لله بأن دول مجلس التعاون الخليجي تملك كل المقومات على جميع الأصعدة.. وإنني أتمنى النجاح لهذا المؤتمر..

سؤال آخر للجزيرة:

وحول صدور توصيات عن هذا الملتقى قال سموه إن هذا المؤتمر سوف يصدر عنه توصيات وسيتم دراستها ورفعها وسيتم النظر فيها.

هذا وقد حضر الحفل صاحب السمو الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية وصاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل وصاحب السمو الأمير سعود بن خالد وعدد من المسؤولين في مجلس التعاون الخليجي ومجلس الشورى ومدير عام معهد الدراسات الدبلوماسية وعقب ذلك بدأت جلسات المؤتمر من خلال أوراق عمل وورش متنوعة في مجالات متنوعة وسوف يختتم أعماله اليوم.

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة