ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 06/05/2012/2012 Issue 14465

 14465 الأحد 15 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

فضل تدوين سير العلماء الأعلام

رجوع

 

تشرفت بقراءة كتاب «آل الشثري: علمائهم وتأريخهم»، لمؤلفه الأخ الدكتور محمد بن ناصر الشثري حفظه الله وجزاه الله خيراً. والمؤلف غني عن التعريف، فهو ابن العالم الجليل أستاذنا الشيخ ناصر بن عبدالعزيز أبو حبيب الشثري.

أما موضوع الكتاب فهو على درجة كبيرة من الأهمية، ذلك هو تأريخ عائلة الشثري وسيرة حياة العلماء الأفاضل الذين أنجبتهم هذه الشجرة الكريمة ممن كان لهم الدور البارز في الحياة العلمية والاجتماعية والسياسية في الجزيرة العربية، حيث تعود أصول العائلة إلى قبيلة قحطان العربية المعروفة التي كانت تتخذ من الرين موطناً. والمعروف من المتأخرين من هذه السلسلة النجيبة فضيلة الشيخ ناصر الشثري حفظه الله وأمد في عمره وولده العالم الجليل فضيلة الشيخ سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة كبار العلماء سابقاً.

وبداية الأمر نقول إن للأمم اهتمامات تعكس شخصيتها ووجهتها وأولوياتها، فمنها من تمجد القوة وتكرم القادة العسكريين، وأخرى أقل حظاً منها تكرم أهل المرح والترويح وتؤلف عنهم المؤلفات وتمنحهم الهبات والجوائز، لكن الإسلام حسم الأمر ووجه الأمة باتجاه العلم والعلماء الذين منحهم مكانة خاصة ورفع طلب العلم وجعل منه فريضة وشرف العلماء بأن جعلهم ورثة الأنبياء. فقد أخرج أبو داود عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله به طريقاً من طُرُق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالِمَ ليستغفر له مَن في السموات ومَن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)».

وكان من نتيجة ذلك التكريم أن انتشرت المدارس ومعاهد العلم وأنشئت الأوقاف التي تنفق على طلبة العلم ومُعلميه وتفرغ خيرة أبناء الأمة في سبيل ذلك ومنحت الأمة العلماء مكانة لم تمنحها غيرهم. ومن الأخبار التي تدل على ذلك أن هارون الرشيد بينما كان واقفاً يخطب الناس أثناء زيارة له إلى خراسان، إذ نادى المنادي بوصول عالم أهل الحديث التابعي الجيل عبدالله بن المبارك، فانفض الناس عن الرشيد وركضوا وراء ابن المبارك حتى تطاير الغبار وتقطعت النعال كما تقول الرواية، لدرجة أن زوجة الرشيد قالت له بأن الملك هو ملك ابن المبارك وليس ملك الرشيد، لأن الشرطة تجمع الناس لكي يسمعوا للرشيد بينما هم يسعون لأنفسهم ركضاً وراء ابن المبارك. ولقد وعى الرشيد هذه الحقيقة فكان يأمر ولديه الأمين والمأمون بالعناية بأستاذهم العالم الكبير وتلميذ أبي حنيفة النعمان أبو يوسف ويوصيهم بأن لا يأكلوا قبله وأن لا يلبسوه النعال، حتى كانوا يضعون اللقمة في فمه.

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم

على الهدى لمن استهدى أدلاء

وقدر كل امرئ ما كان يحسنه

والجاهلون لأهل العلم أعداء

ففز بعلم تعش حياً به أبداً

الناس موتى وأهل الحلم أحياء

وهذا الكتاب جهد مبارك في تكريم علماء أفاضل خدموا أمتهم ودينهم واستحقوا بذلك أعلى درجات التكريم من البشر فنسأل الله أن يجزيهم عن أمتهم خير الجزاء. أما بالنسبة لمادة الكتاب فأود أن أذكر مسألتين، أولاهما أنه أثبت ما هو معلوم عند الناس وهو أن الشيخ ناصر -حفظه الله- سليل عائلة علم ونسب فهو يرتقي إلى الشيخ الجليل ناصر بن غانم الشثري من علماء القرن الحادي عشر الهجري، كما يخبرنا الكتاب. ومن ذلك الحين وهذه العائلة الكريمة ترفد الأمة بالعلماء الأجلاء جيلاً بعد جيل. فوالد الشيخ ناصر هو العالم الجليل فضيلة الشيخ عبدالعزيز أبو حبيب الشثري (1305-1387هجري) الأستاذ في كلية الشريعة بالرياض والذي درس على يده نخبة من كبار علماء الجزيرة العربية ومنهم الشيخ عبدالله بن جبرين، والشيخ العالم الجليل عبدالله المحمود قاضي قطر وصاحب المؤلفات المعروفة، وابنه معالي الشيخ ناصر الشثري. ولذلك فالشيخ ناصر مثله مثل الفسيلة التي تعود ثمرها إلى النخلة الباسقة التي خبرها الناس وذاقوا طعم ثمرها.

والثانية تتعلق بعلم الشيخ ناصر -حفظه الله- الذي استقاه من منابع صافية ومشارب لا تشوبها شائبة. فقد درس الفقه والتوحيد والحديث واللغة على يد والده الشيخ عبدالعزيز أبو حبيب رحمه الله، المشهود له بالعلم الغزير. كما درس القرآن على يد فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن جبرين، بالإضافة إلى أساتذة المعهد العلمي بالرياض الذي دخله عام 1372هجري. وكل ذلك واضح وضوح العيان، فالشيخ معروف برسوخ قدمه في أبواب العقيدة والفقه وأصوله واللغة العربية وعلومها وحفظه لأخبار العرب وأشعارهم التي طالما أتحفنا إياها في مجلسه الكريم.

نشكر للدكتور محمد على تفضله بإهدائنا الكتب وتشريفنا بالاطلاع على سيرة الوالد العطرة، وبارك الله في هذه الأسرة الكريمة ونفع بها أمة المسلمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. غانم علوان الجميلي - سفير العراق في المملكة العربية السعودية

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة