تدور عجلة الاقتصاد بوتيرة مسرعة لم يسبق لها ميل في هذا العصر، وإذا كان الاقتصاد وعالم المال، وجد منذ نشأة البشر على الأرض، فإن الأسواق كانت تعمل قديماً في مختلف الحضارات القديمة، ولا يوجد عمل يقوم به خبراء الآثار عبر إزالة التراب والركام عن مدينة قديمة دفينة، إلا شاهدوا آثاراً متميزاً عن دور السكن والعبادة؛ وهي الأسواق وأماكن التسوق.

ولقد أثبت الاقتصاد الإسلامي جدارته وقوّته؛ لأنه يقوم على دعائم متينة تحمي اقتصاد العالم من الانهيار والسقوط، لأنه يعتمد على قواعد وأسس متينة حتى اعترف به دهاقنة من رجال شرائع أخرى، ولذا يرى العديد من الخبراء والمتخصصين أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة المالية العالمية الحالية، وتحاشياً لأزمات أخرى أن تطبق الاقتصاد الإسلامي فكان الاعتراف غنيمة ثمينة انتزعها الواقع المر من بين فكي الأسد.

وقد أصدرت مكتبة الرشد (ناشرون) عملاً متميزاً بعنوان «نظرية السمسرة وتطبيقاتها العصرية .. دراسة فقهية مقارنة» للدكتور أبي عمر بن محمد الحمادي عضو اللجنة الشرعية في الأمانة العامة للأوقاف في إمارة الشارقة بالإمارات ليطرح خلاله الكثير من النظريات العلمية والعملية حول السمسرة ودورها في ترسيخ سوق العمل وبناء اقتصاد متكامل قديماً وحديثاً.

العمل الموسوعي الذي طرح عبر جزأين ووصل إلى 1300 صفحة يطرح الكثير من التساؤلات ويتناول الكثير من أوجه الحلول لسوق التجارة والمال من خلال عناصرها المتنوعة؛ وأسبابها المختلفة التي رفعتها إلى قمة الازدهار والتميز؛ نحو ظهور معاملات حديثة؛ كالأسهم وتجارة النفط والعملة والشركات الحديثة، ونحو تطور أساليب قديمة كانت متداولة قديما، ولكنها ارتقت بشكل كثير لم يعد لها طابعها القديم كثيراً وصبغتها الأولى كبيراً؛ نحو عمل السماسرة ونشئهم.

كما يطرح الكتاب الكثير من الشواهد حول ازدهار ورقي سوق السمسرة بشكل ملحوظ، فصار السماسرة وقود السوق وآليته المنظمة والمحركة بشكل واضح بحيث لا غنى عنهم أبداً.

وإذا ازدهر سوق السمسرة؛ فلابد حينئذ من ظهور مستجدات في هذا الجانب المهم من جوانب الاقتصاد وعناصره؛ وهنا يحتاج إلى بحث مستجد وحديث؛ لا سيما أن هذا الجانب ينطوي على مخالفات ومخاطر تلفت الانتباه، فتحتاج إلى أحكام تقود السماسرة إلى بر الأمان والنصح والصدق.