ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 11/01/2013 Issue 14715 14715 الجمعة 29 صفر 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

غضب الشعب الفرنسي، ولام بعض الساسة الفرنسيين أحد الممثلين المشهورين لديهم لأنه غادر فرنسا خوفاً من الضرائب التي سنت في الفترة الأخيرة على الأغنياء، وتعجبوا أن يترك بلاد محبيه لينتقل إلى بلد آخر، وكان منطقه أن الغني لا يمكنه أن يستمر في إعانة الفقير الكسول، وأن الاستمرار في هذا النهج سيجعل المنتجين ينفرون من بلدانهم ليعيشوا في بلاد أخرى تكون أرحم بهم في نسبة الضرائب، أو أن يعيشوا في بلد مثل موناكو تأخذ على كل من يعيش فيها مبلغاً مقطوعاً قدره في الوقت الحاضر مائتي ألف يورو، ولهذا فإن من يظن أنه سوف يدفع ضرائب أكثر من ذلك بكثير سوف يلجأ إلى هذا الملاذ لدفع ذلك المقطوع كل عام ويريح نفسه من حساب الضرائب ودفع مبالغ طائلة.

والحقيقة أن ما يدفعه الأغنياء الآن من مبالغ ليس بالضرورة أن يذهب للفقراء العاملين منهم وربما كذلك الكسالى، كما أنهم يدفعون عن تراكم أخطاء ورثها كابر عن كابر، حتى وصلت إلى حد لم يعد معه الصمت مجدياً، ولهذا كانت هذه الضائقة المالية التي حلت بكثير من البلدان وأخذ الأغنياء في دفع جزء غير يسير من أموالهم للمساهمة في حلها، وفيما يبدو أن ذلك هو الحل الأوحد فالخيارات محدودة، والأمور تتعقد مع مرور الأزمنة.

الدول تطالب الأغنياء بدفع المزيد من الأموال من خلال الضرائب لسد عجز الموازنات التي لم تعد قادرة على التوازن بين الإيرادات والمصروفات إلاّ بسياسات قاسية مؤلمة، كأن يتم تسريح عدد من موظفي الدولة، أو خفض أجورهم، وهذا علاج مؤلم يحمل معه الكثير من التبعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وقد يؤدي إلى انفجار شعبي قد لا يكون مماثلاً للربيع العربي لوجود أنظمة سياسية يمكنها احتواء ذلك من خلال تغيير الحكومات التي سوف تتعاقب دون جدوى إذا لم تتخذ إجراءً حازماً.

الفقراء على مر الدهور تكونوا بفعل ممارسات اجتماعية وسياسية واقتصادية، فكان في السابق طبقية لا تسمح للفقير بالارتقاء إلى ما هو أعلى، كما كان حال المنبوذين في الهند أو العبيد في أمريكا. أما العبيد في الأندلس أو إسبانيا النصرانية في ذلك الوقت فقد كانت لهم فرصة متاحة للوصول إلى المال والجاه من خلال قربهم من الحكام وأصحاب الشأن، ولهذا سطر لنا التاريخ أسماء لمعت على صفحاته سواء في المشرق الإسلامي أو المغرب الأندلسي الإسلامي.

وفقراء هذا الزمان إما أن يكونوا عاملين مجتهدين لكن دخولهم لا تسمح بتغطية متطلباتهم الحياتية لأن مصروفاتهم فيها شيء من المبالغة التي تزيد عن الحاجة المناسبة مع مداخيلهم، أو لأنهم حقاً فقراء مجتهدون لكن دخولهم لا تكفي لسد حاجتهم لكثرة عدد الأبناء أو لوجود مصاريف ضرورية مثل العلاج وغيره من الضروريات، وهؤلاء يستحقون الرعاية والصرف عليهم بسخاء من قبل دولهم، لكن ما يحدث في الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية هو الزيادة الفائقة في مصروفات قد لا تكون لازمة لدفع الاقتصاد قدماً، ولهذا فكان على الغني أن يدفع ليغطي مصروفات أشياء قد لا يراها ضرورية، وهذا هو النقاش السائد والدائر في تلك الأوساط.

وجزء غير يسير من الموازنات الأوروبية والأمريكية يذهب إلى البنية التحتية التي ستساعد على رفاهية المواطن، ودفعه للإنتاج، لكن ذلك قد يقل في السنوات القادمة، بل لا مناص من ذلك، لأن الخيار الوحيد القائم هو تقليل المصروفات، وقد تكون البنية التحتية هي المستهدف الأول في الحد من المصروفات.

ويتساءل بعض الأغنياء عما إذا ما كانت المجتمعات الرأسمالية، ستتجه مجبرة على النهج الاشتراكي بصفة مؤقتة في القريب العاجل، لتزيد الطبقة الوسطى، ومن ثم يتم تحفيز الاستثمار، أو أن النهج الرأسمالي سيزيد وذلك بدفع الأثرياء إلى مزيد من الاستثمار من خلال تقليل الضرائب أو ثباتها. سؤال تحدده الشعوب من خلال الاختيار بين أحزاب معروفة بتبنيها هذا النهج أو ذلك، وفيما يبدو أن النتيجة واحدة وهي أن هناك أزمة تحتاج إلى حل، ولا أحد يعرف كيف الحل.

نوازع
تساؤلات أغنياء الغرب
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة