ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 13/01/2013 Issue 14717 14717 الأحد 01 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

* مما تعنيه (الطَّفرة): القفز والوثوب إلى أعلى، والمزيد من التقدم والنجاح، و(الظَّفرة) من الظفر؛ الذي هو الكسب والفوز، وبلادنا المحروسة بدينها القويم، وقيمها الخلاقة، وقيادتها المظفرة، وشعبها الأبي، قادرة على تحقيق الطّفرة تلو الطّفرة، وحيازة الظّفرة تلو الظّفرة، فليس أسهل من

تسخير الدخل القومي العام، لأوجه البناء في الإنسان ابتداءً، وفي المكان ثانياً، وهذا هو ما استهدفته خطط التنمية طيلة عقود عديدة مضت، وما فُرّعت له الميزانيات السنوية للدولة كذلك.

* من يتتبع تاريخ الدولة السعودية منذ تأسيسها وتوحيدها بقيادة المؤسس والموحد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، يجد أن التشريعات التنظيمية، والخطط التنموية، كانت تأتي متدرجة ومتصاعدة، وتأخذ شكلاً هرمياً مقلوباً، بحيث أن الأسس والقواعد كانت سابقة في عهد المؤسس -رحمه الله- وفق نظرته النهضوية المتقدمة آنذاك، ورغبته في التحديث والتغيير إلى ما هو أفضل؛ حتى جاءت العوائد المالية المتصاعدة بعد اكتشاف النفط، فبرزت تطلعات أكبر وأوسع للبناء والتطوير والنهضة، فرأينا كيف كانت البدايات الحقيقية للتعليم العام المدرسي، وكيف تبلورت فكرة تعليم البنات، وكيف ظهر الاهتمام بالزراعة والتجارة في عهد الملك سعود -رحمه الله- إلى غير ذلك؛ مما أسس لما بعده.

* لقد مرت بلادنا بمراحل طفروية عدة، لكل مرحلة سماتها وصفاتها ونتائجها التي تتميز بها عن غيرها، ففي مرحلة الستينيات الميلادية إلى منتصف السبعينيات منها، في عهد الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله-، شهدت المملكة طفرة تنظيمية وإدارية كانت مهمة في وقتها، وبني عليها فيما بعد، فقد عرفت البلاد لأول مرة مدارس البنات، وعرفت لأول مرة التلفزيون، كما جرى التحول من التوقيت الغروبي إلى التوقيت الزوالي، وانتقلت البلاد من أوزان الأقّة والمنّ؛ إلى أوزان الكيلو، ومن مقاييس الهنداسة إلى المقاييس المترية، وهذه تنظيمات حداثية مهمة في بلد تقليدي يجافي.. بل يحارب كل جديد آنذاك. أسهمت هذه التحولات في نقل الدولة من حالة فردانية؛ إلى حالة جمعية ضمن منظمة دول العالم المتحضر، وكانت خطوات ذكية وشجاعة من الملك فيصل -رحمه الله-، قوبلت بالرفض والممانعة إلى درجة الصدام من قبل الطبقة الراديكالية المتشددة والمتطرفة، وحققت بدون شك طفرة نوعية في حياة الشعب السعودي، الذي كان يتطلع إلى أن يكون في مستوى كل شعوب العالم التي تتعامل بالتوقيت الزوالي، وتقيس بالمتر، وتزن بالكيلو، وتشاهد التلفزة، وتعلم فتياتها في مدارس نظامية، إلى غير ذلك من إجراءات إدارية ومالية واجتماعية؛ تمت في هذه المرحلة، كان لها أثرها الإيجابي فيما بعد.

* وفي عهد الملك خالد؛ ثم في عهد الملك فهد رحمهما الله، شهدت المملكة طفرة مالية كبيرة غير مسبوقة، فقد ارتفعت أسعار النفط، وتحقق للبلاد عوائد مالية هائلة، الأمر الذي أسهم في إنشاء بنية عمرانية في عموم المملكة، منشآت خدمية وسكنية وخلافها، وهذا ما ميز هذه المرحلة عن غيرها، ولو رافق هذه الطفرة في البناء المكاني اهتمام أكبر ببناء الإنسان والاستثمار المعرفي، وتوجيه التعليم لمتطلبات العصر؛ لكنا حققنا مستويات أفضل مما نحن عليه اليوم.

* لمرحلة الثالثة جاءت مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله. الطفرة الحالية التي تعيشها بلادنا منذ سبعة أعوام، ليست فقط مالية. أرقام الميزانية السنوية ترتفع عاماً بعد عام، وتوجيه الصرف يأخذ في الحسبان بناء الإنسان وتنمية المكان معاً. الظّفرات التي تتحقق من هذه الطّفرات في هذه المرحلة الزاهرة؛ تجمع في صفاتها وسماتها بين النوعية والكمية في كافة المجالات والميادين. الإصلاحات الإدارية والمالية والتنظيمية تجري على قدم وساق. التعليم عام وعالي يحوز على نسبة كبيرة من المخصصات السنوية: (168 مليار ريال)، والإحلال المعرفي يبدأ من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول (KAUST)، فيتفرع ويتشعب؛ حتى يحل بالجامعات، الذي ارتفع عددها في عهد الملك عبد الله من سبع جامعات، إلى قرابة (35 جامعة) بين حكومية وأهلية، إلى جانب (150 ألف طالب وطالبة)، يتوزعون قارات العالم، لنقل الخبرة والمعرفة إلى مجتمعهم وبلادهم، والرعاية الاجتماعية والصحية هي الأخرى تنال حصصا أكبر، لتقدم خدمات أفضل لمواطني البلد: ( 67 مليار ريال ). ويقابل هذا؛ فإن الاستمرار في إنشاء البنى التحتية في الطرق والمواني والنقل والخدمات البلدية وغيرها يحصد: (64 مليار ريال)، وتستحوذ الصناعة والزراعة على: (58 مليار ريال).

* إن من أبرز سمات مرحلة الطّفرة التي نعيشها؛ أنها تأخذ بفكرة التنمية المستدامة، في إطار إعطاء التنمية البشرية الأولوية التي هي أساس التنمية الشاملة، وتوزيع متوازن بين القطاعات والمناطق، وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين، الذين تصطف مئات الآلاف منهم بشهادات علمية وتأهيلية كل عام في انتظارها.

* حتى نحقق أقصى ما نريد من ظفرة من هذه الطفرة التي تعيشها البلاد، لا بد من التسريع في إصلاحات سياسات التعليم، لأنه هو الأساس الذي تُبنى عليه نجاحاتنا في كافة مناحي الحياة، وأن نشهد حراكاً عملياً في كافة قطاعاتنا البنائية والتنموية، فنحن مسكونون بالأمل في تحقيق ما نريد، ونريد أن نطمئن أكثر؛ أن وزاراتنا وهيئاتنا المتصرفة في الميزانية، تنفذ السياسات العليا بكل جد وحرص ومهنية، وتحارب الفساد والمفسدين بكل ما أوتيت من قوة، وتسابق الزمن لتوفير أقصى ما يمكن لمواطنيها؛ من أمن نفسي وصحي ومعيشي وخدمي، في بلد كبير بكل ما فيه من خير، فلا ينقصه إلا معرفة حقيقية من أبنائه؛ بقيمته لهم، وقيمتهم له.

H.salmi@al-jazirah.com.sa
alsalmih@ymail.com

(الظَّفرة).. في زمن (الطَّفرة)..؟
حمّاد بن حامد السالمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة