ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 18/01/2013 Issue 14722 14722 الجمعة 06 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

فنون تشكيلية

كثيراً ما يتبادر للإنسان عن الفكرة التي تخامر ذهنه لمفهومه عن إنسان آخر أو فئة من الناس أن المظاهر هي المقياس الأساسي من الوهلة الأولى للنظرة؛ كونها تعكس محتواه الداخلي، وهذا مفهوم بسيط لدى العامة من الناس، لكنه غير واقعي؛ فما أكثر البشر الذين يرتدون ثياباً بيضاء كنقاء الثلج، وفي دواخلهم سواد الخبث والخداع..

وكم من ملتحين يدَّعون الدين، وفي الخفاء يرابون ويأكلون حلال اليتيم، وكم من فنانين تشكيليين يرتدون قبعة ويدخنون الغليون، وهم في الأصل حرفيون، لا يفرقون بين فلسفة الفن ومعنى الفن، وننخدع فيهم، وبمجرد الاقتراب منهم نكتشف سطحيتهم وخداعهم.

ما يعنيني هنا هو مظهر الفنان الذي ارتبط بالقبعة والغليون، وهو المظهر السائد لدى الفنان بكل بقاع الأرض. وقبل أن أتحدث عن القبعة والغليون لا بد أن أعرج إلى حقبة في التاريخ قد أنتجت هذا الزي للفنان، وهي العصر الفكتوري (The Victorian era)، حقبة تاريخية في المملكة المتحدة، تميزت بكونها قمة الثورة الصناعية وثورة فكرية ثقافية في بريطانيا، وأعلى نقطة في الإمبراطورية البريطانية، قد أحدثت تغيُّرًا عظيمًا في الاقتصاد والثقافة والسياسة؛ حيث وصلت الإمبراطورية البريطانية إلى أوج عظمتها لتغطي ما يقارب ربع الكرة الأرضية، وتَقدَّم العلمُ والتكنولوجيا، وهي تشير إلى فترة حكم الملكة فكتوريا بين عام 1837 ـ 1901م، بل امتد تأثيرها الفكري والثقافي إلى ما بعد هذا التاريخ، ومن أشهر فنانيها جان بابتيست كورو والفنان لورانس تدما وتوماس كينكاد، ومن الأدباء تشارلز ديكنر ووليم ميكبيس، حيث ازداد عدد الطبقة المتوسطة بشكل هائل؛ بسبب الاستقرار المادي، وأخذ عدد المثقفين يزداد، وأخذت الفنون حيزها من الاهتمام بجميع أقسامها، وتميز مثقفو تلك الحقبة وفنانوها وأدباؤها بزيهم الذي يتفاخرون به من قبعة وغليون. وبحكم ثقافة الاستعمار في العصر الفكتوري قد أصدروا هذا الزي؛ فاحتذى بهم مثقفو البلاد المستعمرة، مثل مصر والعراق والأردن وجنوب الجزيرة العربية، فأصبحوا تابعين لتلك الثقافة. ولم يقتصر هذا على البلاد المستعمرة، بل كان تأثيره واضحاً وجلياً على مثقفي البلاد الاستعمارية كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

السؤال هنا: هل كل من ارتدى قبعة ودخن الغليون مثقف أو فنان؟.. أم هي نواقص في ذات الفنان، أراد أن يخفيها بمظهر زائف لا يناسب واقعه متحملاً من أجلها ما يواجهه من انتقاد وجاعلاً منه سبيلاً إلى الشهرة؟

jalal1973@hotmail.com
twitter@jalalAltaleb - فنان تشكيلي

البعد السابع
القبعة والغليون
جلال الطالب

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة