ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 18/01/2013 Issue 14722 14722 الجمعة 06 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لعل المراقب لما يحدث في العراق حالياً من مظاهرات واعتصامات يستنتج أنها لم تكن إلا نتيجة حتمية وطبيعية لسياسات حكومة السيد المالكي والتي كان لا محال بأنها ستؤدي لنتائج كارثية كما الوضع القائم في عراق اليوم. ولعل الأمر المضحك بأن المالكي يرأس قائمة دولة القانون في البرلمان العراقي،

القائمة التي ليس فيها من القانون إلا اسمها. فالوضع على الأرض يؤكد بأن القانون كان آخر اهتمامات السيد المالكي. فتم الزج بالآلاف من المعتقلين والمعتقلات في السجون العراقية العلني والسري منها بدون محاكمات وتم إعدام العشرات على الهوية أو بسبب مخالفات جنائية لا تستوجب الإعدام.

مشكلة السيد المالكي أنه تعامل مع حكمه للعراق بعقلية التاجر لا بعقلية السياسي. بمعنى أنه حكم العراق بمبدأ الربح والخسارة ونسي أو تناسى أن هذا المنطق لا يستقيم في عالم السياسة والحكم، واهتم بمصالحه الشخصية والحزبية الضيقة وبحاجات طائفة دون غيرها وأهمل ما عدا ذلك من مكونات الطيف العراقي، وحاول أن يحكم العراق بعقلية ديكتاتور من منطق لا أريكم إلا ما أرى وبتغليف ديموقراطي وظن أو تم الإيحاء له بأن تفرده بكل القرارات هو الطريق الصحيح في الحكم. بيد أن مشكلة المالكي الكبرى أنه راهن على استقرار الوضع في العراق على ولائه لملالي طهران رامياً خلف ظهره حقائق الجغرافيا والتاريخ وبأن العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية بشيعته قبل سنته وبأنهم لا محال سيثورون يوماً ضد من سلم حكم بلادهم لدولة لم تخف عبر التاريخ الحديث مطامعها في العراق وغيره من الأراضي العربية كما هو الحال في احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وتقويض السلم والأمن الاجتماعي في البحرين ودول الخليج العربية الأخرى. راهن المالكي على ملالي طهران رهاناً خاسراً، وتناسى ولم يضع في اعتباره أن من راهن عليه هو من يقوض أمن بلده ويسرق نفطه ويتدخل في كل شاردة وواردة من شئونه الداخلية وبأن طهران لم تكن يوما ًمن الأيام حريصة على مستقبل العراق واستقراره. وكانت القمة العربية في بغداد فرصة سانحة لعودة العراق لمحيطه العربي ولكن كعادة السيد المالكي يفوت الفرصة تلو الأخرى مرضاة لإملاءات الملالي. وأثبت السيد المالكي أنه متميز في إشاعة سياسة التفريق سواء المذهبي أو السياسي وبأن رضي مرجعيته فقط هي مبتغاه. فتم توجيه اتهامات مسيسة لنائبه طارق الهاشمي وأُصدرت بحقه عدة أحكام بالإعدام وتخاصم مع حلفائه الأكراد وتأزمت الأمور بينهم إلى أن وصلت إلى شفير الحرب. والحديث عن الطائفية في زمن حكم السيد المالكي فحدث ولا حرج فقد شملت كل مفاصل الدولة العراقية من وزارت، وجيش وشرطة. وأصبح الأمر جلياً بأن هدف السيد المالكي هو تمكين الطائفة الشيعية في كل مفاصل الدولة العراقية. مهمة من إفرازاتها المشاهدة في الواقع العراقي بأن الكثير من السنة اضطروا إلى تغيير أسمائهم حتى لا يكونون وعوائلهم هدفاً للإقصاء أو القتل على الهوية. ويُشاهد ذلك من خلال الإعلانات المنشورة بشكل يومي في إعلانات الصحف العراقية عن عائلات غيرت أسماء أفرادها خوفاً عليهم من المجهول والإقصاء وربما القل. ومن المفارقات أن ما يحدث في العراق من سيناريو تشيع المجتمع هو نفس ما تم تطبيقه في إيران في منطقة الأحواز ذات الغالبية السنية، والذي غير اسم المنطقة باسم فارسي هو خوزستان.

وبالنسبة للسكان فمن لم يغير اسمه ذا الدلالة السنية طوعاً فرض عليه ذلك بالعنوة. وفي نفس السياق ومن عجائب ما يشاهده المرء في عالم السياسة هو ما جاء على لسان وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد/ علي أكبر صالحي وبلسان عربي مبين خلال مؤتمر صحفي له عقد على هامش زيارته للقاهرة حيث صرح خلال المؤتمر بأنه يستغرب من مما يحدث من توتر طائفي في العراق فسنة وشيعة العراق أخوة وبينهم نسب حيث تجد في العائلة الواحدة من هو سني ومن هو شيعي. ولقد صدق السيد صالحي فيما أورده ولكنه لم يكمل الحكاية وبأن من أشاع الطائفية والمذهبية هو التدخل الإيراني في كل شئون الدولة العراقية، تدخلاً لم يبق ولم يذر، ثم جاء في مؤتمره الصحفي في القاهرة ليذرف دموع التماسيح على قضية كانت ومازالت بلاده هي عرابها. وهنا تكمن مشكلة الساسة الإيرانيين والتي يبدو أنهم يظنون أنفسهم بارعين في المناورة والاستغفال عند مخاطبتهم للعقول العربية، فهم يراهنون بأن العرب لديهم ذاكرة سمكة وينسون مع الوقت الإساءات ويقلبون الصفحات كونهم عاطفيين. ولعل في هذا جزءاً من الحقيقة ولكن ومع اتضاح وبشكل جلي أن ملالي قم الذراع الديني والأيدلوجي للثورة الإيرانية وملالي طهران الذراع السياسي للثورة لن يكلوا أو يملوا من محاولة تصدير ثورتهم إلى كل دول المنطقة طال الزمن أو قصر وبكل الوسائل، فقد انتبه أهل المنطقة لهذه الحقيقة التي أصبحت ثابتة لا غبار عليها كالشمس في رابعة النهار فُحسن النية الذي كان لإيران ولى إلى غير رجعة.

حكم السيد المالكي الدولة العراقية لفترتين وهو الآن في فترته الثانية والتي بدأت في 25 نوفمبر 2010، ولم ير فيها جُل العراقيين سوى الإقصاء والتهميش رهن فيها البلاد والعباد لإملاءات طهران التي تصر على فرض نفوذها في كل ما يخص الشأن العراقي ووجدت في السيد/ المالكي كنزاً سحرياً لتنفيذ رغباتها. وقد يقول قائل إن فيما ذُكر تجنٍ وقسوة على السيد/ المالكي ولكنه يُحال لما وصف به السيد المالكي نفسه حيث صرح في أحد المناسبات بالتالي” أولاً أنا شيعي، وثانياً أنا عراقي، وثالثاً أنا عربي، ورابعاً أنا عضو في حزب الدعوة”. وللقارئ أن يستنتج من فحوى ما صرح به السيد/ المالكي في وصفه لنفسه وليُقيس على ذلك ما يجري الآن في أرض الرافدين من أحداث!!!

Alfal1@ hotmail.com
باحث اعلامي

المالكي والرهان الخاسر
د. محمد بن يحيى الفال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة