ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 18/01/2013 Issue 14722 14722 الجمعة 06 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

التوصيات الاقتصادية حبيسة التعاون السطحي في مجالات غير إستراتيجية
تطلعات عربية للخروج بنموذج تنموي حقيقي من «قمة الرياض» يُجابه التحديات الراهنة

رجوع

الجزيرة - د. حسن الشقطي:

تشهد مدينة الرياض حالياً الأعمال التحضيرية للدورة الثالثة للقمة الاقتصادية العربية المرتقب انعقادها خلال يومي 21-22 يناير الجاري، وهي القمة الاقتصادية الثالثة بعد قمتي شرم الشيخ السابقة في 19 يناير 2011م، وقمة الكويت 19-20 يناير 2009م .. إلا أن المراقب ليلحظ تغييرات جوهرية حلّت على المنطقة العربية خلال العام الأخير (2011 - 2012م)، أبرزها حركة الربيع العربي التي غيَّرت أنظمة سياسية قائمة وأبدلتها بأنظمة جديدة.

ولعل القمة الاقتصادية السابقة (قمة شرم الشيخ) جاءت في ظل الفترة الانتقالية لحركة الربيع العربي، إلا أنها سايرت الوضع القديم في العمل والتوصيات بنفس آليات العمل العربي المشترك، لأن التغييرات في أنظمة دول الربيع العربي لم تكن واضحة بعد.

الآن تأتي هذه القمة الجديدة في ظل انتهاء التغييرات السياسية في عدد من الدول العربية، واستمرار حالة الاضطراب في البعض الآخر.. أي أن هذه القمة تأتي في ظروف استثنائية ليس اقتصادياً فقط، ولكن حتى على المستوى السياسي.

الإعلان الضعيف لقمة شرم الشيخ الاقتصادية السابقة

إن النظر لإعلان شرم الشيخ يبدو خاوياً من آليات العمل العربي المشترك الحقيقي، وذلك أمر متوقع نظرا لطبيعة الفترة الانتقالية.. حيث سيطرت مفاهيم التعاون اللفظي والشراكة غير الواضحة على التعاون العربي، فالإعلان لم يخرج عن كونه توصيات للنظر أو مفاهيم للدراسة أو تطلعات للارتقاء، دونما إقرار أي آليات عمل تنفيذية واضحة.. أكثر من ذلك، فإن إعلان شرم الشيخ ركَّز على أمورٍ اقتصادية هامشية أو ليست أساسية، مثل «الإستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث»، وإستراتيجية الأمن المائي العربي»، و»مخطط الربط البري»، ورصد سياسات لاستغلال الطاقة المتجددة، مثل الرياح والشمسية وغيرها.. فهل يعقل أن اقتصاديات عربية كانت مضطربة أو مجمدة تماماً في فترة الربيع العربي، وإعلان القمة يركز توصياته على الأمن المائي ومخططات الربط البري؟.. وبلا شك أن هذه المجالات تُمثّل أهمية وضرورات للعمل العربي المشترك، ولكن من المؤكد أن هناك مجالات وجوانب أخرى أكثر أهمية وإلحاحاً على العمل العربي المشترك، وبخاصة في ظل التطورات السياسية الداخلية بالمنطقة العربية.

اختلاف جذري في تطلعات الشعوب العربية

بلا شك أن هناك تغيرات واضحة في تطلعات الشعوب العربية الآن، والتي اختلفت نظرتها لهذه القمم، ولم تعد تراها (كما في الماضي) مجرد لقاءات بروتوكولية يحظى فيها المجتمعون بالدعم والتأييد بصرف النظر عن مضمون القرارات أو مخرجات هذه القمم.. إن عبارات «توحيد الرؤى» لم تعد كافية! إن سقف التطلعات اختلف جذرياً في 2013م عنه في 2011م، وهذه القمة يمكن أن ينالها الانتقاد لو اكتفت بالخروج بقرارات أو توصيات هلامية أو استهداف مجالات اقتصادية خارج نطاق التركيز في تطلعات الشعوب.. ولسان الحال يقول ويؤكد على أن سقف التطلعات العربية قد ارتفع كثيراً عن سابقه، ولم يعد يقبل الألوان الرمادية، بل إن نقاشات المنتدى الاقتصادي العربي المنعقد أثناء كتابة هذه السطور إنما تدل على طفرة غير مسبوقة في طريقة طرح القضايا وانتقاد الواقع، والسعي بكل جد لتغييره في دلالات واقعية عن تغييرات في الفكر العربي، راغبة في الميل إلى الإمساك بمخرجات قادرة على تحسين الواقع العربي.

ولعل الربيع العربي وما آلت إليه دوله، يُمثِّل في حد ذاته تحدياً أمام القمة الاقتصادية المرتقبة، لأن هذا الربيع وكذلك التحديات الاقتصادية العالمية التي تحيط بالمنطقة تضع هذه القمة على المحك.. هل هي على قدر التحديات؟.. وهل هي قادرة على مجابهة والخوض في نقاش فاعل للقضايا الاقتصادية العربية الراهنة؟

قمة الرياض.. والتحديات

يُمكن مجازاً تقسيم دول المنطقة العربية حالياً إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: دول الخليج العربي، وهذه تُعتبر خارج نطاق المشكلات الاقتصادية المُلحة، وإن كان بها قضايا اجتماعية مرتبطة بالواقع الاقتصادي تتطلب حلولاً.

القسم الثاني: دول الربيع العربي، وهي الدول التي تغيرت بها أنظمة الحكم، أو التي لا تزال مستمرة اضطراباتها السياسية، وهي دول تمر بظروف اقتصادية صعبة للغاية، وتحتاج إلى مساعدات اقتصادية عاجلة، قد لا تكون القرارات التقليدية لتوصيات العمل المشترك كافية لتلبية تطلعاتها.

القسم الثالث: الدول العربية الفقيرة، وهي دول تعاني من مشكلات اقتصادية عميقة تحتاج إلى وضع برامج حقيقية للمساعدة والإعانة.

إن هذه القمة قد لا يكون بإمكاننا حصر القضايا والمشكلات الاقتصادية التي ينبغي أن تناقشها وإيجاد حلول لها.. فالأمن الغذائي على المحك في ضوء تغيرات المناخ، وفي ضوء التضخم الاقتصادي العالمي، وفي ضوء الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها بعض الدول العربية.

تحديات الوطن العربي الاقتصادية في 2013م

يُمكن تشخيص التحديات الاقتصادية التي تُواجه الدول العربية فيما يلي:

أولاً: النمو المستمر والمتواصل في السكان: فقد ارتفع عدد سكان الوطن العربي من 128 مليون نسمة في عام 1970 إلى 268 مليون نسمة في 2011.

ثانياً: تدهور المستوى المعيشي: حيث يُعاني الوطن العربي حالياً من تدهور معيشي غير مسبوق، وللأسف الكل أصبح لا يركز على هذا المضمون أولاً، فمتوسط دخل الفرد من الناتج لا يزيد بالدول العربية في عام 2010م عن 5704 دولارات، مقابل 36373 دولاراً بمنطقة اليورو، بل حتى إن متوسط الدخل العربي يقل عن المتوسط العالمي الذي يصل إلى 9166 دولاراً، إنها مشكلة كبرى أن تصل مستويات المعيشة للفرد إلى هذا التدهور، حتى إنها أقل من المتوسط العالمي، الأمر الذي أدى إلى تزايد معدلات الفقر في كثير من الدول العربية.

ثالثاً: تدني مستوى البنية التحتية في كثير من البلدان العربية، مثل الطرق، المياه، الكهرباء، وسائل الاتصال.

رابعاً: سوء استغلال الموارد العربية عموماً، وبخاصة الزراعية منها، بل إن الهدر الكبير لها جعلنا نتحدث عن مشكلة تصحر حالياً.

خامساً: ظهور بوادر مشكلة أمن غذائي حقيقي، تتزايد من سنة لأخرى، في ضوء تدهور الزراعة العربية.

سادساً: تدهور تصنيعي: توجد صناعة بالوطن العربي ولكن لا يوجد تصنيع، فالقيمة المضافة للتصنيع لا تزيد عن 12% من الناتج، في حين أنها تصل إلى 16% بمنطقة اليورو.

سابعاً: تدهور الرعاية الصحية: حيث يصل معدل أسرَّة المستشفيات لكل 1000 من السكان إلى سريرين، مقابل 6 أسرّة بمنطقة اليورو، ونحو 3 أسرّة كمتوسط عالمي، وهذه مشكلة كبرى، بل إن نصيب الفرد من الإنفاق الصحي بالوطن العربي لا يزيد عن 252 دولاراً، مقابل 3969 دولاراً بمنطقة اليورو، ونحو 950 دولاراً كمتوسط عالمي.

ثامناً: الفساد وتدني مستوى الحوكمة بالمؤسسات.

تاسعاً: تزايد المديونية الخارجية وأعباؤها.

عاشراً: تواضع حجم التجارة العربية البينية وتواضع حجم الاستثمارات المحلية.

حادي عشر: هجرة وتوطن رؤوس الأموال والكفاءات العربية إلى الخارج.

ثاني عشر: تصاعد معدلات البطالة: وارتفاع مستوياتها بين النساء حيث تصل إلى 18%، مقابل نسبة لا تزيد عن 10% بمنطقة اليورو.

ثالث عشر: تصاعد معدلات التضخم.

فهل القمة الاقتصادية المرتقبة قادرة على التعامل مع بعض من هذه التحديات؟.. وهل هي قادرة على طرحها للنقاش؟ هل يُمكن أن تخرج بنموذج عربي تنموي حقيقي وفاعل وقابل للتطبيق؟

- مستشار اقتصادي

Dr.hasanamin@yahoo.com

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة