ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 21/01/2013 Issue 14725 14725 الأثنين 09 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

يفترض أن العالم منذ سويعات يراقب كيف أنهى الرئيس الأمريكي أوباما خطاب تنصيبه في مرحلة تبدو بها أمريكا متراجعة استراتيجياً واقتصادياً وتئن تحت وطاة الأزمة المالية الحادة فيما شرائح الطبقة الوسطى تبدو مهددة بالانحدار بدلاً من الرقي كما يعدها الحلم الأمريكي..

في عام 2006 كتب أوباما حين كان سيناتورا مذكرة “جرأة الأمل”: أفكار حول استعادة الحلم الأميركي.. هذه الأفكار هي التي ساعدته في تأسيس سمعته البراقة وصعود نجمه، لكن الآن “يبدو الحلم الأمريكي ناجحاً في أوربا وليس في أمريكا” على حد تعبير الكاتب الأمريكي فريد زكريا؛ رغم أنه منذ القرن التاسع عشر وهذا الحلم يراود العقول في كثير من بلدان العالم خاصة الأوربية، حتى أن بعض الحكومات الأوربية آنذاك حذرت من أن أفضل شبابها يهاجرون إلى أمريكا يطاردون الحلم الأمريكي.

هذا الحلم يضم مجموعة من المثل العليا المرتكزة على الحرية في أرض الفرص لتحقيق النجاح والازدهار والرقي الاجتماعي الذي يتكافأ الجميع في إمكانية تحقيقه بشرط واحد وهو: العمل الدؤوب. لكن رغم أن معدل ساعات العمل للفرد الأمريكي تعد من الأعلى عالمياً، فلا تزال الأزمة قائمة، ليبدو الحلم الأمريكي كما يقول جورج كارلين متندرا: “يسمونه الحلم الأمريكي لأنه ينبغي أن تكون نائماً لتصدقه!” فكيف وصلت أمريكا إلى هذه الحال؟

ثمة شبه إجماع في أمريكا بأن قرار الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بغزو العراق كان خطأ فادحا فضلاً عن أنه غير شرعي دولياً، لكن بوش كان يحلو له القول رداً على هذا النقد: إنه عندما يُكتب التاريخ الحقيقي لإدارتي لن أكون على قيد الحياة! الحجة هنا أن الحكم الفعلي لا يظهر سريعاً بل لاحقاً عندما تخف حدة الآراء العاطفية أو المنحازة، وعندما تظهر الآثار الفعلية لهذا القرار.

ثمة أيضا قرار قبله لا تزال تدفع أمريكا فاتورته وهو غزو أفغانستان وإن كان يعتبر شرعيا لأنه تم بموافقة أممية. فاتورتان باهظتان تأتيان لسلسلة متراكمة من التدخلات العسكرية الأمريكية على مدى نصف قرن، بينما الدول المنافسة لها اقتصاديا لم تتكبد عناء هذه التكاليف.

يقول آين بريمير (مستشار سياسي اقتصادي) إن القوة الأميركية خلال نصف قرن اعتمدت على جيش قوي وسوق هائلة، فأحدهما يمكنه العقاب والآخر يمكنه المكافأة، لكن بينما حافظت على مكانتها في الأول، فإن بقية العالم أصبح أقل اهتماما به متوسعة في قوتها الاقتصادية.

ومنذ سنوات يلقي الزعماء الأمريكان اللوم على الاحتكار النقدي الصيني، فقد ظلت أسواق الصين موصدة نسبياً في وجه البضائع الأميركية، بينما تغمر المنتجات الصينية الرخيصة أسواق الولايات المتحدة.

وقد حققت بكين فوائض تجارية ضخمة بالمضاربة في عملتها والإخلال بالمعايير الأساسية للعمل والبيئة، وفقا للصحيفة واشنطن تايمز.

وتزعم هذه الصحيفة اليمينية أن من أسباب صعود الصين هو تبنيها لنظام رأسمالية الدولة مدفوعا بنزعة قومية شرسة، وهي منهمكة في بناء منظومة عسكرية عظيمة الشأن. فالصين تطالب بضم تايوان وجزر متنازع عليها مع اليابان والفلبين وفيتنام. والهدف من ذلك واضح -كما ترى الصحيفة- وهو طرد الولايات المتحدة من منطقة المحيط الهادي في طريقها لكي تصبح “عملاقا متسلطا”.

وكان من جراء ذلك أن تضاعف الإنتاج الصناعي للصين، وبات اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في العالم ولا يزال في طور النمو لكي تصبح القوة الأولى بلا منازع.

لذا يطالب الزعماء الأمريكان الصين بتعديل سياستها النقدية.. وهنا يعلق بريمير بأنه كان من الأولى أن يركز رؤساء أمريكا على تحفيز الاقتصاد الأمريكي وتحسين فرص العمل بدلاً من إلقاء اللوم على الصين، فلسنين طويلة والصينيون يدرسون الاقتصاد الأمريكي للحاق بنا، الآن حان الدور علينا لندرس الاقتصاد الصيني للحاق بهم.

أما أستاذ القانون بجامعة جورج تاون وارن دين، فقد أغاظته مقولة بوش بأن التاريخ الحقيقي سيكتب بعد زمان.. ويرى أنه من غير المؤكد ما إذا كانت تلك المقولة صحيحة في هذا العصر الإلكتروني. فالشيء الصحيح -يقول الكاتب- هو أن الرئيس الذي يترك لمن سيخلفه أموراً غير منجزة كحرب أو حربين مثلا، يتعرض لاحتمال أن يُكتب تاريخ رئاسته بأسرع مما كان يظن، وأن من سيكتبه هم أولئك الذين أخذوا على عاتقهم إنجاز تلك الأعمال غير المكتملة.

“قد تظن أن الرئيس أوباما سيستوعب ذلك بوضوح تام، لكنه يرتكب ذات الخطأ، فتاريخ إدارته سيُدَوَّن على الفور تقريبا، وربما يكون قيد التدوين الآن.. ذلك أن الرئيس مستغرق في إفلاس الدولة وترك الأمر لخليفته لإيجاد حل للمشكلة”.

السيد وارن ساخط من الرئيس السابق والرئيس الحالي أوباما فهما يرتكبان نفس الخطأ الفادح بترك بعض القضايا لخلفه كي يكمل إنجازها.. يقول: إن المسائل الاقتصادية الكبيرة التي سيتعين على الجيل القادم مواجهتها تتمثل في كيفية سداد التكاليف الباهظة التي تتكبدها الحكومة.

وليس ثمة ما يؤكد أن الجيل القادم سيكون قادراً على إيجاد حلول لتلك المسائل، فالرئيس أوباما سيخلف وراءه عندما تنقضي ولايته ديناً إجماليا عاما يناهز 20 تريليون دولار، أي ضعف الدين الذي ورثه عن سلفه تقريبا.

فأين الجيل القادم من كل ذلك؟ يتساءل الكاتب، ثم يجيب بأن الجيل المقبل لن يستطيع سداد الفوائد على ذلك الدين العام، وعلى مصروفات الحكومة، وتكاليف الأمن القومي.

وعندما يشب الجيل القادم عن الطوق سيرث بلدا مفلسا يعاني من ديون تبلغ 40 تريليون دولار أو يزيد، وعندها سيتحول الحلم الأميركي إلى كابوس مظلم كئيب، على حد وصفه. عندها سيكتب التاريخ القادم تاريخ تلك الإدارات، وسيكون “تاريخاً مجللاً بالخيانة وعدم المسؤولية”.

يمكن ملاحظة المبالغة في هذا الطرح وأشباهه، وهي من قبيل التحذير، رغم أن التقرير الذي أصدره مجلس المعلومات الوطنية في تحليله للاتجاهات الجيوسياسية خلال 15 إلى عشرين عاما التالية، يتوقع أن الصين ستتفوق على الولايات المتحدة باعتبارها العملاق الاقتصادي والعسكري الأول في العالم بحلول عام 2030 (الاتجاهات العالمية 2030: عوالم بديلة).. فهل لأرض الحرية وتكافؤ الفرص التي نبت بها الحلم الأمريكي متسع من الوقت لتصحيح المسار، أم أن هذا الحلم سينجح في الصين؟

alhebib@yahoo.com

نهاية الحلم الأمريكي!
د.عبد الرحمن الحبيب

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة