ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 21/01/2013 Issue 14725 14725 الأثنين 09 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لماذا سوريا تختلف عن ليبيا والعراق وعن أفغانستان، ولماذا لم تحرك الجثث في الشوارع وقبور الشهداء المشاعر الإنسانية في العالم كما حركتها الأعمال غير الإنسانية للقاعدة في مالي..، ولماذا يكون قدر الأرض العربية في سوريا أن تنزف دماً، والأطفال يموتون بسبب الأحوال السياسية وإرهاب الدولة، ومع ذلك لا يفعلون شيئاً، ذلك دليل من الأدلة العديدة التي تبرهن كل يوم، وعلى الأقل لي شخصياً، أن هذا العالم لا تحكمه النبل والمشاعر الإنسانية، ولكن تحكمه المصالح والحسابات السياسية، ودليل آخر أن السياسي في هذا العالم هو مجرد منافق وكذاب متكبر يتحدث في المناسبات بأنبل الإحساس، ويفعل في الظلام أبشع الجرائم.

ما يجري في الأرض العربية السورية لم يكن حسب وجهة نظري اختلافاً سياسياً دولياً حول الحل في سوريا، بل اتفاقاًِ تم التفاهم عليه بعناية فائقة بين أعضاء المجتمع الدولي، والحل المتفق عليه بين الأطراف الدولية هو عدم انتصار الثورة ضد إرهاب الدولة، لأن في ذلك حسابات سياسية منها أن لا يصل إلى الحكم تيار إسلامي أو تيار مضاد لمصالح الغرب في المنطقة، وفي ذلك تهديد لأمن إسرائيل، أو ربما لأسباب أخرى أجهلها، ويتضح الأمر في غياب المساعدات العسكرية للثوار تحت حجج واهية منها الخوف من الإرهابين أن يصلوا للحكم..، أو حتى في فرض حل سياسي يؤدي إلى وقف النزيف على الأرض.

أصبح الإرهاب الإسلامي مثل الفزاعة أمام الحلول السلمية أو القطعية لأزمة طال أمدها، ولكن هل موت الأطفال والنساء ليس إرهاباً، وهل أصبح التحرك الدولي مشلولاً أمام الجرائم الإنسانية إذا لم يكن خلفها إرهاب إسلامي..، يظهر هذا الموقف في سوريا وغيرها، فعشرات الآلاف من الأبرياء تم إعدامهم بدم بارد من خلال إرهاب الدولة، ومع ذلك لم تتحرك المشاعر الإنسانية في المجتمع الدولي تجاه الجناة، وهو ما يعني بالنسبة لي أن إرهاب الدولة جائز في القانون الدولي، وما حدث في ليبيا كان استثناء فرضته المصالح الاقتصادية كما هو الحال أيضاً في قضية غزو العراق لدولة الكويت.

ما يجري الآن، وحسب قراءتي المتواضعة، هو أن الإرهاب الإسلامي الحالي ليس إرهاب دول، ولكن أشبه بحركات قطاع الطرق في العالم القديم أي في حكم الخارجين عن القانون الدولي، وما يحدث في سوريا وفلسطين وأفغانستان وميانمار يدخل في سلوك إرهاب الدولة، والذي حدث لا يدخل في الجرائم ضد الإنسانية، وربما يعتبره المجتمع الدولي مقبولاً في تقاليده السياسية، والسبب أن الولايات المتحدة لديها تاريخ حافل في إرهاب الدولة، في أحداث العراق، وقبلها في فيتنام والصومال، كذلك يحفل تاريخ روسيا بأبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث.

الحقيقه المرة التي نحاول عدم مواجهتها أن العالم تحت الوصاية الجديدة فيما يُطلق عليه بالمجتمع الدولي لا يتحرك إنسانياً إلا من خلال قناة واحدة، وهي محاربة الإرهاب الإسلامي، والدليل سرعة التحرك في مواجهة فلول القاعدة في مالي، وقبلها في اليمن وأفغانستان، ولكن حين يتعرض الآلاف من المسلمين بميانمار لعملية تطهير عرقي ممنهج في نطاق الجرائم ضد الإنسانية لم يحركوا ساكناً ضد الجناة، ويستمر الصمت وكأن شيئاً لم يحدث،.. يا سادة العالم الغربي وقف دول العالم الإسلامي معكم في حروبكم ضد الإرهاب الديني على أراضيه، وفتحوا لكم خزائنهم المعلوماتية عن مواطنيهم، لكنكم خذلتوهم في أبسط حقوق الإنسان في سوريا وفلسطين وميانمار.

ما يجري الآن من عدم تقدير للموقف الإنساني في سوريا يزيد من حالة الغضب، ويشعل وتيرة التطرف بين الشباب الجدد، ويزيد الإرهابيين الإسلاميين إصراراً للوصول إلى عضوية المجتمع الدولي، وإن حدث وانتصرت الثورة في سوريا بعد زمن طويل، وبدون مساعدات إنسانية من الغرب، قد يصل الإرهابيون إلى الحكم فيها، وعندها يُصبح لقطاع الطرق الجدد صوت في المجتمع الدولي، ويصبحون عضواً رسمياً في المجتمع الدولي لإرهاب الدولة.

بين الكلمات
لماذا لا يتحرك المجتمع الدولي ضد إرهاب الدول؟
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة